Culture Magazine Thursday  06/09/2012 G Issue 378
فضاءات
الخميس 19 ,شوال 1433   العدد  378
 
ثقافتك من نظرتك
عمار باطويل

 

كل شخص ينظر إلى البلد الذي يزوره أو يعيش فيه بمنظوره الخاص أو ثقافته الخاصة، فأمريكا مثلا من ينظر إليها بأنها بلد الحريات والديمقراطية، والآخر ببلد السياحة والترفيه عن النفس وأرض الطيش و(الفله) على طول الوقت وكل شخص له نظرته الخاصة، ولكن في أمريكا الناس تعيش في نظام في البيت أو الشارع أو المرافق الأخرى- شعب طور ذاته بذاته وربما ذهب البعض أن سبب هذا التقدم في أمريكا راجع للظلم الذي حل بهم من قتل في بعضهم البعض ومن العنصرية ضد الأعراق الأخرى وخاصة العنصرية ضد الزنوج إلى أن وجدوا لهم دستورا يتساوي فيه الكل والخلاص كان من الفوضى التي عاشتها أمريكا في الدستور الصارم الذي يتبعه الكل ولو كان هناك من يحمل العنصرية لجنس آخر تجده يخفيه ولا يبوح به خوفاً من العقوبة التي تنتظره. فنحن العرب لا خلاص لنا من الفوضى والمهزلة التي نعيشها إلا بدستور يطبق على الصغير والكبير وإن لم نجد دستور أو نظام لتنظيم حياتنا من التراشق يوماً بكلمات عنصرية لأصبحنا كما نحن - حياة يسودها الفوضى والتباغض والدجل والنصب على خلق الله. التهذيب في السلوك هو الذي يرقى بالأمم-فأمريكا الآن أنموذجا في السلوك في كل مكان. هل الشعب الأمريكي كله يقرأ أو بالأصح هل يوجد لكل عائلة أو شخص مكتبة خاصة في البيت فالذي شاهدته هناك خلاف ما يعتقد البعض من الناس فالشعب الأمريكي كبقية الشعوب فيه من يقرأ والبعض يبغض القراءة وقد عشت مع عائلة مكونة من أب وأم وابنين والذي أتذكره أن هذه العائلة لا توجد لديهم مكتبه ومما لاحظته انشغال الأب يوميا خارج البيت للعمل في السوبر ماركت الخاص بهم والأم تدير العمل في البيت وتكتب المستندات والأوراق وتخزن معلومات خاصة بالعمل يومياً-القراءة لا تشغل تلك العائلة وهم أغنياء ولكن متواضعين جدا وسيارتهم متواضعة جدا أكلهم خالي من التبذير ومما أتذكره حين وصولي وعيشي معهم لمدة السبعة شهور تقريباً كانوا يقدمون لي وجبة العشاء عبارة عن لقمة رز ورجل دجاج وسلطة أقل من خمس معالق وكاسة بيبسي وبعد الوجبة بعدة ساعات أشعر بجوع وكنت أتسلل في الليل عندما أشعر بأنهم ناموا إلى المطبخ واخطف لي موزة مثل القرد تماما-والشخص الآخر الذي سكنت معه لمدة ثلاثة أو أربعة شهور اسمه Tim (تٍم) وهذا الشخص عند دخول بيته الكبير يلفت نظرك مكتبته المتوسطة الحجم القابعة في صدرية المجلس وكنت أراه من فترة إلى فترة أخرى يقرأ خلاف أخوه الذي لا يقرأ والثاني من إخوانه كان يزورهم من فترة إلى فترة أخرى وهو عائش في منطقة بعيدة على ما أعتقد في غابة كما قال لي- هذا النموذج من الأمريكان يوضح لنا بأن الشعب الأمريكي متفاوت في القراءة، ولكن هناك قوة عقلية تقود ذلك البلد بشعبه مما جعلهم صدارة الشعوب. فكل ماتريده في أمريكا تجده إلا الكبسات التي يحبها العرب وشيء آخر غير موجود ألا وهو (الاستحقار) فلا نجد من يستحقر الآخر خلاف نحن العرب نكره بعضنا البعض وكل ينظر بأنه هو الأفضل ونعيش حياة متناقضة خلاف ما حثه علينا القرآن الكريم. نحن بالعربي شعوب لا تطبق المفاهيم التي ينص عليها الدين الإسلامي. فالقراءة هي النافذة التي تجعلك تشرف إلى العالم من خلالها، وتنظر من خلالها إلى أفكار الناس وحياة المجتمعات وأنت قابع في بيتك وقد أحببت القراءة في أمريكا بل الأمريكان من جعلني أعشق هذه الهواية العظيمة وكانت انطلاقتي وحب القراءة من تلك الأرض والسبب ذلك الحب للقراءة يرجع لفئة من الشعب الأمريكي عندما أجده في مقاهي أمريكا مثل (الستار باكس) مثلا تجد هناك من يقرأ والآخر من يكتب وكنت أنزوي بذاتي وخاصة في الليل وأقرأ بعض المقالات في صحيفة US Today واعتقد أن هذه الجريدة أسلوبها شيق في الطرح ومن خلال هذه الصحيفة، كنت أتابع الشرق من الغرب بنظرة شرقية وربما بنظرة الإنسان العربي الذي يجد نفسه يوما ما يختلف في أشياء كثيرة مع الأمريكان في عاداتهم وتقاليدهم، فالأمريكي سريع في عمله وفي حركته وبطئ في قيادته للسيارة أما نحن عكس ذلك تماما، فتجدنا بطيئين في أعمالنا وغير مهتمين به وسريعين بقيادة السيارة ولا أعلم لماذا وما الصفة التي نطلقها على أنفسنا؟!

batawil@gmail.com جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة