Culture Magazine Thursday  06/12/2012 G Issue 388
أوراق
الخميس 22 ,محرم 1434   العدد  388
 
صدى الإبداع
استقبال الأدب الجزائري -3
د. سلطان القحطاني

 

تحدثنا في الحلقة الماضية - بإيجاز شديد عن قبول الأدب الشعبي، وأخبار المجاهدين الجزائريين، وما تركته تلك الأخبار في نفوس عامة العرب وخاصة في المملكة والخليج، ولم يكن الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية قد أخذ حقه في الذاكرة الثقافية، وبعد أن تم التواصل بين بلاد المغرب العربي والجزيرة العربية في زمن الفضائيات والأنترنت، ومعارض الكتب، تحسن المستوى إلى حد كبير، فعلى المستوى الثقافي كان استقبال الأدب الجزائري في الجزيرة العربية، وبالأخص في الحجاز التي لم تنقطع عن العالم العربي الإسلامي بسبب وجود الحرمين الشريفين فيها وتوافد العلماء إليها، حجاجا ومهاجرين، منهم من رجع ومنهم من بقي واستوطن، من جميع أنحاء العالم، وهناك اسر أقاموا في الحجاز منذ القدم، ومنهم الدكتور محمد العيد الخطراوي، وأسرته، وغيرهم 1 وقد كتب كثير من الحجاج والرحالة مذكراتهم في الحج عن الجزيرة العربية، ومنهم العالم المغربي، محمد أحمد داوود 2 وكان تلقي الأدب الجزائري في البدايات تقليديا، يعتمد على الحديث الشفوي، وأخبار العلماء، والمذاهب في الحرمين الشريفين، والمسامرات الأدبية، حتى قامت الثورة واهتم المجتمع الثقافي بأخبارها، وكان وجود أحمد رضا حوحو، وترجماته عن الأدب الفرنسي مثار جدل، وخلاف بين دارسي الأدب في تصنيفه، فمنهم من نسبه إلى أدباء الحجاز، ومنهم من نسبه إلى أدباء الجزائر 3 وكتب حوحو روايته الوحيدة قبل سفره إلى الجزائر ليلتحق بالمجاهدين، حيث قررالعودة والاستقرار في السعودية، وفي الطريق قتل بأيد آثمه 4 وبرحيل حوحو تطوى الصفحة الأولى عن الأدب الجزائري الحديث، حيث لم يقدم الكتاب والأساتذة الجزائريون شيئاً عن أدب الجزائر، ولم يتردد أكثر من خطب العلماء الثوار، عبد القادر الجزائري، صاحب ثورة الريف، وبن باديس، والبشير الإبراهيمي، وغيرهم من العلماء الذين تصل أخبارهم ومقالاتهم والحديث عنهم، كمجاهدين، وهذا كان الجزء الأول من الأدب الحزائري، وهو جزء شحيح.

أما الجزء الثاني من استقبال الأدب الجزائري لدى فئة المثقفين والنقاد والدارسين، فلم يكن ذا بال قبل العقد الأخير من القرن العشرين، بصورة جدية، لكن تبقى الإشكالية قائمة عندما يبدأ الدارس لهذا الأدب، فنجد كل المثقفين يعرفون أسماء المشاهير من كتاب الرواية، لكن القليل منهم من يعرف العمل الذي أنتجه هذا الكاتب أو ذاك، باستثناء الذين يتكلمون الفرنسية، ومعظمهم قرأ العمل في فرنسا، وهم قلة.ومن الاستطلاع الذي قمت به على طبقة المثقفين والمهتمين بالأدب اتضح أن الكتابة باللغة الفرنسية انتهى مفعولها بالنسبة للكاتب الجزائري،وبدأ عهد الكتابة باللغة العربية، ولم يعد الهدف الذي كتب به الكتاب في فترة السبعينيات إلى نهاية الثمانينيات صالحا للاستعمال في الوقت الحاضر، لأن اللغة العربية أصبحت قادرة على إيصال المعلومة التي كان الكاتب يبحث عن وسيلة يوصل بها فكرته، ولم تعد الرواية مقصورة على النخب المثقفة، ومن النقاش الذي دار حول الكتابة بالفرنسية، والذي كان يؤدي غرضين في آن واحد: (سهولة الكتابة بالفرنسية، وسهولة وصولها إلى المتلقي) أصبح أحادي الاتجاه (من الشعب إلى الشعب- بلغة الشعب- ومصطلحات الشعب)، وحول ما إذا كان الكاتب الجزائري العربي، كتب بالفرنسية لغة وتفكيرا، أوبلغة فقط، أجاب معظم المستطلعين، أن الكاتب الجزائري كتب باللغة الفرنسية فقط، أما الفكرة فعربية جزائرية، وضربوا أمثلة من نصوص، محمد ديب، وكاتب ياسين، وآسيا جبار، وغيرهم، بأن المفردات عربية جزائرية، والفكرة جزائرية، واللغة كانت ضرورة،وضربوا أمثلة حول الأعمال التي كتبت بالفرنسية، ثم ترجمت إلى العربية ولم تختلف في مضمونها، وما السبب في تقصيرهم في قراءة الرواية الجزائرية؟؟ أجاب بعضهم محملا الإعلام الجزائري ودور النشر مسئولية ذلك التقصير والبراءة منه.ولنا حديث في الحلقة القادمة عن الأكاديمية.

1- من لقاء بيننا قبل وفاته هذا العام.

2- مذكرات الأستاذ محمد بن أحمد داوود (على رأس الأربعين) المغرب2001م.

3- عبد الله ركيبي (القصة القصيرة في الجزائر) القاهرة

4- انظر، الدكتور سلطان بن سعد القحطاني (الرواية في المملكة العربية السعودية، نشأتها وتطورها) نادي القصيم الأدبي، ط2، 2009.

- الرياض
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7987 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة