Culture Magazine Thursday  08/03/2012 G Issue 366
ذاكرة
الخميس 15 ,ربيع الآخر 1433   العدد  366
 
عاش في عزلة ورحل بصمت.. الشيخ عبدالله الفالح في ذواكرهم
زميلي في الصف الثاني
عبد العزيز بن عبد الله الخويطر

 

فتحت المدرسة السعودية بعنيزة، في حوش صالح العلي، وهو أساساً حوش للبعارين، على جوانبه غرف استخدمت فصولاً دراسية، وبجانبها حوش آخر استعمل للسنة الأولى بفصليها، وقد قسم الطلاب الذين التحقوا بها زرافات ووحدانا، إلى ثلاثة أقسام:

- القسم الأول: أدخل فيه التلاميذ السنة الأولى التحضيرية، وهؤلاء هم الذين جاؤوا من الكتاتيب، ولم يقطعوا شوطاً في دراسة القرآن، وأذكر منهم أخي محمد، ومحمد العبد الرحمن الفريح، وعبد الله العبد العزيز النعيم، ولأن عددهم كثير وضعوا في فصلين اثنين.

- القسم الثاني: وهي السنة الثانية التحضيرية، وألحق بها من جاؤوا من الكتاتيب، وقد حفظوا القرآن نظراً، أو قطعوا فيه شوطاً في الكتَّاب مثلي، ومثل الأخ سليمان العبد العزيز الزامل، وعلي السيوفي، وعبد الله الصالح الفالح، وصالح العبد العزيز النعيم، وعبد الله اليحيا، وعبد الله العبد الرحمن الوابل، وصالح الزغيبي، وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن.

- القسم الثالث: وهي السنة الثالثة التحضيرية، وهي أعلى فصل في المدرسة، والذين التحقوا بها هم الذين كانوا قبل ذلك في مدرسة ابن صالح، وأذكر منهم عبد الرحمن العبد الله أبا الخيل، وعبد الله الحريقي، وعبد الله الشرقي، وعبد الرحمن الشرقي، وعبد الرحمن الصالح العليان، وعلي السليمان الحمدان، وكان يتعاقب على تدريسنا الأستاذ صالح، والشيخ سليمان الشبل -رحمهما الله-. وأذكر أن مشكلة برزت، بعد إنشاء المدرسة مباشرة، وهي كيف يُدخل الطلاب للفصول وكيف يُخرجون، ففي مكة، مثلاً، هناك الصفارة (الصُّفّيرا)، ولكن هذه غير مقبولة في نجد، لأن بعض المعترضين عليها أدخلوها في مدلول «المكاء» و»التصدية». وسرعان ما جاء الحل الملائم، باختيار ساعة منبه (خرّاشة)، تبرز من نافذة غرفة المدرسين في الطابق الثاني «فَتَرنّ»، فإن كان الطلاب خارج الفصول دخلوها، وإن كانوا داخلها خرجوا منها.

وكانت الغرف أساساً مصممة غرفاً يضع فيها الرعاة عُدد الجمال، وينام بعضهم فيها، فلا أبواب تفتح وتقفل، لأن الباب لا يعدو أن يكون فتحة في الجدار، والنافذة فتحة مثله، وللمرء أن يتصور حال الطلاب في الفصل في الشتاء، لا دفء لهم إلا أنفاسهم المتجمعة، وفيها كفاية لهم لكثرتهم، وتزاحمهم في الغرف الضيقة! وأفسح ما في المدرسة حوشها الذي يجتمع فيه الطلاب في الفسح، وفي الصباح استعداداً لإنشاد النشيد اليومي، وفي العصر بعد الصلاة لمجازاة من سجل عليه ذنب استحق بسببه أن يعاقب.

كانت مواد الدراسة سبعاً، يضاف إليها في كشف درجات الاختبار «السلوك والمواظبة» وكان لكل مادة عشر درجات، وكان أربعة منا يحصلون على الدرجة الكاملة «تسعين درجة»، لأن كل مادة لها عشر درجات، وقد احتاروا فيمن يضعونه رئيساً للفصل، فحلوا هذه المسألة باختيار أن يكون الترتيب حسب الحروف الهجائية، فصار سليمان الزامل هو الأول، وأنا الثاني، وعبد الله الفالح الثالث، والرابع علي السيوفي. وكان علي -رحمه الله- ذا صوت بديع في قراءة القرآن، مع بحّة جذابة، فإذا وصله «الدور» في القراءة أنصتنا، وكأن على رؤوسنا الطير، ووددنا أن يستمر فلا يسكت، وقد أثبتت الأيام أن عبدالله الصالح الفالح عبقري لا يُجارى، وظهرت عبقريته واضحة عندما التحق بمدرسة دار التوحيد في الطائف، فكان أعجوبة في الذكاء، وقوة الذاكرة، وسرعة التحصيل.

عن كتاب وسم على أديم الزمن «الجزء الاول»

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة