Culture Magazine Thursday  13/09/2012 G Issue 379
فضاءات
الخميس 26 ,شوال 1433   العدد  379
 
وِرْدُ الشَّام (*)
ياسر حجازي

 

لِشَامٍ شَرِيْعَتُهَا في الموَازِيْنِ حيْنَ تُقَلِّبُ في الليلِ مِنْ حَالِهَا؛ الطَّقسُ أَوشَكَ أَنْ يَتَبَدَّلَ بينَ دخُولِ المواسِمِ في السِّلْمِ، أَو أنّهُ القلبُ يا سادِنَ القلبِ غيَّرَ طَبْعَ الصَّبَاحِ، فأَيُّ مزاجٍ تَخَضّرَ بينَ الجراحِ وبينَ السِّلاحِ؛ وأيُّ مديحٍ يُقَبِّلُ كَفَّكَ حتَّى يتُوبَ عَنِ الفُقَراءِ العذَابُ، وأيُّ التلاواتِ نَبَّهْنَ رُوحِي إِلى عَدَنٍ مِنْ شَآمٍ،

وفي جُبَّةِ المدْحِ وَرْدٌ صَبُورٌ، ووِرْدٌ غفُورٌ

يُصَلّي على وَطَنٍ

تتأَرْجَحُ فيهِ الحياةُ غَرَامَا

لشَامٍ أسَاطِيْرُهَا حينَ تَنْتَفِضُ الأُمْنيَاتُ علَى وَجَعِ الأُمَّهَاتِ، يُخالِجْنَ شَوقاً شَقِيّاً؛

يُعَانِقُ في وَلَهٍ واجِدٍ سِدْرَةَ المُشْتَهَى

ويُكَلِّمُ في الغُصْنِ عُصْفَورةَ المُنْتَهَى

ليسَ مثلكِ -واللهِ- شامُ

فتِيْهِي على خُلَفَاءِ أُمَيّةَ،

تيْهِي على نَعَسٍ في النواحي، على مجلسِ الأَمْن والعرَبِ البائدَةْ

على أَبَوَيْكِ، على العُتْمَةِ السَّائِدَةْ

قراحُكِ عفّةُ أنهارِكِ الجارياتِ بأَمْرِكِ، مَا سِرُّ هَذَا الحضُورِ العَلِيّ

تعَالَي على سَاعَةِ الضِّيْقِ، تِيْهي على صَنَمٍ يتَهَاوَى

فمَا ضَلَّ مَنْ يَمَّمَ الوِرْدُ شَامَهْ

لشامٍ مَزَامِيرُهَا «مِيْجَنَا وعَتَابا»،

يَنِيْخُ لهَا القلبُ طوعاً غلابا

دبَكَ الوَجْدُ في الأرض ِكُوْفِيَّتَهُ:

لَمَّ فِي الليلِ مِنْ قِصَصِ الأَوَّلِينَ أَزَاهِيْرَهَا

دَكَّ وَرْدَتَهُ فِي سلالِ الشبابيكِ:

إنَّ اشْتِيَاقَ البَسَاتِيْنِ بقَلْبِ المسَاجِيْنِ خَتْمٌ مِنَ اللهِ:

أنَّ البلادَ إلى أَهْلِهَا

أَيْقَظَ الناسَ مِنْ غَفوهم،

هَزَّ طَاغيةً... إِيْه كُوْفِيَّةَ الليلِ مِنْ رَقَصَاتِ النَّشَامَى

لشامٍ عصافيْرُهَا، والضُحَى مَولَوِيٌّ ببالِ الدراويشِ، والمَسْبَحَاتُ يُنَقِّطْنَ شَهْداً وَيُنْبِئْنَ سادنَ قلبي مواقيتَهُ في الحلُولِ، وكيفَ يَؤُوْلُ وقوف الطُّلُولِ إلى عَدَنٍ تِهْ يَماماً بنَوْءِ أُميّةَ غازلَهَا السِّرْبُ، إنَّ رُوؤسَ المُريدينَ خَطْفاً بضاحيةِ الشَّوْقِ: (يا اللهُ..يا اللهُ)؛ وانْتَصَبَتْ خَيْمَةُ الغَيْبِ متَّكَأً، أيُّهَا الميِّتُ الحَيُّ تِهْ فِي عيُونِ البلادِ دَلالاً أَيَا أُمَّهَا وأبَاهَا معَاً، أَمَّكَ القَلْبُ غَيْباً فإنَّ بِكُوْفِيّةِ الحُرِّ مِنْ سُنَنِ النَّصْرِ شَاهدةً ودَعَامَةْ

لشَامٍ «نذَرْتُ عِيَالِي»: تقُولُ القُرَى، حِجَّةً تَفْتَدِي وَطناً لا يَهُونُ على أهلهِ.

أَرْضُهُ كُلُّهَا حَرَمٌ.

حَيَّ فيها النَّبِيُّوْنَ شَعْباً وطابَتْ على أهلِهَا مُسْتقَرّاً وللغُرَبَاءِ مُقَامَا

لشَامٍ أزَاهِيرُهَا عَرَبٌ تَرِدُ الأَبَدِيَّةَ مَأْخُوْذَةً في ميادِيْنِهَا، كُلّمَا فَزَّ في اليُتْمِ يَومٌ تَضُمُّهُ أُمُّهُ، سيِّدَةٌ؛ زَرَعَ اللهُ فيهَا نَعِيْمَ البلادِ، تُوزِّعهُ ياسميناً أميناً عَلَى دِيْنِهَا، وتُعَلِّمُ أَبْنَاءَهَا أَبْجَدِيَّاتِهَا فِي الوُجُودِ، وآياتِهَا في الخُلُودِ، وكَيْفَ تَكُونُ الأمُومَةُ رَوْحَ الإمَامَةْ

لشامٍ طُقُوسُ الموَالِيْنَ للعَيْدِ، والمُهتَدِيْنَ بِهَدْيِ مسَاجدِهَا وكنَائسِهَا، المُنْتَمِيْنَ لأَيّامِهِم نعمةً بالحَجِيْجِ وبالسَّائحِيْنَ تَخَطَّفَهُم دَهَشٌ في التَّكَايَا، يَجُوبُونَ تَارِيْخَهَا في شَوَارِعِهَا، أَذْهَلَتْهُم حِيْنَ تَمْشِي بِرَفْقَتِهِمْ شَطَحَاتُ القُصُورِ القَدِيْمَةِ والأَوْليَاءُ القُدَامَى

لشامٍ مواعِيدُهَا، وتقاليدُهَا، وموالِيْدُهَا؛ ذَهَبُ الأَبْجَدِيَّاتِ أُضْحِيَةٌ، شَوْفةٌ فِي الحضَارَاتِ لا ريْبَ فيها، شُرُوقٌ يَؤُمُّ البدايَاتِ، عُرْسُ الطبِيْعَةِ، أُبَّهَةُ البَلَلِ الشَّتَوِيِّ، مَجازُ المواسِمِ، فَوْضَى الكلامِ على طاولاتِ المقَاهِي، مناظرةُ الطيرِ للطيرِ بينَ انْشِغَالِ الغُرُوبِ وبينَ نُعاسِ الأَسِرَّةِ، عَافِيَةُ الرِّئَتَيْنِ، مُنَاغاةُ غيمٍ كَسُولٍ يُمارِسُ دَرْسَهُ فِي الدَّمْعِ، عِصْيَانُ رَائحةِ البُنِّ بينَ الشبَابِيْكِ، شَيْطَنَةُ الصِّبْيَةِ العَالِقِيْنَ بأَعْمَارهم، ضِحْكَةٌ في خُدُودِ الصَّغِيْرَاتِ، غَمّازةٌ بين خَدٍّ وشَامَةْ

لشامٍ عنَاقِيْدُهَا تَوْبَةُ الشَّارِبِيْنَ رِضَاهَا وَوَرْدُ أَبِيْهَا ورامَةُ قلبِهِ حِينَ يَئنُّ وحينَ يجنُّ، وكَرْمةُ روحِهِ..

كُرْمَى عِنَاقِ الخُزَامَى

لشامٍ تَؤُوْبُ على مركعِ التوبةِ المستقيمةِ أُمُّ الحدائقِ قُرْبَانَ غَوثٍ تصبّرَ غُفرانَ غيثٍ تأخَّرَ، يا سَادِنَ القلبِ: قلبي حِجَازُ الوُجُودِ، وشَامُ الوُجُودِ تعالَ قليلاً، لَعَلِّي أَرَاكَ بنَاصِيَةِ الطرقاتِ تَرُدُّ الرَّصَاصَ، فواللهِ، هَذَا القَتِيْلُ صَغِيراً: ومَ ا شَبِعَتْ مِنْ هَوَاهُ الحَيَاةُ فِطَامَا.

لشامٍ نَوَاطِيْرُهَا، والسنابلُ أَقْواسُ نَصْرٍ بحَيْلِ الذينَ يكدُّونَ في رَيِّهَا، واللواتِي على زِيِّهَا، قَدْ وَهَبْنَ صباحاتِهِنَّ سقايَةَ بَعْلٍ، سَدَانَةَ زَيْتُونَةٍ، زَيْتُهَا في الشآمِ اسْتَوَى، ضَوؤُهَا مِنْ تِهَامَةْ

لشامٍ أَوَابِدُهَا إِنْ تَنَسَّكَ بالوَجْدِ دَرْبٌ تَوَاجَدَ في مُرْتَضَاهُ الندامَى

لشامٍ مَعَابِدُهَا إِنْ تَعَمَّدَ بالرُّوْحِ زَيْتٌ مَشَى في المسيحِ المديحُ تَفِيْضُ بِهِ مُعْجِزَاتُ السَّلامَةْ

لشامٍ رِضَا ربِّهَا إنْ تَعَمَّرَ باللهِ قَلْبٌ تَعَلَّقَ فِي قدَمِيْهِ الصِّرَاطُ وطَابَتْ علَى مُشْتَهَاهُ القِيَامَةْ

* * *

طرابلس الشام، جدّة 2011-2012

(*) قُدّمت إلى مسابقة سوق عكاظ 2012-1433.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة