Culture Magazine Thursday  14/06/2012 G Issue 377
فضاءات
الخميس 24 ,رجب 1433   العدد  377
 
ذكرياتي معهم
د. حمد الزيد

 

الأديب علي حسن العبادي

رأيته لأول مرة في حياتي في الثمانينات الهجرية - الستينيات الميلادية في الطائف ومعي ابن خالي عبدالله وكنا نقف عند ركن بيت خالي بحي الشرقية وسني في ذلك الوقت حوالي الخامسة عشرة، وهو كما ظهر لي قد تجاوز الثلاثين، وكان يحمل بيده طفلته ويلبس الطاقم السعودي كاملاً - الغترة والعقال والبشت - ويعمل كما عرفت مدرساً في إحدى المدارس الابتدائية، فهو من مؤهلي التعليم القدامى من معهد المعلمين - النظام القديم - وهو بمثابة دبلوم متوسط يمنح في ثلاث سنوات لمن أكمل المرحلة الابتدائية ثم يدخل خريجوه للتعليم في المرحلة الابتدائية لحاجة المملكة الماسة للمعلمين في ذلك الوقت.

وبعد فترة رأيته بنفس الهيئة في مكتبة المعارف لصاحبها المرحوم: محمد سعيد كمال، وكان يكتب في جريدة الندوة زاوية باسم (أنابيش) ثم دارت الأيام والتحقت بالتعليم بالطائف مدرساً في دار التوحيد المتوسطة عام 1388هـ - 1969م وكنت أعلّم الاجتماعيات.

وعندما تداعينا إلى الاجتماع لتأسيس النادي الأدبي في مطابع الزايدي (جمادى الأولى عام 1395هـ - 1975م) كان العبادي من ضمن الحضور ويعمل وقتها مديراً للعزيزية الابتدائية، ويكتب كما أسلفت في الصحف مقالاته الأدبية ولا سيما في جريدة (الندوة) التي تصدر ولا تزال بمكة المكرمة، وفي هذا الاجتماع كلّف معي كمقرر للاجتماع، وأرسلنا برقية طلب التأسيس للرئاسة العامة لرعاية الشباب باسمينا ونيابة عن المجتمعين للأمير فيصل بن فهد (الرئيس العام) رحمه الله، وصدر ترخيص النادي بعد ما راجعته بالرياض باسمي واسم العبادي مما جعلني في أول اجتماع لمجلس الإدارة بمقر النادي المستأجر في قروى أقترح تعيينه نائباً لرئيس النادي.

وبعد سفري للولايات المتحدة في بعثة دراسية في شعبان 1396هـ وكان النادي قد قام على قدميه واشتهر بين الأندية الأدبية بل وأخذ المرتبة الأولى حينها، اقترحت عليّ إدارة الأندية الأدبية وكان رئيسها صديقنا الأديب: راشد الحمدان على إرسال خطاب للأمير فيصل أشعره فيه بذهابي للبعثة، وأطلب قبول استقالتي من النادي وتعيين العبادي محلي في الرئاسة وأرسلت بالفعل خطاباً بهذا المعنى، إلا أن الحمدان أبلغني بالهاتف شفوياً بأن الأمير أمر بتجميد الاستقالة على أن أبقى بالاسم رئيساً ويسيّر العبادي النادي باعتباره نائباً ثم كُلف بعد ذلك بالرئاسة، وهذا ما تم حتى حصول الانتخابات الأولى والأخيرة عام 1401هـ التي كانت مرتجلة وصُورية ولم يحضرها إلا نفر قليل جمعهم أحد الأعضاء للتصويت له! وحصلت اختلافات بل وخناقات بين الحضور القليل ولا سيما بين الصديقين: عبدالرحمن المعمر ومحمد الزايدي، وبعد تكهرب الجو طلب الأستاذ محمد سعيد كمال وهو أكبرنا سناً أن أتولى الرئاسة فرفضت متعللاً بأسباب كثيرة، وكنت لا أريد العودة لرئاسة النادي لأنه يكفيني شرف تأسيسه.

المهم أن اللجنة المكلفة بالإشراف على تشكيل مجلس الإدارة الجديد وهم الأساتذة: أحمد فرح عقيلان رئيس الأندية الأدبية برعاية الشباب بالرياض، وسعد عبدالواحد مدير التعليم بالطائف، ومحمد بن نمشان مدير مكتب رعاية الشباب بالطائف طلبوني لاجتماع مغلق في إحدى الغرف وتركوا الآخرين يتشاحنون ومتوترين! فاقترحت عليهم ما دمت لا أريد الرئاسة تثبيت العبادي فيها لأنه في رأيي الأفضل في المجموعة وقتها، وقبلوا بهذا الاقتراح فوراً وبدون مناقشة كما وضعنا الأستاذ كمال نائباً والشقحاء سكرتيرا (أميناً) للنادي وخرجنا متفقين وفي اليوم التالي دعانا العبادي لغداء في منزله وكانت المرة الأولى والأخيرة التي ندخل فيها بيته!

وعند تشكيل المجلس دخلت كعضو مجلس إدارة لمدة سنة تقريباً، وبعد ذهابي لجدة حل محلي ابن عمي الدكتور إبراهيم بعد رجوعه من البعثة، وظل العبادي بعد تعطيل الانتخابات يدير النادي، حتى الإطاحة بالحرس القديم عام 1426هـ! أي قرابة 30 عاماً!

ولا شك بأن الرجل له بعض الإيجابيات، والكثير من السلبيات في إدارته المذكورة، لا أريد أن أتحدث عنها، لأن علاقتي به ظلت قائمة منذ تأسيس النادي -وحتى الآن- على الاحترام المتبادل والمجاملة، مع أن الآخرين ومنهم الأعضاء شكوا منه كثيراً بل إنني أوقفت شكاية مكتوبة ضده للأمير فيصل بن فهد وهو لا يعلم!

وقد رد لي الجميل بنقد غير علمي لديوان شعر صغير صدر لي قبل سنوات، فهو يعتقد بأنه علاّمة في العروض وبحور الخليل ويختار مثل عناصر التحري أضعف القصائد أو الأبيات فينقدها! ويغفل الجيد وهو الأكثر، وهذا يقع فيه الكثير من النقاد بسوء نية أو بحسنها - لا فرق! كما أنه استفاد من النادي مادياً ومعنوياً فائدة كبيرة. وفيما بعد أنكر وجود صندوق لأدباء الطائف الذي أوجدته في النادي عام 1396هـ من فائض الميزانية، وصدور مطبوعات النادي منذ عام 1395هـ للتعتيم على فترة رئاستي للنادي، وقد دخل في صراعات ومشاحنات كثيرة مع منسوبي النادي من الأعضاء وغيرهم، ونفّر المرتادين للنادي، حتى خلا له الجو قبل الإطاحة به، وبغيره من رؤساء الأندية الأدبية، الذين استغلوها لمصالحهم الخاصة، ورغباتهم الشخصية، وفي ظني ومن واقع تجربتي في الأندية الأدبية، فإن الأدباء لا يصلحون للإدارة! وهم كالأطباء الذين يفشل معظمهم في إدارة المشافي؟!

بيروت

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة