Culture Magazine Thursday  19/04/2012 G Issue 370
فضاءات
الخميس 27 ,جمادى الاولى 1433   العدد  370
 
مداخلات لغوية
العربية ومواكبة العصر
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

مؤتمر اللغة العربية ومواكبة العصر واحد من أهم المؤتمرات التي عقدتها الجامعة الإسلامية بعد اتساع مجالات اهتماماتها. ولن أتحدث عن أهمية المؤتمر ولا قيمة الأبحاث المكتوبة؛ لأنّ ذلك حديث يطول وأمره ميسور لمن طلبه، ولكني أكتب عن مشاهدات شخصية رأيتها جديرة باطلاع القارئ الكريم.

وصلت أنا وزوجتي الدكتورة وسمية المنصور، ونحن مشاركان في المؤتمر، إلى مطار المدينة المنورة، وأخذتنا الحافلة إلى صالة التشريفات حيث كانت المفاجأة التي لم تكن في البال، تقدم إليّ رجل تتهلل أساريره بشرًا ورحب بي بأريحية بالغة: أهلا أبا أوس. وعرّف بنفسه: محمد العقلا.

معالي مدير الجامعة يستقبل المشاركين والضيوف! كم من المؤتمرات التي شاركنا فيها نفرح إن استقبلنا أحد صغار الموظفين أو الطلاب المكلفين العمل في المؤتمر، أما أن يستقبلنا معالي مدير الجامعة فهذا أمر لا ينتهي منه العجب ولا الإعجاب. قال لي وهو يعانقني بكل محبة: سمعنا كثيرًا عن أبي أوس واليوم نلقاه، قلت تسمعَ بالمعيدي خير من أن تراه، فضحك وعقّب بالنفي وشكرني للمشاركة في المؤتمر، ثم قال بنغمة فيها أسى: اعتذر الدكتور إبراهيم التركي فلن يحضر، قلت: أبو يزن؟ قال: نعم. وبعد وصول السيارة التي حملت أمتعتنا خرجنا لنركب فيها وخرج معنا مدير الجامعة يشيعنا ويدعو لنا بالإقامة الطيبة في مدينة المصطفى.

كان اليوم الثاني من أيام المؤتمر الثلاثاء 18-5-1433ه، وفي إحدى قاعتي الندوات حيث كنت جالسًا مع زملائي الباحثين فاجأنا د. عبدالمحسن بن فراج القحطاني مدير الندوة بقوله بعد انتهاء كلام أحد الزملاء: «مدير الجامعة الذي تعودنا أن نراه في مقدمة الصفوف أين هو؟» كأنه يلومه، هذا ما خطر بالبال لولا أنه قال «إنه جالس في الصف الرابع، ومن غير بِشت (1) «، اشرأبت الأعناق والتفتت الوجوه لترى الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا جالسًا يجلله الوقار ويزينه التواضع الجمّ.

حملتنا الحافلات بعد انقضاء المحاضرات إلى قاعة واسعة أعدت الجامعة فيها غداءً فاخرًا للمشاركين والضيوف والحاضرين المؤتمر. كنت ومن شاركني الجلوس إلى المائدة نتحدث عن الجامعة ومديرها، رووا من خلقه ونبله العجائب، وكنت أروي لهم أن كل من لقيته يروي كيف خصّه المدير بعنايته حين استقبله، في هذه الأثناء أفاجأ بمن ينحني عليّ، يضع كفه برفق على كتفي، ويتحدث بلطف بالغ مرحبًا بوجودي في الجامعة مكررًا الشكر لمشاركتي في هذا المؤتمر، فلما رفعت رأسي إليه إذا به معالي المدير، وبعد مداعبة لطيفة للحضور انصرف إلى مائدة أخرى، وأحسبه لم يتغدَ ذلك اليوم بل ظل ينتقل من مائدة إلى أخرى مرحبًا شاكرًا.

كل المشاركين القائمين على أمر المؤتمر من الأساتذة الكبار الأجلاء كالأستاذ الدكتور عبدالرزاق الصاعدي أو الموظفين أو الطلاب سخروا أنفسهم لخدمة المشاركين في المؤتمر وهو أمر ظاهر يخفي وراءه جملة من الأعمال المتتابعة المتعبة على مدى سنتين إعدادًا لهذا المؤتمر، وأسفر هذا الإعداد الرائع المحكم عن نجاح مؤتمر عالمي ضخم كهذا. ومن روائع هذا المؤتمر طباعة ما ورد إليه من بحوث أجازها المحكمون فظهرت في ثمانية مجلدات ضخمة، وشفعت بنسخة حاسوبية في قرص حاسوبيّ يضم تلك المجلدات، فجزى الله كل أولئك العاملين عن اللغة العربية وأهلها خير الجزاء. وأحسب أن من أهم عوامل نجاح المؤتمر هو الحب الذي يعمر قلوب منسوبي الجامعة وطلابها لمعالي مدير الجامعة محمد بن عليّ العقلا. إن احترام الناس ومحبتهم لك يا صاحب المعالي هي المعالي بحق، أردتها فعملت لها فكنت بها الأجدر والأحق.

البشت من لوازم اللباس الرسمي وهو لفظ دخيل من الفارسية وتسميه العامة مشلح وهو عباءة الرجل.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة