Culture Magazine Thursday  23/02/2012 G Issue 364
فضاءات
الخميس 1 ,ربيع الآخر 1433   العدد  364
 
البيوت
البيت السعودي
لمياء السويلم

 

ماهي الأسئلة التي تخص بيت العائلة السعودي ولا نزال نتجنبها، أو ربما لم نفكر فيها بعد، ماهي الاستفهامات التي لم نطرحها حتى اليوم كمجتمع سعودي عندما نتحدث عن البيوت كنواة المجتمع وعن أهمية العائلة كقاعدة أساس في الهرم الاجتماعي؟

كثيرة جدا هي الأسئلة، وقليل جدا منا من يستطيع طرحها اليوم، الكل منشغل بالأنظمة الفاسدة، البعض يفكر بإصلاحها، الجميع يتحدث عن التغيير الاجتماعي المنشود، البعض يعول على القرار السياسي والبعض يؤكد على الحل الاقتصادي وآخرون يقسمون بالتعليم ولا سواه، لكن الجميع أيضا لايسأل عن البيت والعائلة.

الكل يفكر بحرية وطنه، البعض يسعى للانتخابات البلدية والبعض يطمح بعضوية الشورى وكرسي الوزارة، ولكن أحد منهما لا يفكر بحق الابن في الحرية من أباه، لا أحد من البعض ولا من الكل يفكر بأن حرية الفتاة من قيد الاستعباد أهم وأولى لحرية الوطن.

الأسئلة الحقيقية عن البيوت لم تبدأ بعد، وكل ماقاله التربويون لم يلامس سلوك الأب ولا رأي الأم ولن يلامسهم، لأن الخطاب العاطفي الذي يشحذه الجميع لم يفد ولن يفيد، فما نحتاجه اليوم في بيوتنا هو خطاب الوعي والعقل، خطاب حقوقي قانوني يعيد توزيع الأدوار داخل البيت، يعيد ترتيب الحقوق والواجبات، خطاب يسعى لحماية جميع أفراد العائلة من خلال مؤسسات الدولة الاجتماعية، إن الخطاب الذي يجب طرحه اليوم عليه أن لا يكرر مفهوم بر الوالدين، لأنه أصبح أحاديا ولا يرى إلا طرفا واحدا في البيوت هم الآباء.

خطاب اليوم عليه أن يحفظ لكل فرد في البيت حقه في الالتجاء لمؤسسات الدولة ليعيش حياة حرة وكريمة إذا لم يوفرها له البيت، على خطابنا اليوم أن ينقض مقولات الموت التي نكررها باسم العائلة، فلا نار الأهل خير للفتاة من جنة سواهم، ولا هو خير للفتى أن يبيع اختيارات فكره وعقله المتعلم ليشتري مرضاة والدين لا يعرفان من العالم أبعد من بيت الجار ومسجد الحارة.

بحق الإنسان الذي كرمه الله على كل ماخلق، وبحق هذا الوطن الذي نحلم به حرا ومدنيا، وبحق القلب الذي يريد أن يطمئن للعدل، وبحق العقل علينا أن نغير من بيوتنا، وعلى خطابنا عن العائلة أن يثور على فكره، وعلينا أن نقسم أولا وأخيرا أن لا احد أحق بالفرد من نفسه، وعلينا أن نعرف أن الحب الذي نريده في العائلة لن يدخل بيوتنا إلا من باب العدل والعدل فقط.

الثورة في صورتها الحقيقية والوطنية جدا هي في الانقلاب على كل المفاهيم المورثة والضالة التي دجنت الأجيال على مر العصور في محاضن الخوف والعجز والضعف، الثورة الوطنية هي في تقديس الثروة الوطنية المتمثلة اليوم في الجيل السعودي الذي يصغر عمره عن الخامسة والعشرين، هذا الجيل الذي يشكل أكثر من نصف الشعب هو الثروة الوحيدة التي تستحق لأجلها أن نثور على أنفسنا وعلى سلطاتنا المنزلية التي تعرقل حياتهم القادمة وتطفئ جذوة حب الحياة في قلوبهم. علي شيوخ المجتمع السعودي أن يتنازلوا عن وهم الوصاية والمعرفة، وأن يعترفوا أنهم أقل شأنا من أن يديروا حياة الأجيال القادمة، عليهم أن يتراجعوا عن منصة السلطة في كل الأمكنة وأولها عن منصة البيوت، والبيوت أولا واخيرا.

lamia. swm@gmail. com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة