Culture Magazine Thursday  23/02/2012 G Issue 364
فضاءات
الخميس 1 ,ربيع الآخر 1433   العدد  364
 
مداخلات لغوية
نون عبدالله نور
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

أهداني الصديق الأستاذ محمد السبيهين، بعد خروجنا من دارة العرب يوم الخميس الماضي، كتابًا غريبًا سماه مؤلفه (عبدالله نور) نون القرآن الكريم: دلالات حروف اللغة العربية. والمؤلف كما يفهم من سيرته أميل إلى الصحافة والأدب؛ ولذلك جاء كتابه أدنى إلى الأدب لا العلم والبحث والتحقيق الصريح وإن توهم ذلك واستصرخ أمة العرب والإسلام لإعطاء هذا البحث ما يستحقه من عناية ورعاية.

والكتاب فيه تسلية وطرافة؛ ولكنه مظلل إن توهم القارئ أنه على حق.

يوجه المؤلف الكلام إلى حفيده لينظر إلى الرسم العربي للنون نصف دائرة ونقطة أي حبّة أي صفر أي بذرة أي خلية، وينتقل به الخيال ليجعل هذه النون كالرحم فالنقطة جنين والإطار المستدير الرحم، ولو قرأ المؤلف في تاريخ الرسم العربي لعرف أن الحروف ومنها النون لم تكن منقوطة قبل عهد الدولة الأموية، وأن المصحف كتب بخط مكيّ أو مدنيّ أقرب إلى الخط الكوفيّ بيبوسه وزواياه وتربيعه، والخط أُخذ عن الأنباط الذين طوّروه عن الآرامية، ومردّ الأبجدية إلى الفينيقية التي انشعب عنها شكلان من الخطوط المشرقيّ الذي انتهى إليه الخطّ العربيّ واللاتينيّ، فلم يسرق الغرب إذن منا رسم السين (s) (c)كما توهم في ص34 من كتابه ومعلوم أن (c) يقابل في الأبجدية (ج).

ومن عجائبه قوله(ص19): "واعلم أن كل كلمة تنتهي باللام قديمًا فإنها تعني أنها منسوبة إلى الذات الإلهية المقدسة، مثال ذلك، جبريل، اسرافيل، ميكافيل، عزرائيل".

وهذه الأسماء المركبة من الدخيل على العربية.

وحاول أن يظهر هذا المعنى الإلهيّ العام فلم يوفق في كلامه عن (رجل) و(عمل)، ولا أظنه يجد نسبة إلى الذات الإلهية في مثل هذه الكلمات: (الخيال، والخبل، والخلل، والضلال، والاحتيال، والإغفال، والإهمال) وهذا أمر لا يقال على كل حال.

ومن طرائفه حكاية سرقة اللاتينية لحرف (K) وأنه حرف القاف رسم تحتها رسم جبل، وفي (ص21) يقول لحفيده "وانظر وتمعن في أشكال الرسم العربي لحرف الكاف... طالع في الهمزة المرسومة في وسط الكاف الأخيرة أليست هي الهمزة... مضافًا وراءها عمودًا عند اللاتينيين".

وهذا القول مبني على الوهم فليس ما يرسم في بطن الكاف المتأخرة همزة، بل هو كاف صغيرة لتميز الكاف عن اللام في نهاية الكلمة، كما رسمت الكاف فوق الكاف في أول الكلمة ووسطها وقد كانت الكاف القديمة قوسًا منحنيًا نحو اليسار، فلما خيف التباسها باللام ميزت بكاف أخرى.

ومن عجائبه متابعته من عدّ (طه) من أسماء الرسول، وهذا القول لا تجده عند المحققين من المفسرين، وأقوى المذاهب أنه من فواتح السور.

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: "وكذلك لا التفات إلى قول من زعموا أنه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم".

ومن عجائبه حديثه عن الصاد بأنها مأخوذة من الصيد، وأن صادها إذا قلبت أشبهت الميزان ذي الكفتين، وصارت "رمزًا على الميزان المسئول عنه الوزير طاها، أو تاها, أو تاهوت، أو كما يقول المصريون: تحوت".

وليس لهذا الإله الفرعوني علاقة بالميزان ولا بالصاد ولا ب(طه) إلا في خيال عبدالله نور، ويبدو أن هذا الكتاب فاتحة لطائفة من الكتب الطريفة التي وعد بنشرها، وقد يتوقف في أمرها أولو النهى من الناس، فلله الأمر من قبل ومن بعد.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة