Culture Magazine Thursday  26/04/2012 G Issue 371
الثالثة
الخميس 5 ,جمادى الآخر 1433   العدد  371
 
بين النقد اللاذع والتشويه
عراكات أدبي جازان.. مَنْ ينتصر للثقافة؟

 

الثقافية - عطية الخبراني

حسناً.. تبدو الصورة الآن في نادي جازان الأدبي أكثر عتمة وضبابية.. بعد الأحداث التي شهدها اجتماع الجمعية العمومية للنادي قبل أيام قلائل، بل ربما تعدى الأمر إلى أبعد من الضبابية، وذلك حين يتعلق الأمر بتشويه صورة الأدب والثقافة في المنطقة.

ستقفز جملة من الأسئلة في ذهن كل مَنْ يقرأ الآن، ماذا فعل هؤلاء ليشوِّهوا صورة المنطقة؟ وهل كل خلاف يجب أن يظل حبيس الأقبية والصدور؛ حتى لا تُشوَّه صورة المنطقة ونحافظ على وجهها الأدبي والثقافي الناصع.

حتماً ستكون الإجابة ب»لا» هي الأقرب لذهن كل عاقل، ولا يدعو إلى كبت الخلاف والتستر عليه إلا جاهل أحمق في هذا الزمن المفتوح والمتفتح، لكن خلافاً يصل إلى رفع الأحذية والتراشق بالكلمات لهو خلاف جدير بأن يختار مكاناً آخر غير النادي الأدبي الذي يجب أن يظل المكان الأنقى والأصدق خلافاً بين كل الأمكنة في كل مكان.

إذا أردنا أن نعود إلى الأسباب التي من شأنها أن تصعِّد خلافاً حول نقاط، تكاد تبدو للمتابعين من بعيد بسيطة وهامشية حتى، فنحن نقف على جبل كبير من تصفية الحسابات والزج بالشخصي في موضع الثقافي، والصورة في موضع الأصل، والهامش مكان المتن.

إن من أبرز ما يمكن أن يلحظه أي مراقب للنادي والجمعية هو الانقسام المخيف الذي يزداد لحظة بعد أخرى، ونشوء تحزبات جديدة كل لحظة، يرى البعض أنها تنخر في عظم المجلس، بينما لا يرى آخرون منها مضرة، بل تتعدى لتصبح ضرورة عند البعض، فكيف يمكن أن يجتمع أكثر من أربعة أشخاص أو خمسة هكذا بمحض الصدفة؛ إذ لا بد من ترتيب مسبق يجعل من هذا الاجتماع أمراً مستساغاً ومقبولاً.

قلت وأقول: إن كان هناك مجموعتان أو ثلاث، تجتمع علناً وعلى مرأى ومسمع الكل، فثمة من يعمل في الخفاء ليصل إلى ما تشتهي نفسه وحزبه، ولا أستبعد أحداً، لكن الذي غفل أو تغافل عنه المجتمعون السريون أنهم هم أساس العمل الثقافي في المنطقة، وأن كل عمل خفي هو عمل يضمر شيئاً ما، أو نية ما، ليسوا في حاجة إلى أن يتهمهم بها أحد حتى وإن كانوا منها برآء، سواء كان المتهِم من مجلس إدارة النادي، أو من أعضاء الجمعية الذين لم ينضموا لاجتماعاتهم السرية، أو من المتابعين عن قُرب لما يجري في النادي من صراع.

يخطر في البال سؤال الآن: مَنْ يحكم في خلافاتنا في اجتماعات الجمعيات العمومية؟

مدير الجلسة الذي هو رئيس مجلس إدارة النادي؟ أم المسؤول القانوني الذي يشرف على سير هذه العملية قانونياً؟ أم المدير العام للأندية الأدبية الذي يحضر الاجتماع ممثلاً للوزارة ومشرفاً على الانتخابات؟ أم أن اللائحة هي سيدة الموقف؟

ما حدث في نادي جازان حول اختلاف بعض أعضاء الجمعية مع مجلس الإدارة بشأن النقاش في كل بند من بنود الاجتماع أمر يدعو للحيرة والتساؤل: هل تحرم اللائحة أعضاء الجمعية من أن يناقشوا مجلس الإدارة قبل أن يصوتوا بالموافقة من عدمها؟ أم أن الأمر بيد المجلس يفرض ما شاء؟ ليتمثل المخالفون قول الشاعر: «فيك الخصام وأنت الخصم والحكمُ»؟

فُرضتْ رؤية المجلس في هذه النقطة تحديداً، واضطر الأعضاء للتصويت على جدول الأعمال دون أن يستطيعوا أن يخوضوا في تفاصيله، ولعلها سابقة في اجتماعات البشرية، أن يتم التصويت دون أن يُسبق بنقاش!

أحسن رئيس المجلس حين غلب رأي الأكثرية في طريقة التصويت بعد شد وجذب عليها بين خياري الإلكتروني أو اليدوي؛ لتبدو المسألة أكثر اتزاناً وديمقراطية.

كل هذا الحديث لم ولن ينسينا أن نقول إن مجلس الإدارة لم يقدم حتى اليوم ما يلقم المنتقد حجراً في فمه إن رأوا أن المنتقدين ليسوا على حق؛ فكل ما قدم على مدى أشهر هي اجتهادات لا ترقى لأن تسمَّى نشاطاً ثقافياً حقيقياً ومدروساً يجب أن تحظى به سيدة الثقافة جازان، ويبدو أن المجلس انشغل بالحديث عن الاستقالات والأخذ والرد مع منتقديه عن تقديم فعل ثقافي يأخذ بثقافة المنطقة قدماً؛ ليسجل النادي بصمة تبقى ولا تزول في فترته الانتخابية الأولى، ثم إن ثلاث استقالات متتابعة كفيلة بحد ذاتها لأن تترك أثراً في سير عمله.

ما زال في الأعوام متسعاً، وما زال الوقت لدى المجلس ليقدم المزيد؛ ففيه أسماء قادرة على الإنجاز إن أرادت، ومن المحفز أن يستمر المنتقدون في نقدهم وتقويمهم، لكن بما يسمح به ذوق الأديب وأدبه ووعيه، حتى لا تتكرر «ليلة الحذاء»، فالثقافة أوسع من هذا بكثير، والوعي لا يفخر بأمثال هؤلاء أبداً!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة