كتب - إبراهيم التركي:
على مدى ثلاثة أشهرٍ لم تتوقف الاتصالات والرسائل بيننا؛ ف »طلال» في العناية المركزةِ، والوضع بين حرِجٍ ومنفرجٍ؛ حتى غلب اليأسُ إلا من رحمة الله؛ تتداركُنا أحياءً ورفاتًا، وعلا الدعاءُ المنكسر، ولم يعد ينفعُ الراقي، وبينما كانت رسائلُه -طيلةَ علاقتنا غير القصيرةِ- مصدرَ فرح وجد نفسه يهاب فتحها حذَرَ الخبر المفجعِ الذي ألفاه فجر السبت محتسبًا عند الله ابنه الأوحد.
يعرفُ رقةَ أبي طلالٍ وإنسانيتَه وتقدمَه الناسَ في مآتمهم وامتلاءَ نفسه المرهفةِ بآلامِهم؛ فمن سيجتزئُ بعضَ بعضِ جراحه غيرُ إيمانه بربه وثقته بدربه الذي اختاره لمن رحل ومن سيرتحل، وعيني عبدالرحمن بن طلال الذي لا يكادُ يفارقه حضرًا وسفرًا؛ فإن غاب أبٌ فأنت أبٌ وأب.
لم تكن وسائطُ التواصل رسالةً ومهاتفةً؛ فقد عايش وضع طلال صورةً ثابتةً ومتحركةً، وفيها مرأى طلال -رحمه الله- مثبتًا عينيه على فلذتيه وهما يودعانه عائدين إلى الرياض حين آن وقتُ الدرس، وشعر -على البُعد- بحركةٍ من جسده المتعب تكادُ تقفزُ لتضمهما في لحظةِ التلويحةِ الأخيرة.
معك -حبيبنا وأستاذنا وصديقنا الدكتور عبدالرحمن - ومع السيدة الصابرة أم طلال ومع ابنه وابنته ومع شقيقتيه وذويه لا عزاءَ في الكلمات؛ فليبقَ الدعاء يحاصرُ الحُزن ويستمطر الرحمات.
