الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 20th December,2004 العدد : 88

الأثنين 8 ,ذو القعدة 1425

في مجتمع التنافس الأدبي وخصوصاً عندما يكون الشعر الشعبي طرفاً
ابن خميس يرفع الشارة الحمراء في وجه البواردي
لعل هنالك جانباً في حياة الشاعر سعد البواردي لم يتطرق إليه الملف الثقافي وهو علاقته بالشعر الشعبي ولقد حاول الأستاذ البواردي أن يجرب الشعر الشعبي ثلاث مرات.
المرة الأولى: حين نشر قصيدة (تجربتي الأولى) والتي وصفها بأنها أول تجربة له مع الشعر الشعبي وربما آخر تجربة.
المرة الثانية: قصيدة (المغرور).
المرة الثالثة: قصيدة (عروس الشعر).
ما القصة؟
القصة أنه في ابريل من عام 1983م نشر الشاعر سعد البواردي أول تجربة له مع الشعر الشعبي، وقال عنها بأنها آخر تجربة وبأنه ليس من فرسان هذا الميدان.
وقد أهداها إلى الأستاذ عبدالله بن خميس.. مستأنساً برأيه فيها.. يقول:
(الحاء) حكى لي صاحبي: أنت غلطان
هذي وحيدة رب مالٍ.. وسلطان..
حرف مقاسك يا فقير وغلبان
(الخاء) خانتني دموعي على الخد
عديتها!! لكنها ما لباعد
(حب) و(جد) أغرقه وابل (الصد)
(الدال).. دلوني على مسكن (الزين)
( يا أبو محمد؟!) قال لي (مركزك فين؟)
قلت: (الستر) قال: (الستر ما يفي دين)
(الذال) ذلوني وأنا ما ارتكبت عيب!
قال: (فقير.. لا دراهم.. ولا جيب)
قلت: (الغنى.. والفقر من شرعة الغيب)
(الراء) ردوني كسير ورا الباب
قالوا: (تفضل.! خاطب دون خطاب
من غير ثروة ما تفيدك الأسباب)
(الزاء) زوله ماثل في منامي
(سهمه) رمى وأصاب.. واخطت اسهامي
يلومني حظي.. وحظي ملامي!
(السين) سيبت الهوى بعد ما شاب
ما عاد لي بعده (وليف) ولا (أحباب)
سبته.. وهو الثاني على سكته ساب
(الشين) شاب القلب.. شعري بما فيه
ما عاد تشجيني.. وتحيي قوافيه
السيف عندي مغمد في خوافيه
(الصاد) صد الحب.. مر.. وقاسي
يا ليت من اسقي يكرع بكاسي
(ناسي).. ويا ويحي على جرح (ناسي)
(الضاد) ضاقت بي على الدار حيطان
(فقر) على الدنيا.. (غبن) و(شيطان)
و(عياف) ناس.. (وين اروح يالاخوان؟)
(الطاء) طال الليل.. أشكي حياتي
من (ركعة) (لركعة) في صلاتي
كني (بعير) (ظامي) في فلاتي
(الظاء) ظلي في طريقي تكسر
مثله كما حظي بحب تعسر
وجهه على الدنيا عبوس مكشر
(العين) (عين) أبصرت رزقها يوم
لكنها عقبه مدى العمر في صوم
(نصيبها) جرح على القلب مرسوم
(الغين) غيري آكل ما يجوع
وأنا على جوع أضمد ضلوعي
ما عاد (مرسن) ناقتي عند طوعي
(الفاء).. فال الله.. ولا منة الناس
من رحمته أطعم.. ولا أعرف الياس
ما همني (عباس) ولا هم (دباس)
(القاف) قالوا لي: (ترى الناس أشكال
دور على ناس.. وما همهم مال
الياس ما عمره بنى.. وأنت رجال)
(الكاف).. كفكفت الدموع الطويله
تغيرت حالي بيوم وليله
لقيتها.. بنت الأجاويد (هيله)
(اللام) ليت السعادة بجنبي
لما عرفت اني على درب حبي
في (طينتي) مديت كفي.. وقلبي
(الميم) مد (الرجل) على مستوى غطاك
لا يدهسك موتر كبير وياطاك
أعطاه على قدره.. وعلى قدرك اعطاك
(النون).. نومي ما تهزه تخافيق
أحيا مثل غيري.. وما أشعر بضيق
اكل على شرب.. وأشرب على الريق
(الواو) ولى لي زمان بلا (خل)
في حوشنا (نخل) به التمر.. والظل
خيره يغطينا.. ويحمي عن (الذل)
(الهاء) هو الحب يا ناس ينباع؟!
هو سلعة تعرض على باب طماع؟!
ما يعرفه إلا اللي عاناه بالأوجاع
(الياء) يا حزني على بايع البنت
ما يفهم ان المال ما ينبت النبت
اصل الثمن فيها كثير إذا (صنت)
هذي حكاية واحد عاش حبين
حب لقي له منفذ يبهج العين
وآخر بالدين.. ما يقبل (الدين)
وحين نشرت الأبيات تلقيت رسالة من الشيخ عثمان الصالح تقول:
إلى أخي عبدالله الزازان:
أجد شعراء استهواهم هذا الأدب وشدهم إلى أن يقرضوه وأن يحاولوا ممارسته.. ومزاولته بصورة لا أقول بدائية ولكن بقصائد مطولة وقد استطاع أن يدخل شاعرنا وأديبنا سعد البواردي في هذا الميدان بقصيدة سماها محاولة وسماها (تجربتي الأولى) وأهداها للأديب الشاعر عبدالله بن محمد بن خميس مستأنساً برأيه وقال: إنها أول تجربة لي مع الشعر الشعبي وربما آخر تجربة.. ابتدأها بقوله:
لي قصة تبدى (بألف) الوجيع
نقشتها على صحايف ضلوعي
جفت دواتي يوم جفت دموعي
وجعلها ألفية مكونة من تسع وعشرين مقطوعة بدأها بالباء حيث يقول:
(الباء) بالي بعدها ما تهنى
(على) ويا ليته بعدما تغنى
( قلب) على ولف حزين معنى
وأنهاها بقوله:
(الباء) يا حزني على بايع البنت
ما يفهم ان المال ما ينبت النبت
أصل الثمن فيها كثير إذا صنت
هذي حكاية واحد عاش حبين
حب لقي له منفذ يبهج العين
وآخر بالدين وما يقبل (الدين)
والذي أعتقده وإن لم أكن له ناقداً ولا بصيراً بالنقد ولا ضليعاً به وان كنت أفهمه غير أنني محب وقارئ لهذا النوع قراءة وعي ورغبة وإن كانت بلذة وإعجاب ومحبة لكنها ليست نقداً ولا تحليلاً لكني أرى في قصيدة الأستاذ أنها:
أولاً: عليها ملامح التعبير باللغة الفصحى لغة ومعنى.. وما هي بذات نسب وصلة بالأدب الشعبي ولو أنه قسرها عليه وأكرهها.
ثانياً: يكاد أغلب أبياتها يخلو من اللحن حيث تمسك بصواب التعبير نحواً ولغة كقول:
التاء تاهت في جماله عيوني
ما طبقت لما رأيته جفوني
ريم تمختر في دلال وزين
ولا يوجد علة فيها إلا الهاء الساكنة في جماله واسكانه رأيته وإسكان راء تمختر لضرورة الشعر.
ثالثاً: ولعل قوله:
(الخاء) خانتني دموعي على الخد
عديتها لكنها ما لها عد
حب ووجد أغرقه وابل الصد
ليس فيها من خلل إذا نطقت بها بالقراءة الفصحى إلا تسكين الهاء اغرقه في الشطر الثالث والتسكين ليس لحناً بالمعنى المعروف والذي يخرج عن دائرة اللغة الفصحى.
رابعاً: وأعتقد أن فقرة.. الواو إذا نطقت بها بلغة فصحى لا تجد بها خللاً إطلاقاً.
خامساً: ومثل الواو أيضاً الكاف ربما تكون قطعة عربية فصحى لا خلل فيها.
سادساً: لو حورت القصيدة بالعربية لما احتاجت إلا إلى تعديل قليل وتصرف يتم بلا جهد لتكون قصيدة جميلة بلغة شعرائنا ولتكون من جملة قصائد أديبنا الأستاذ سعد البواردي الشاعر والكاتب والناثر.. ولست بهذا التعليق أقصد تحليلاً ولا بحثاً فيها ولكنه رأي شخصي فقط. ثم إن الرأي والنقد لأديبنا وأستاذنا عبدالله بن خميس هو الذي ننتظره بفارغ الصبر ولا سيما وقوله فصل ورأيه حكم.
وبعد أن قرأ الشيخ عبدالله بن خميس (ألفية) البواردي قال عنها: إنها تجربة فاشلة، كنت أظن أن الأستاذ الشاعر سعد البواردي سوف يكون شعره الشعبي جيداً أو قريباً من الجودة بحكم ان شعره
الفصيح جيد.. وقد مارس الشعر منذ زمن طويل وأبدى فيه وأعاد وخاض تجربته بما له من إلهام وقوة نظر في هذا المجال وبما لوالده رحمه الله من قدح في هذا المجال قل أن يجاريه فيه غيره والعصي من العصية ويندر أن يوجد في بيئته ومحيطه من يجاريه في هذا المجال وبما أن الأسرة كلها أو جلها أسرة شعر لهم من الجودة والمكانة الشعرية في المجال الشعبي ما لا يخفى وبما ان الرجل سعد بن عبدالرحمن البواردي عاش في هذا المحيط وتقلب في هذه البيئة كنت أظن بل أكاد أجزم أن شعره الشعبي سوف يكون جيداً وقوياً ومتيناً ولكن ويا للأسف وجدت هذه الألفية كما سماها صاحبها باردة متخاذلة لا تعدو أن تكون رصف كلام لا يخرج عن تجربة متخاذلة فقوة المعنى وقوة المبنى وقوة الشعر الذي يرجى من مثله لا تلمسه فيها وماذا تجد فيها غير رصف كلام لا يؤدي غرضاً ولا يمت إلى روح الشاعرية بصلة، قرأتها وقرأتها فلم أجد غير رصف كلمات مكرورة وجمل مبتورة تفقد الطعم والرائحة واللون وإذا أطاعني صاحبي الأستاذ سعد البواردي فليعتبر هذه إلى الأبد وإذا شاء معاودة التجربة فليعادوها حتى يستقيم له شعره ويطيب إنتاجه ويجاري شعر الآخرين ولو مجاراة ودعك من التبريز وإلا فليدع الشعر إلى غير رجعة ولينظمه شعراً فصيحاً صحيحاً موزوناً مقفى فهو المجال الذي يجيد فيه ويلذ طعمه وتطيب رائحته ولا غضاضة ولا مشاحة:
إذا لم تستطع شيئاً فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع
ولقد محضتك النصح يا أخي سعد وقلت ما أعتقده في هذا المجال ولا أراك تتهمني في إخلاصي ولا أراك أيضاً تتهمني برداءة الذوق أو قلة المعرفة في
هذا المجال وحسبي أنني قلت كلمتي وحسبك أنك قرأتها وحسبك أنك سوف تقف منها موقف المنصف والله يرعاك.
وقد رد الشاعر سعد البواردي على ما كتبه الشيخ ابن خميس وفيما يلي نص الرد:
وتلك هي حكايتي مع الزميل الصديق عبدالله بن خميس الذي ألوى بقلمه اللاهب على تجربتي الشعرية الشعبية الأولى فأجهز عليها.. أو كاد.. وقد استأنست برأيه حولها، لقد ارتضيته حكماً بفتح الكاف وتقبلته حكماً بسكونها ولكن من حقي عليه أن يأتي ذلك الحكم من منطلق نقد منهجي يتناول البنية الشعرية للقصيدة.. وتركيباتها اللفظية.. أوزانها.. معانيها ومقاصدها.. تماماً كما يتناول الطبيب مهنته ورسالته فيحدد الأسقام.. والأوجاع.. ومواطن العلة.. في جسد المصاب.. لكنه أبداً عفا الله عنه أعطى حكماً تعميمياً قاسياً قاتلاً لا يتفق وأسلوب النقد العلمي المنهجي الهادئ.. المهدئ.
لقد ذكرني وقد انتزع من تجربتي الشعرية الشعبية الأولى كل شيء.. وفي عنف جارف.. ذكرني بذلك المعلم القديم في مدرسة الكتاتيب وهو يهوي بلوحه الخشبي على وجه طلابه هنا.. وهناك ليشج به رأساً.. أو ليكسر به ذراعاً لمجرد تلكؤ في إجابة، أو خطأ في إجابة وتكون رهبة الموقف.. وضياع الفكرة.. والإجهاز على الخيط الرفيع الموصل بين الاثنين.. وذكرني أيضاً بذلك المراجع لطبيبه وقد اشتكى صداعاً برأسه والذي أحاله الطبيب إلى قبره بعد أن انهار وقد أعطى له كل أمراض وأسقام الدنيا دفعة واحدة دون أن يمنحه ولو فتحة واحدة لأمل الحياة.. إن أسلوب التقويم يا عزيزي الناقد لا يقر بأسلوب التهديم.. ولو أننا أخذنا بقاعدة الحكم من منطلق التعميم.. وبمبدأ القرع الحاد أمام نافذة السمع دون ملامسة رافعة.. وبصرعة القسوة في الأحكام أمام كل محاولة مبتدئة مهما كانت بدايتها لأفرغناها من كل محتوى للمحاولة والطرح.. ولأجهزنا على كل بواعث الثقة والأمل المستجد في أعماق صاحبها.. نحو المستقبل بكل معطياته.. ومحصلاته..
أيها الصديق الناقد..
لا أدعي أبداً أن تجربتي الشعرية الشعبية لم تكن بدائية في عمر الطفل الوليد تفتقر إلى الكثير من عناصر القوة والثبات إلا أنها بالقطع تملك نبضاً دافئاً.. وليس بارداً أو ميتاً.. كما استخلصت من حكمك عليها..
وكما لا أدعي.. فإنني أربأ أن يكون ردك التعميمي الحاد أيضاً تجربة بدائية في مفهوم النقد.. ومنهجه العلمي المتعارف عليه.. الذي يقوم على مبدأ التشخيص.. فالتشريح لاستئصال مواطن الضعف.. والشكوى.. كان عليك أيها الصديق الناقد وقد استأنست برأيك أن تدلني في وضوح وهدوء لا تعمية فيه.. ولا غيبيات معه.. أين أخطاء التجربة؟!
أهي في بنيتها الشعرية؟!
أهي في تركيبتها اللفظية؟!
أهي في مقاصدها ومعانيها؟!
عنى أن تنتزع لي الشواهد من جسدها كما ينتزع الجراح الزائدة الدودية من جسد المريض.. وهو ما زلت أنتظره حتى هذه اللحظة لأزداد به قناعة في صحة الحكم.. وفي صواب الحكيم.. ولكنك أبداً بتعميمك زدت إلى حيرتي غموضاً.. وإلى سؤالي تساؤلاً.. وإلى أملي ألماً و(وهماً).
ومع هذا.. فما زلت الحريص والتواق دون حدود إلى الاستفادة من كل الذين يمكن لهم أن يضيفوا إلى معلومتي معلومة جديدة.. ولكن من منطلق الكشف الواضح لمواطن الخطأ ومواقع القصور.. وإضافة البدائل الصحيحة.
لقد شعرت أيها الزميل الكريم أنني أزعجتك كثيراً.. وأدرت في رأسك مرجل صداع لا ناقة لك فيه ولا جمل.. ومن أجل هذا كانت صدمتك وخيبة أملك كبيرة وحارقة إلى درجة الإذابة والصهر.. وهذا ذنبي وحدي أتكفل بتبعاته وأحماله وأثقاله.. وعلى نفسها جنت براقش..
أعود بك.. ومعك إلى (التجربة) لأؤكد لك أيها الصديق أنني احتفظت برأيك ورصدته في صفحة سيئاتها.. بالقدر الذي احتفظت فيه أيضاً برأي آخرين غيرك أعطوا رأياً مغايراً لرأيك.. وحكماً مختلفاً عن حكمك كان بعثاً لأمل جديد قوي لدي في متابعة التجربة من جديد..
أحدهم.. وهو شاعر موهوب متمكن من شعره الشعبي قال لي وقد قرأ القصيدة أو التجربة الأولى:
تجربتك الشعرية جديدة الصياغة وجيدة.. لم تقلد فيها أحداً.. ولم تأخذ فيها من أحد.. عيبها الوحيد أنها لا تصلح لأن تغنى.. لأنها طويلة.
هذا الشاعر سأدلك على اسمه لكي لا يساء التفسير.. إنه الشيخ حمد المعجل الذي يعرف عنه الكثيرون أنه شاعر مجيد في شعره العامي.. وتذوقه له رغم أن أشعاره الكثيرة لم تنشر له بعد.. وهكذا رغب.. واختار..
آخرون غيره أيها الناقد الكريم أعطوا لي بارقة الأمل.. لا الحكم بالفشل على تجربتي وفي معايير متفاوتة ليس من بينها ما يدفع إلى اليأس.. أو الصدمة المرة القاسية.. إنني ممتن لك.. لصراحتك التي لا أشك أبداً في نقاء نيتها.. ومع هذا فإن الصدمة أحياناً حين تأتي وليدة صدق نية ومن صديق مهما كانت مرة المذاق تدفع بالمحاولة المترددة نحو مرحلة الإصرار.. والاستمرار من أجل عطاء أفضل.. ومهما تكررت المحاولات.. ومهما امتدت مسيرة الدرب.. ومهما تباينت مذاهب الناس.. ومشاربهم ما بين معترض.. ومؤيد.. وهذا ما عقدت عليه العزم واستوطنته في أعماقي ما دمت ألمس نبض المحاولة يدفعني إلى أخرى في طموح إلى الأحسن.. ولو بعد زمن..
شكراً لك أيها الزميل الصديق وقد استجبت لي فأجبت.. شكراً لك على سرعة استجابتك.. وبقدر حرارة أجابتك.. دمت موفقاً مع المستأنسين برأيك.. ومشورتك...
وليحفظك الله من كل سوء...
وفي 26 من أبريل 1983م نشر الشاعر سعد البواردي قصيدة (المغرور):
يا ويل من (ماله) يغره ويطغيه
(الناس) عن دربه جميع تباعد
يا ويل من يخدع بحسنه ويشقيه
كم واحد يخدع بحسنه و(قاعد)
كم واحد بالمال.. والحسن في (تيه)
ما يسعفه ولا لقى له مساعد
اللي يعد الحبل لازم يقع فيه
لو ظن إنه في سما النجم صاعد
(البيت) (بالأخلاق) ترسى مراسيه
من غيرها ما تنبني له قواعد
واللي قرا التاريخ.. وحافظ معانيه
يلقى على (المغرور) كل الشواهد
وفي أغسطس 1983م نشر (عروس الشعر)
لتكن هذه المرة تجربتي مع (عروس الشعر) التي تم إهداؤها للشيخ عبدالله بن خميس لعلها تكون الأقرب إلى الرضى.. والصواب:
في ديرتي (شقراء) مهاة .. وسيمة
قالوا لها: اختاري ترانا مطيعين
هذا الأمير الشهم جود و(شيمة)
قالت: (قصير الحجم ما تعشقه عين)
قالوا لها: هذا كبير الجماعة
شيخ ولد شيخ.. زعيم (الحمولة)
قالت لهم: (نعمين.. ورجال طاعه
(البنت) ما ترضى بقايا كهوله)
قالوا لها: (هذا مفتش مدارس..
(عقل) و(علم) ما خط رأسه الشيب)
قالت لهم: (عنده على (الشك) (حارس)
والشك عندي يا جماعه من العيب
قالوا لها: (هذا طبيب.. ومقطوع
كم وحدة ترغب زواجه.. وترضاه)
قالت لهم: (وقته من البيت ممنوع
عمره (طويل) خارج البيت قضاه..)
قالوا لها: هذا غني.. ومشهور
يملك من (الذهبان.. والمال رصات)
قالت لهم: (مالي بحتف.. ومسعور
المال ما يسعد على كف موات!
قالوا لها: (هذا إمام المصلين
(دين) و(لين) بسمته ما تعداه)
قالت لهم: (نعم بمن يخدم الدين
لكن قلبي ما خفق له.. وبداه)
قالوا لها: (شهم تغرب عن الدار
من موطنه سافر إلى كل الأقطار
قالت لهم: عيبه رطينه وثرثار
إذا حكى يبي مترجم.. وفسار)
قالوا لها: (لا تقفلي فتحة الباب
هذا المزارع يخطبك يا أميرة)
قالت لهم: (خاطب.. ولا كل خطاب
أحب من (يفلح) ولا أطمع بغيره)
لم أكن أتصور أن تجد تجربة سعد البواردي هذه الحدة النقدية، كان إحساسي أنها تظل تجربة.. تقرأ ثم تأخذ حقها من التقويم شأن التجارب الأخرى، لكن ما لم أكن أتوقعه أن تواجه بالرفض.. والشاعر وهو يعرض محاولته كان يؤمن بمبدأ الحوار يريد أن يقرأ ما يمكن أن يأخذه لتجاربه القادمة وحين فتحنا الحوار كنا نطمع في توجيه مفيد لشاعر يرى بأن ما يكتب مجرد محاولة يلتمس ما يطورها.
وسعد البواردي شاعر أخذ بالاتجاه الواقعي وله رصيد وافر في الأدب والاجتماع له من المؤلفات: (شبح من فلسطين)، (فلسفة المجانين)، وصدر له عدد من الدواوين الشعرية: (أغنية العودة) (صفارة الإنذار)، (ذرات في الأفق)، (أعاصير في الحب والحياة)، (أحاسيس من الصحراء)، (أطياف الربيع)، قال من قصيدة (الصورة الجميلة):
أنت.. من أنت؟ إنني بك مغرم
إن قلبي على جمالك أقسم
لا يرى في العطور إلاك أنفاسا
إذا ما الأريج فينا تنسم
لا يرى في الصباح إلا وجها
طافحا بالورود في كل مبسم
لا يرى في الهوى إذا عصف الحب بقلب
سوى جمالك مغنم
وهو شاعر لا يعرف الاتكالية، قال من قصيدة (شريط الصخرة):
صخرة كبيرة..
وحمامة جرحى تئن وتستجير
وغراب بين لا يطير
وخراف أثقلها الظمأ من أن تسير
وهدير عاصفة لها معنى النذير
ومقيد في خطوه يزهو به المنفى
الكبير
وأنين قيثار تحطم شدوه
بين الصخور بين القبور
وملامح من عمر أموات تضيق به الصدور
ونشيج أرملة يناهز عمرها عمر النسور
وبكاء طفل..
آه كم يبكي الصغير
ويستجير ولا مجير
والجو في حرق اللهيب
يموج فيه لظى السعير
وغمامة في الجو
لا برق بها لكن هدير
يتميز بقصائده الوطنية وبتأثره بالمذهب الواقعي.. قال مرة عن نفسه: إنني أكفر بكل أدب ذاتي ولا أرى أدباً إلا ما يخدم الحياة فقط.. وكان بذلك يرد على المذهب الرومانسي.


هامش
كتاب مدن الشعر عبدالله الزازان

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved