Saturday 07/12/2013 Issue 420 السبت 3 ,صفر 1435 العدد

سطوة المصطلح (10)

التطور العام في ظل الملكيه الخاصة يجري بمحرك اساسي هو الصراع بين من يملك ومن لا يملك. هذا الصراع له ادوات متعددة اهمها السلطة السياسيه ، فهي الاداة الانجع لدى المالكين كي تبقى ملكيتهم وتتضخم على حساب المنتجين .

لماذا نقول السلطة وليس الدولة ؟ ما هو الفرق؟.

ألدوله هي جميع مكونات المجتمع بأغنيائه وفقرائه والقوى المتناحرة المرتبطة يهما ، وكذلك الجغرافيا والتاريخ والعلاقات الداخليه والخارجية والتراث و الحداثة ، أي الحضارة بكل تفاصيلها.

السلطة السياسيه :هي اداة من ادوات الصراع للحفاظ على الملكيه الخاصة و ما يضمن استمرارها و تضخمها ، و بالتالي فهي منحازة لفئة اجتماعيه واحدة ولا يمكنها ان تكون محايدة او ان تحوي جميع المكونات الاجتماعية مقارنة بالدولة.

السلطات السياسية في العالم مهما تلونت لا تخرج عن كونها ادوات للقبض على مقدرات الشعوب والحفاظ على امتيازات الطغمة الحاكمة .

تسمي بعض هذه السلطات نفسها (ديمقراطية)، وأخرى تتهم ب (الدكتاتوريه) ،ولكن لا وجود لتعريف واضح ومشترك عالميا لهذه المفاهيم ، فهي تبقى مجردة ليس لها مكان في الواقع العملي. بما ان هذه المفاهيم تستخدم يوميا لصالح او ضد سلطات مختلفة حسب الحاجة ،اذن لابد من تسليط الضوء عليها واكتشاف الحقيقة:

ظهر مفهوم (ديمقراطية) كحاجة ملحة وأداة للتغيير عشية الثورة الفرنسية ،حيث كانت اوروبا ترزح تحت تسلط القياصرة ،الذين كانوا قابضين على جميع السلطات بما يطلق عليه (حكم مطلق) ،فكان الهدف من رفع شعار الديمقراطية هو توزيع السلطات ،أي تقليص صلاحيات القيصر و منحها لمؤسسات تعمل جماعيا ويراقب عملها من الرأي العام عن طريق مؤسسات المجتمع المدني.

كان هذا الشعار ضروريا للرأسمال الناشيء في مراحله الاولى والضعيف نسبيا تجاه النظام القيصري الاقطاعي المتسلط منذ مئات السنين ، والذي لا يتناسب مع نشاط الرأسمال،الذي يحتاج لحرية سوق العمل. بكلمات اخرى كان الفلاح (الحر شكلا) ،وهو المصدر الاساسي لقوة العمل يرزح تحت تسلط الاقطاعيين وعبء الديون ،لا يستطيع الانفلات من الخدمه في الزراعه والانتقال الى العمل الصناعي الناشيء. من هذا المنطلق نستطيع ان نعي لماذا دافعت الثورة الفرنسية عن (حقوق الانسان) والفلاح (شبه العبد) بشكل خاص.

الديمقراطية اذن نظام سياسي يتطلب اشتراك المالك والمنتج بالسلطة السياسية ،يتم من خلالها توزيع السلطات بين المؤسسات التنفيذيه والقضائية والتشريعية والإعلامية (السلطة الرابعة) الخاضعة عمليا لسلطة المالكين ،ومراقبة كل ذلك من مؤسسات المجتمع المدني الخاضعة ، افتراضا ، لسلطة المنتجين.

اقول افتراضا لان مؤسسات المجتمع المدني في بداية الثورة الفرنسية ،التي شملت اوروبا كلها ،كانت بيد ألمنتجين من عمال وفلاحين والحرفيين وصغار ألكسبه وبالتالي ساهمت برقابة شديدة على نشاط الرأسمال حتى بعد الاطاحة بالقياصرة كليا او تجريدهم من جميع سلطاتهم وإبقائهم في مناصبهم الاعتبارية كما جرى في بريطانيا مثلا. لقد ثبتت تلك المؤسسات نظاما للأجور يتنامى بتطور الانتاج وحددت ساعات العمل والراحة والإجازات الاسبوعية والسنوية وفرضت التعليم والعلاج المجاني او المكفول وبناء الجامعات والخدمات العامة ، ولكن بعد استتباب الامر للمالكين الجدد وتم التحكم مجددا بالسلطة ومؤسساتها ، تم الالتفاف على مؤسسات المجتمع المدني وتنصيب عصابات على رأسها ،هي شكليا من الفئات المنتجة ،ولكنها تخدم المالكين في نهاية المطاف ،فحزب العمال البريطاني مثلا،الذي يشكل الحكومة حاليا ،ابعد ما يكون عن حقوق العمل والعمال.

لو ان توزيع السلطات استمر حتى اتمامه ،كما شاءت الديمقراطية لأدى ذلك الى اضمحلال السلطة ،حيث يصبح مالكي خط انتاجي ما تحت رقابة النقابات التابعة لذلك الخط ،وبهذه الطريقة يتقلص نفوذ وجشع المالكين وتتوزع الصلاحيات وتتقلص (التفردية) او (الديكتاتورية) ويصبح توزيع الثروة اكثر عدالة .ولكن الامر جرى عكس ذلك تماما ،حيث تحكمت وجيرت الرأسمالية الانسان وحقوقه وعقله وطاقته لخدمة الربح وحاربت كل ما يمت بصلة لتقليص الملكية الخاصة ،أي مارست ابشع انواع الديكتاتورية ،ألا وهي (المافيوية) .

ما يسمى بالديمقراطية في المجتمعات الاستغلالية ،هو مفهوم مزيف يخفي ما تحته من ديكتاتورية مافيوية بشعة ،تدعي انها خير ما انتجته البشرية من انظمة سياسيه وتمارس تحت هذا الايهام ابشع صور الاستعباد والإقصاء والاستعمار والاضطهاد والإرهاب والجريمة المنظمة والعنف وبذلك يتساوى لديها مفهوما الديكتاتورية والديمقراطية كمفهوم انشيء كي يتسنى للرأسماليين انتزاع السلطة وتحرير سوق العمل ،وهي لم تبق كما نودي لها ، فعندما دخلت في الصراع العام لم ترق الى مستوى المصطلح انما اشتركت معه في وظيفة واحدة فقط ، هي تقليص الملكية الخاصة وإحلال العامة ،ولذلك تم تفريغها من محتواها و استخدامها سلاحا مسلطا على رقاب الشعوب المقهورة.

ان نشهد مرحله يكون فيها المنتج هو المالك ،هو حلم لن يتحقق ألا بإحلال الملكية العامة مكان الخاصة والقضاء على الاستغلال برمته.

عادل العلي - الدمام