Culture Magazine Thursday  09/05/2013 G Issue 405
فضاءات
الخميس 29 ,جمادى الآخر 1434   العدد  405
 
التحديث النقدي في السعودية
«مأزق السقف وغموض الحد»
سهام القحطاني

 

طرح ملتقى النص في «نسخته الجديدة» الذي نظمه النادي الأدبي في جدة الأسبوع الماضي مسألة»التحديث النقدي والأدبي في المملكة».

ورغم كل الأوراق التي ألقيت وكل المداخلات التي عقبت إلا أن الملتقى بدأ وانتهى وماتزال الأسئلة نحو التحديث النقدي في السعودية متنوعة ومفتوحة.

ولعل أهم تلك الأسئلة هي؛ ما معايير الحكم على وجود تحديث نقدي وضوابط شرعية ذلك التحديث؟.

كيف يمكننا قياس فاعلية التحديث النقدي؟ ، هل لدينا في السعودية نقد حديث ناضج أم مايزال النقد عندنا في دائرة التجريب؟ والسؤال الأخير هو «هل النقد فعالية لردة الفعل أم فعالية لصناعة فعل؟.

عندما نتحدث عن «التحديث النقدي» في السعودية فنحن نقصد الحديث عن أسماء شكلت النقد السعودي ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر –مع الاحترام للألقاب العلمية والرمزية - منصور الحازمي ، عبدالله الغذامي، سعد البازعي ، سلطان القحطاني، معجب الزهراني ، سعاد المانع ، فاطمة الوهيبي، لمياء باعشن، معجب العدواني ،حسن النعمي، محمد العباس، سعيد السريحي وغيرهم.

ويمكن حسبما أعتقد تقسيم النقد والنقاد في المملكة إلى ثلاث مراحل،المرحلة الأولى ويتصدرها رواد النقد الأكاديمي في السعودية ومنهم الدكتور عمر الساسي والدكتور منصور الحازمي وغيرهم والمرحلة الثانية وأبرز من تصدرها الدكتور عبدالله الغذامي والدكتور سعد البازعي والدكتور سلطان القحطاني والدكتور معجب الزهراني والدكتورة سعاد المانع الدكتور سعيد السريحي والدكتور عالي القرشي، وغيرهم والمرحلة الثالثة وأبرز من تصدرها الدكتورة لمياء باعشن والدكتورة فاطمة الوهيبي والدكتور معجب العدواني ومحمد العباس شتيوي الغيثي أمل القثامي أمل التميمي سماهر الضامن وغيرهم.

وتسارع ظهور المراحل وتداخلها مع بعضها البعض وخاصة ما بين المرحلة الثانية والثالثة له ما له وعليه ما عليه؛فما يُحسب له أنه حافظ على «حيوية الميدان النقدي» وما يؤخذ عليه أنه أضاع القيمة التراكمية للخبرة النقدية وهي الإرهاصة التي تؤسس قاعدة أي مدرسة نقدية.

ولاشك أن هناك العديد من الأسباب التي تحكمت في تشكل حالات النقد السعودي وهي سبعة أسباب؛ الصراع الثقافي بين مثقفي الصحوة وأصحاب الأفكار الحداثية، قصيدة النثر، الرواية، الصراع بين المثقف المحافظ والليبرالي ،نص المرأة ، الوسائط الرقمية الفيسبوك وتوتير، إضافة إلى الناقد الأكاديمي العربي الذي درّس في جامعات المملكة أو ما يزال يّدرس

وتلك الأسباب أيضا كان لها الفضل في تنوع النقد؛ما بين النقد الأدبي وأبرز أصواته اليوم لمياء باعشن وسلطان القحطاني معجب الزهراني ومعجب العدواني وحسن النعمي ومحمد العباس والنقد الثقافي وأبرز أصواته الغذامي والنقد الفكري وأبرز أصواته سعد البازعي.

وقد ينقسم الرأي حول هذا التنوع من حيث مدى نفعيته أو ضرره على الحركة النقدية في السعودية.

فيذهب أنصار نفعية «تنوع النقد» أنه دليل على مرونة الحركة النقدية في المملكة واندماجها مع كل جديد، كما يروا أنه وسع دائرة الفاعل النقدي وأصبح لدينا اليوم الناقد الأدبي والناقد الثقافي والناقد الفكري؛وهو ما أسهم في تطوير مفهوم النقد وقيمته وإخراجه من الحيز الضيق الذي كان يحيط به على أساس أنه مجرد «خادم للنص الأدبي».

ويمكن تقسيم الفاعل النقدي إلى ثلاثة أنواع؛الناقد الأكاديمي والناقل الميداني وهناك الناقد المزدوج والمتحول؛أي من يكتب النقد مع الرواية او الشعر أو القصة،أو من تحول من كتابة الرواية إلى كتابة النقد أو من النقد إلى كتابة الرواية.

أما أنصار الإضرار بالنقد عبر « التنوع» فحججهم في ذلك أن هذا التنوع قد شتت استقرار كينونة النقد، وأنه بطأ من إكمال ملامح شخصية النقد السعودي، كما أنه سهّل فتح المجال للانضمام إلى دائرة الفاعل النقدي، وأصبح لقب ناقد يُعطى لكل من هب ودبّ.

و نلاحظ أن نقطة «تنوع الفاعل النقدي» هي مصدر جدل بين الطرفين.

لأننا نعاني حتى الآن من عدم «ضبط مصطلح الناقد»؛ من هو الناقد؟ هل كل دارس أدب ولغة هو ناقد بالضرورة؟ هل كل من قدم قراءة لنص أو نصين كيفما اتفقت أصبح ناقدا بالضرورة؟

حتى أنني أصبحت أعتقد أن جدلية غياب ضبط مصطلح «ناقد» إشكالية لا تساويها إلا جدلية غياب ضبط مصطلح «مثقف».

وغياب هذا الضبط يراه البعض هو السبب في عدم استقرار «كينونة النقد» لدينا،وبالتالي عدم الوثوق في إعطاء حكم يقيني وحقيقي بتجاوز النقد مرحلة التجريب،و هو ما قد يشكك أيضا في جدلية صفته التحديثية.

و استقرار «كينونة النقد» السعودي لن تتحقق إلا من خلال أمرين هما، ضبط مصطلح»ناقد» والأمر الآخر «تأسيس اتحاد رابطة للنقاد».

وضبط مصطلح «الناقد» سيُثبّت شروط الجدية والتمكن المعرفي والجودة المهنية للفاعل النقدي.

كما أن تأسيس «رابطة أو اتحاد للنقاد» ستسهم في تنظيم المشروع النقدي السعودي وتوحيد الجهود النقدية الفردية؛لأن حصول شرعية تحديثية للمنجز النقدي السعودي لن تتحقق إلا عبر إثبات «شرعية وجوده»؛فالتحديث يتعلق «بالحاضر» وما يدل على فاعلية الحاضر هو «جاهزية المشروع النقدي».

وبهذين الأمرين سوف يستطيع النقد أن يكون فعالية لصناعة الفعل؛أي التحكم في «تطور صناعة الفن الأدبي» وليس مجرد ردة فعل لانفعالية «النص الأدبي التجريبي».

وسيصبح الناقد بدوره «مرشدا لكاتب النص الأدبي» لا ظلا لعشوائية كاتب النص الأدبي.

فالنقد الجاد والجيد هو الذي يصنع «النص الأدبي الخالد».

ومتى ما تحقق هذان الأمران ؛أي ضبط مصطلح «الناقد» وتأسيس « رابطة اتحاد النقاد» وما سيترتب عليهما حينها يُمكن استقرار كينونة النقد وتجاوزها مأزق السقف وغموض الحد.

جدة sehama71@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7333 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة