Culture Magazine Thursday  09/05/2013 G Issue 405
فضاءات
الخميس 29 ,جمادى الآخر 1434   العدد  405
 
لغتنا.. هويتنا!!
محمد بن عبد الرزاق القشعمي

 

اللغة هي الهوية.. هي أداة التواصل والتفاهم والنمو والرقي ومواكبة ما يجري في هذا الكون من مستجدات.

وكما يقول الدكتور مرزوق بن تنباك في ندوة (اللغة العربية وتحديات الهوية) في المهرجان الوطني للتراث والثقافية الثامن والعشرين (8-4-2013م) «.. اللغة التي هي هوية أمة وهوية مجتمع، فالعالم كله يتواصل اليوم من خلال اللغات، وقضية اللغة ليست في التواصل بل في اللغة نفسها، فهي تعبرّ عن كينونة الأمة وعن وجودها وثقافتها..».

وقال: «.. إن الدول تقبل التعددية في كل شيء في الأعراف، والأجناس، والديانات، إلا اللغات..».

وأوضح: أن اللغة العربية تواجه تحديات، منها العاميات ومزاحمات اللغات الأجنبية، وكذلك العولمة التي وصفها بالتحدي الكبير للأمة.. وأشار إلى أن اللغة العربية أصبحت أقلية في دول الخليج العربي، لأنها أضاعت الفرصة أن تكون اللغة العربية هي الوسيط بينهما، مبيناً أن الإنجليزية أصبحت هي اللغة الوسيط، وبهذه الطريقة ستتحول الدول الخليجية إلى منطقة دولية مثل سنغافورة، مشيراً إلى أن نسبة السكان الأجانب في دولة الإمارات العربية المتحدة يمثلون 85% ومثلهم الأجانب في قطر بنسبة 80% أما في المملكة والبحرين فيقسمون نسبة السكان، وأقل نسبة هي 40% من الأجانب في سلطنة عمان.

واختتم كلامه بسؤاله: هل هذه الأغلبية السكانية عمالة قادمة من بلدانها بشكل مؤقت؟ أم إنهم ولدوا في هذه البلدان؟ وأصبحوا سكانا، ولهم حقوق المواطنة وعليهم واجباتها، لا يفصل بينهم وبينها سوى الجنسية؟

فأجاب على سؤاله قائلا: هؤلاء مواطنون شئنا أم أبينا في المستقبل القريب، وأصبحوا أكثرية، داعياً إلى فرض اللغة العربية على المقيمين.

وإلا فالخطر قادم ومهدداً لمستقبل الهوية العربية.

وقال الدكتور عبدالله عسيلان: «.. فاللغة العربية غنية وثرية بمعاجم المعاني والألفاظ الكتابية التي تستوعب العلوم المعاصرة..» ودعا إلى الاهتمام باللغة العربية وبخاصة في التعليم وأن تدرس جميع العلوم (علوم العصر) كالطب بلغتنا العربية، وبث الوعي اللغوي لمواجهة التحديات المعاصرة..» وأشار إلى أن هناك دولاً عربية تُدرِّس العلوم باللغة العربية. أما الدكتورة وسمية المنصور فتعرف العلاقة بين اللغة والهوية وإشكالات الهوية من خلال (التعريف) وتشكيلات الهوية ودعائم الهوية، مشيرة إلى أن اللغة عنوان لهوية المرء لأنها أداة التعبير ومرآة الفكر.. وتطرقت إلى التحديات الثقافية المثيرة ببريقها ووهجها التي تواجهها اللغة العربية في عصر الفضاء المفتوح (الإنترنت).. داعية إلى الاقتراب من الشباب وإشراكهم في صناعة الكلمة وتنويع مجالات المسابقات الثقافية الكتابية.

أما غريد الشيخ محمد فقد تناولت دور المعاجم العربية القديمة والحديثة ودورها في حفظ اللغة من الاندثار مشيرة إلى أهمية الاهتمام بإعداد معاجم حديثة سهلة التناول للمحافظة على اللغة العربية.

وفي مداخلة مختصرة للدكتورة نورة الشملان قالت: إنها تخشى ألا تخرج هذه الندوة بحلول لا تنفذ، مشيرة إلى أن اللغة العربية تحتاج إلى قرار سياسي.

خرجت من هذه الندوة وأنا أسير كالمعتاد في جزء من شارع لا يتجاوز 500 متر وعلى جوانبه كثير من الفنادق والشقق المفروشة وكلها تنادي وتصرخ بالأنوار المبهرة وبأسماء أجنبية كتبت بأحرف وافدة وقد جاءت أسماؤها باللغة العربية على استحياء دون تعريب ومنها. ري كادي، الدانات، ميرال كروان، رست إن، الهليون، السمادير، ريسان، وغيرها كثير.

وتذكرت ما صرح به رئيس الجمعية العلمية السعودية للغة العربية الدكتور أحمد السالم قبل أيام حول تعريب أسماء المحلات التجارية وعدم تطبيقها رغم التعليمات الرسمية وقرارات وزيرا لشؤون البلدية والقروية، ووزير التجارة والصناعة ودعوة سمو أمير منطقة مكة المكرمة الذي أكد على ضرورة كتابة اللوحات باللغة العربية، رغم أن اليونسكو قد اعترفت بها كلغة عالمية سادسة.

ونجد عابد خزندار يكتب تحت عنوان: (لغتنا المهجورة) «والتي لم يقدر لها الانتشار وخاصة في البلاد التي فتحها المسلمون، بعكس اللغة الانجليزية التي تبنتها الدول التي استعمرتها بريطانيا، ثم إن أبناءها أنفسهم هجروها وأصبح لكل إقليم لهجته..».

وأخيراً فلعل مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية والذي بدأ بتنفيذ قواعد بيانات اللغة العربية وذلك ضمن مشروعات متعددة، لعله يسهم في خدمة اللغة وتخليصها مما تعانيه مختلف المؤسسات المعنية باللغة العربية من فجوة واضحة في رصد مسيرة اللغة العربية ومجالات عملها. وذلك بقيام المركز بالتنسيق مع الجهات المعنية باللغة وربطها بمركز متخصص بدءاً بما هو موجود في التعليم العالي بالمملكة ثم بدول الخليج العربية فالوطن العربي بأكمله، والقيام باستصدار القرارات والأوامر السامية والملزمة وفرض الغرامات والعقوبات المشددة على من لا يلتزم بتطبيقها، فمن المؤسف حقاً أن نجد المخاطبات والقرارات والأوامر والتذاكر سواء من الخطوط والبنوك ونحوها بلغة غير لغتنا، فهل بعد هذا امتهان واستهتار بهويتنا؟!

ألا نعتبر من الدول المجاورة لنا مثل باكستان وتركيا وإيران وغيرها!! هل نجد أحد المسؤولين أو مندوبيهم في المؤتمرات وغيرها يتحدثون بغير لغتهم القومية؟ أما مندوبو الدول العربية وللأسف فنجدهم يتفاخرون ويتباهون بالتحدث باللغات الأجنبية الأخرى.

فباختصار من لا تحترم لغته لا يُحترم من الآخرين.

وبالله التوفيق

Abo-yarob.kashami@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة