Culture Magazine Thursday  13/06/2013 G Issue 410
فضاءات
الخميس 4 ,شعبان 1434   العدد  410
 
لماذا نكتب ؟!
ما الغاية من الكتابة ؟!
سالم عبيري

 

مرة قال لكليزيو : نحن نكتب لأننا عاجزون !

نمارس التذكر فقط ..!

لن أتكلم عن لكليزيو فقد مات ! ولا سلمى لاغرلوف الكاتبة التي نقلت لنا السويد في مغامرات (الفتى نيلز) متحدثة عن حبها بلغة الطيور لقد سافرنيلز مع الطيور ورأى وعرف مالم يعرف واكتشفت أن ثمة لغة أخرى لا يستطيع البشر هدايتك لها لغة تعرفها الطيور فقط !

ايزابيل ابرها درت انتقلت من فرنسا إلى الجزائر تاركة ذاك الميراث من الحزن والذكريات التي التصقت بصورتها الذهنية دهرا طويلا عانت منها في سفرها في صحاري الجزائر الساحرة الجزائر غسلت حزن ايزابيل لقد وجدت في الجزائر إيزابيل الحقيقية .

هذه المرة منيرة الأزيمع ! كاتبة القصة قصيرة جدا الأنثى السعودية التي تعيش في المنطقة الشرقية عن مجموعتها القصصية ( الطيور لا تلتفت للوراء ) كاتبة الماء المتوحش لها هويتها ولغتها ليست سلمى ولا ايزابيل إنها سعودية لها حزنها ووحدتها ولها طيورها التي تتكلم معها وحزنها الخاص أيضا ككاتبة سعودية وإنسانة تقرأ البحر والآتي مع الطيور إنها تخلق لغة وحيدة وحزينة ومتفردة إنها تكتب لغة الطيف و لغة ناضجة وعندما تتحول الكتابة للحياة إنها نوع من الألم الذي يثير السؤال منيرة تكتب حزنها عبر إيمانها بالكتابة .

حول التفاصيل محادثة التفاصيل لغة الروح البحث عن كرسي للروح غريبة تبحث بين الطيور عن لغة .

الكلام مع البحر لغة الماء والأمواج المتوحشة انتظار روح ما ! في مكان ما ! في الجانب الغريب من العالم الآخر ! رسالة يأتي بها البحر هناك من يكتب حتى يقرأ له وهناك من يكتب حتى يكسب المال وهناك من يكتب حتى يحصل على مقبرة الضوء كل هؤلاء يموتون يبقى فقط من يكتب مثل ( سألها : لماذا لا تكتبين عنا قصة ؟ قالت : نحن رواية أريد فقط أن أعيشها ) من يكتب لأنه يعيش يكتب ما يتخيله ويعيشه مخيفة كتابة الخيال عندما تكتب خيالك فأنت تريد أن تقنعني بما لا أراه !

القطة التي كانت تمارس ذاك النوع من التجسس اللذيذ على مائدة ثمة حياة كاملة تحولها منيرة في طاولتها التي تشبه الحياة كلها وهي تمارس وحدتها (كانت الأطباق كثيرة على الطاولة .. اخترت منها الطبق الذي لا تحبه)

لا يوجد بشر أكياس اللحم والعظم في كتابات منيرة الأزيمع يوجد روح متوحدة مع ذاتها وحدها القطة بذيلها الذي يلتف بطريقة إبداعية كانت تعرف روحانية الوحدة والأشياء المختبئة لقد رمت منيرة الرمز في قصتها بشكل مذهل عندما جعلت من هذه القطة مشاركا وفاعلا في النص القصصي من الذي يكتب لمنيرة الحب الضائع رمزية الحب الطيف الآخر الغائب (رسالة غرام ) لا أحد أيضا لا وجه ولا صورة الحب طيف ليس جسدا عند منيرة اللحظة التي تأتي عفوا مثل الكتابة الحب الغائب في قصة (في كل عام ، تأتيني رسالة من رقم لا أعرفه كل عام وأنت حبيبتي أمسحها وأنا أرثي لحال هذا الذي أضاع رقم حبيبته مع تنامي السنوات أصبحت أنتظرها).

يبدو لافتا لنا أن ندرك أن من نحبه أو نهتم به لا يقدر قيمتنا !

كل الأشياء تصبح مثل حجر الألماس الذي تحول في قصة ( الفرق ) في كتاب الأحجار النفيسة ( ما لفرق بينه وبين أي حجر تقلبهما يد أعمى ) الحياة قفص كبير أحيانا يبدو إيماننا بما لا نؤمن به ضروريا حتى ما لا نؤمن به قد يأتينا على شكل هدية لا نريدها هي عكسنا تماما لكنه نوع من الحياة ! ونوع من أنظمتها التي نعيشها لكننا نخاف منها.

الشلل ومخاوف التوقف ! للإيمان مصدره في محق الشك !.

قصة ( بالأمس )

حركة مرعبة رغبة التحول والخروج من القفص (أهداني عصفورين في قفص وبالرغم أني أؤمن أن الأقفاص ليست للعصافير إلا أنني لم أستطع أن أرفض الهدية...) .

للطيور مهابتها كما للكسر مهابته.

قصة (على النافذة )

الرغبة الجامحة في التحليق الخوف من الدخول منيرة تفتح عوالم من الحيرة الشهية إنها تؤسس للحيرة باعتبارها والخوف تزين مخاوفها تلبسهما ثياب الدهشة في هذا النص الذي يصور خوف العصفور من الشرك من السجن نافذة إلى التوقف. ثوبها الذي فتحته فهاجرت منه الطيور في قصة (نسيان) ذاك النوع من التحليق في غرفتها (عندما استيقظت هذا الصباح وجدت البيت مملوءا بطيور كثيرة ...لا أدري كيف نمت البارحة ونسيت قميصي مفتوحا ) .

كم هي خائفة من أن تتوقف طيورها عن الطيران منيرة الأزيمع.

أحيانا نحن نحب أشياء ونهتم بها لكنها لا تتطور! نعطيها كل ما نملك لكنها لا تظهر أي شيء ! لديها حركة واحدة واتجاه واحد الحياة النمطية في التشكل.

قصة ( اختزال )

المراقبة صديقة الكتابة!

الشخصية التي يتقنها كل كاتب (خلقنا لنراقب وغيرنا يعيش ) ما لفة انتباه منيرة في الطيور ليس أنها تطير وتحلق في السموات وليس أنها تملك أجنحة لقد عاشت منيرة مع أفكارها وأرواحها أو طيورها كانت سعيدة بوقتها الذي بددته وهي تتأمل الطيور والكائنات و الشخوص الذين كانوا يقفون على نافذتها.

تراقب بدقة حركتهم ، شجارهم ، أكلهم ، وشربهم ، رغبتهم الدفينة في الحصول !

( هناك طيور لا تكبر... مهما أطعمتها... تبقى صغيرة...تلتقط الطعام...

ولا تكبر ) أشد ما أثار انتباهها هو تلك الحقيقة الصامتة في الطيور التي لم يتكلم عنها أحد أبدا وهي عدم التفاتها لما خلفها شجاعة المضي نحو ما تريد

لذلك جاءت نصوص منيرة الأزيمع متوثبة ومتوحشة الخيال ولا تلتفت مثل طيورها للوراء لقد رأت الأفق هذه الكاتبة السعودية منيرة الأزيمع .

- شاعر وباحث أكاديمي في جامعة القاهرة ماجستير لغة عربية

تبوك

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة