Saturday 14/12/2013 Issue 421 السبت 11 ,صفر 1435 العدد
14/12/2013

أحد رواد ألوان الأكواريل وأساتذته

محمد قدورة رسام النور وقارئ الأبيض أحال لوحاته إلى قصائد ملونة

الفنان اللبناني محمد قدورة أحد أساتذتي عنده بعد في الألوان المائية (الاكواريلو)، علم بذلك أم لم يعلم بعد أستاذي العراقي سلمان عباس الذي يعرفه كل من زاملني في معهد التربية الفنية في بدايات السبعينيات، أو ما تلقيته من خبرات من تجارب الفنان اللبناني مصطفى فروخ الذي أهداني أحد أبنائه مجموعة من صور لوحاته وكتاباً عن حياته, هؤلاء رموز لقمم فن الرسم بالألوان المائية مع نخبة أخرى على المستوى العربي سأقدمهم تباعاً في أعداد قادمة.

التقيت بالفنان قدورة خلال استعداده لإقامة معرضه في الرياض عام 81م تقريباً. ودار بيننا حديث نشر في وقته حول الفن العربي عامة واللبناني على وجه الخصوص، وعن فنون الرسم بالألوان المائية. انقطع تواصلي معه منذ ذلك الوقت مع أنه باقٍ في الذاكرة وكنت حريصاً على أن التقي به مرة أخرى ولم أحظَ بذلك اللقاء حتى عند زيارتي لبيروت لوجوده خارج لبنان، ولم أكن أفوت فرصة مع فنان لبناني إلا وأبحث من خلالها عن هذا الفنان الذي لا يبحث عن ذاته أو يسعى للشهرة، التي تأتيه طواعية.

قارئ الأبيض وعاشقه

هكذا عنون الناقد سمير الصائغ مقالته عن الفنان محمد قدورة من بين الكثير من المقالات والتحليلات لأعماله يقول فيها الكاتب (فجأة يختفي المنظر الطبيعي اللبناني في بعض مائيات محمد قدورة، يختفي كمنظر ليظهر كشكل فني كمجموعة عناصر، كخطوط مستقيمة،كوحدات لونية، كشعر تشكيلي، كنظام فني).

ويكمل الناقد الصائغ في جزء من المقال قائلاً: إنه البياض مرة جديدة. البياض الذي بدأ معه الفنان محمد قدورة مغامرته الفنية في معرض المريسة في أوائل السبعينات.

ويضيف الناقد: يتكامل البياض في مائيات محمد قدورة الجديدة يتحدد ويحدد -إذا جاز التعبير- فهو الحد الفاصل بين الساحة والبيت، بين المئذنة والجدار، وهو في الوقت نفسه المئذنة والساحة والجدار والسماء، أي إنه الورقة البيضاء نفسها التي يرسم فوقها مئذنته وسماءه.

رسام النور

يقول عنه الناقد طوني بونافيا: (يمكننا التحدث عن أشياء كثيرة، ولكننا عندما نشاهد أعمال قدورة، نتبين أن الفنان لم يبتغ أن يشخص أو يرسم فقط الشكل الزاخر بالتخيلات الخلاقة، والرقة اللونية، وإيقاع الشفافية، وإنما أراد أن يؤكد أن هذه الشخصية التي تحدد بواسطة المعالجة لحركة المنظور المختلف والظل المتنوع والألوان التي تملك خصائصها الأساسية.

أما الناقد بلند الحيدري -يرحمه الله- فقال عن محمد قدورة: فنان حساس يمتلك إمكانية أدائية ممتازة ما بين الأقواس والمثلثات والخطوط المستقيمة والمنحنية, إلى جانب وعيه بأهمية الاختصار والتكثيف في العمل الفني. عمران القيس أيضاً كان له كلمة في الفنان محمد قدورة حيث قال: وحول هذا البياض أجاب الفنان محمد قدورة على سؤال لأحمد زين في برنامج روافد الذي قدم هذا المبدع وأعاد لنا تاريخه وسيرته, واختصر المسافة مع ما أنا عليه من حرص على اللقاء به، يقول الفنان محمد عن البياض في لوحاته: (هذا سر من الأسرار التي حتى الآن لم أبح بها، منظور غير مرسوم وأقصد أنه ليس فضاء وليس ضوءاً فقط هو فضاء وضوء، ولكن يلعب دوراً كأنه شيء موجود؛ لأن المتلقي يحس بوجود شيء ما يشارك به القصة فالأبيض باب كثير واسع كبعد فلسفي تمكن الإنسان عند النظر إلى اللوحة بصرياً للتفكير فيها يقرأ الأبيض الذي يحكي له حكايات كبيرة. كما أن البحر بين ثانية وثانية يقول لك جملة جديدة.

الأكواريل وشاعرية قدورة

يعد الفنان محمد قدورة من الفنانين المخلصين لوسيلة تعبيرهم الفنية لم يخرجوا عنها إلى أدوات أخرى كالألوان الزيتية أو الاكرليك أو النحت، في وقت تسابق فيه الفنانون على سبل البيع والتسويق وإرضاء الزبون، تمسك بألوانه المائية (الاكواريل) رغم تواضع قيمتها المادية نظرا لحجمها الصغير مقارنة باللوحات الأخرى التي تتجاوز المتر إلى حجم الجداريات، وأصبحت ألوانه المائية بمثابة وسيلة شاعرية كما قال عنها: “إنها بالنسبة له هي الشعر بالفن التشكيلي”.

بداية قصة إبداع قدورة

يقول ضمن حوار روافد ان ادوات رسامٍ هنغاري كان يستأجرُ بيتاً يعودُ لأهلِه هي ما اشعل جذوة الابداع فيه واطلق حرية موهبته التي كان يجهلها، حيث شدتْهُ رائحةُ اللونِ ليدخلَ حديقةَ اللوحةِ التي لم يغادرْها منذ ذلك اليوم، الشيء اللي أذكره تماماً أو الوالدة كانت تقول لي الله يرحمها إنه كان هناك مستأجر اسمه جان غالاس كان هو وزوجته يرسموا وينحتوا، كنت وأنا صغير أنزل على حديقة المنزل فتلفت نظري فرش الرسم الموجودة بعلب التنك التي تخرج منها رائحة التنر وكأنه عطر، تشدني هالأشياء. كما اذكر انني قبل ما ادخل المدرسة الابتدائية شاهدت أختي الكبيرة وبعض زميلاتها يقومون بالرسم بأسلوب المربعات لتكبير الشكل المراد رسمه فأخذت قلم الرصاص ورسمته بدون أي مربعات، اما بعد دخولي الابتدائي فكانوا يسموني رسام المدرسة، كنت اختبار الرسم لكل الصف الثلاثين طالب وفي آخر خمس دقايق أرسم رسمتي.

بطاقة تعريف

ولد الفنان محمد انيس قدورة في بيروت، تخرج من اكاديمية الفنون الجميلة في روما، اقام اكثر من عشرة معارض كما استقينا هذه المعلومات من احد اصداراته وشارك في العديد من المعارض الجماعية.

monif.art@msn.com