Culture Magazine Thursday  18/04/2013 G Issue 403
فضاءات
الخميس 8 ,جمادى الآخر 1434   العدد  403
 
الخطاب وفوضى الثورة الخلاقة
سهام القحطاني

 

عندما نتحدث عن الخطاب في ظل ثورات الربيع العربي لا نستطيع أن نغفل ثلاث مرتكزات أساسية أنبنى عليها ذلك الخطاب وهي؛نوع الفئة المستهدفئة ونوع الرسالة ونوع الوسيلة.

1-نوع الفئة المستهدفة.

ركز خطاب الثورة على فئة الشباب وشحنهم للخروج إلى الشارع، واختيار الشباب لثلاثة أسباب ، السبب الأول أنهم هم أكثر المتضررين من الوضع العام الذي أنتجته الأنظمة القمعية، والسبب الثاني سهولة التواصل مع الشباب كونهم يتصفون بالعلم والخبرة في استخدام تقنيات الحواسب وآلياتها الإجرائية مثل الفيسبوك وتوتير والمدونات ، و السبب الثالث أنهم الغالبية في المجتمع.

2-نوع الرسالة. التشجيع على نزول الشارع و التحريض على المشاركة و توزيع الخطط والمهام وربط المعلومات ونشر الصور وتداولها.

3-نوع الوسيلة الحاسوب وآلياته مثل الفيسبوك و توتير والمدونات، و تتميز هذه الوسيلة بسرعة التغطية الإعلامية المصورة ونشرها و تداولها وما هو يزيد من فاعلية قوة تأثير المعلومة، أنها تُسهل الحصول على أكبر عدد من المؤيدين.

و من أجل الدور الكبير الذي قامت بها صفحات الفيسبوك سميت ثورات الربيع العربي بثورات الفيسيبوك.

وتلك المرتكزات أثرت بدورها على «نص الخطاب» «أي إنتاج العلاقات الاتصالية واستقبالها» الذي خرج من فردية الفاعل إلى تشارك الفواعل مما أضر بأصل القيمة النصية الصدق و الحقيقية لمصلحة الانفعال والتطرف.

كما أثر على «لغة الخطاب المتداول» الذي مال إلى العامية والإيجاز والترميز أو ما يسمى بخصائص كفاية السلوك الاتصالي التي تمكن الفاعل من القدرة على اشتقاق منطوق يناسب الموقف الاقتضائي لإنتاج تفاعل جمعي.

يتشكل الخطاب من خلال « استراتيجية القيمة» و لا وتبرز تلك القيمة في الخطاب بصورتها المجردة، إنما من خلال مجموع العلاقات والانفعالات.

واستراتيجية القيمة في خطاب ما قبل الثورة تعتمد في تحولها على المرجع الاجتماعي، كما تلتزم بضابط المعتقد.

من المبكر أن نحدد « نوع الاستراتيجية ما بعد « الذي سيتشكل في ضوئها خطاب ما بعد الثورة.

لكن بصورة مبدئية يمكننا القول أن هناك استراتيجيتين يمكن أن تشكلّ أحدهما خطاب ما بعد الثورة، أو أن يُشكلان معا بالتوازي المعاكس خطابين مختلفين.

الاستراتيجية الأولى التي ستعتمد على «ثيمة ما بعد سقوط الأبوية».

وخطاب هذه الاستراتييجية سيكون ممثلا لخصائص الفوضى الخلاقة من إسقاط الحدود المعرفية للمفاهيم والعلاقات و هو ما يجوّز لها إلغاء الجذر الفكر للقيمة

والتخفف من أخلاقية المبدأ و تهميش المرجع و عدم الالتزام بضابط المعتقد في ممارسة تفكيكاتها من باب تقويض المشروع المركزي أو المتبقي من السلطة الحاضرة أو ما يدخل في حسبان المشروع الأبوي.

والاستراتيجية الثانية ستعتمد على « ثيمة ما بعد الاصطفائية» في ظل فوز التيارات الدينية ووصولها لفاعلية الحكم، وسيتصف خطابها بأحادية الإطار المعرفي للمفاهيم والعلاقات وهو ما سيُنتج تطرف رؤيتها الفكرية وما سيستتبع ذلك من إقصاء للرؤية المخالفة.

وتشكل هذين الخطابين بعد الثورة بالتوازي سيؤدي إلى العنف الفكري بينهما وسيُنشئ صراعا بينهما على «مفهوم حرية الفكر والإبداع والفن و معاييره وحدوده المأمونة» وصراع على «المرأة وحدود حقوقها».

وهو تشكّل بلاشك لن يتم إلا في ضوء الفوضى الثورية للقيم والمعايير.

ويمكن تعريف الفوضى الثورية الخلاقة بأنها «الهدم الواعي لقوانين وضوابط السلم المعرفي وبنية حدود التصور للمدونة المفاهيمية التي تشكل أفكار أفراد المجتمع وعلاقاتهم وأفعالهم؛ لتجديد المدونة الفهمية للمجتمع من خلال إعادة بناء السلم المعرفي و صياغة بنية حدود التصور، وإنتاج منظومات إجرائية جديدة».

وتمر الفوضى الخلاقة في ظل الثورات الشعبية بأربع مراحل هي مرحلة الهدم والإزاحة ومرحلة البحث ومرحلة الاختيار ومرحلة إعادة البناء.

> مرحلة الهدم والإزاحة، وتقوم هذه المرحلة على هدم بنية و تفكيك السلم المعرفي الذي يشكل المفاهيم وينظم توزيعها الدلالي.

تتكون المفاهيم من جزأين حد تصور ومعيار تقويم، وبالتالي أي هدم لمدونة فهمية أو بناء لمدونة فهمية ، يجب أن يهدم أو يبني قيمتين، قيمة البنية وقيمة السلم.

والبنية في المدونة الفهمية هي «مصدر حدود التصور» والسلم في المدونة الفهميّة هو «مصدر معيار التقويم».

وكل حد تصور في البنية يقابله بالتوازي معيار تقويم في السلم المعرفي.

ولذلك فإن الإزاحة في مرحلة الهدم يجب تراعي هذا الأمر، أي شمول إزاحة حد التصور بمصاحبة المعيار التقويمي الموازن لها في السلم المعرفي، واضطراب الإزاحة الثنائية للحد أو للمعيار لأن يحقق «قيمة الخلاقة» في مرحلة إعادة البناء؛ لأن الباقي من الثنائية سيعق ا لإضافة، فلو بقي حد التصور لن يقبل إضافة معيار التقويم مما سينتج اضطرابا في بناء السلم المعرفي.

ولو بقي معيار التقويم لن يقبل إضافة حد تصور مما سيُنتج اضطرابا في تأليف البنية.

وكذلك الأمر في عملية البناء فالاكتفاء بطرف من الثنائية إضافة حد دون معيار تقويمي موازن لها، أو إضافة معيار تقويمي دون حد تصور موازن له، سيؤدي كل منهما إلى اضطراب إعادة بناء السلم المعرفي والبنية المؤلفة لحدود التصورات.

> مرحلة البحث، وهذه المرحلة تعتمد على البحث تحت شرطية «الموازن المتكافئ»

والبحث يجب أن يسير على أربعة مستويات ضمن شرطيتين الشرطيّة الأولى « سلامة الهوية العامة» و الشرطية الثانية تحقق «الموازن المتكافئ» وهي.

مستوى حد التصور.

- مستوى معيار التقويم.

- مستوى تشابه المرجع.

- مستوى واقعية الناظم.

- مستوى قبول شكل التمثيل المقترح.

وهذه المرحلة تعترضها الكثير من الصعوبات، لأنها تحتاج على مستوى الفاعلية التنفيذية مؤهلات خاصة، أهمها عند التحيز لأي تيار فكري أو ديني أو سياسي أو أقلي.

وتكمن صعوبة تحقيق ائتلاف موازنات متكافئة تتوافق عليها المستويات الأربعة أو تشملها.

وأي ثنائية أو ثلاثية تؤدي إلى صراع في المجتمع.

ولذلك تتطلب هذه المرحلة الالتزام بقانون المقاربات؛ لأنه يُسهلّ لنا التحقق من سلامة رباعية الموازن المتكافئ .

ولصعوبة البحث في ظل الشرطيتين السابقتين قد تطول مرحلة البحث أو مرحلة «فجوة عدم الاستقرار».

- مرحلة الاختيار؛ وهي تتضمن «الاستقرار على مجموع من الموازنات المتكافئة الملتزمة بشرطية الهوية العامة، والصالحة لإنتاج تجربة اجتماعية جديدة، والمعوّضة للمُزاح من المدونة الفهمية».

أما مرحلة إعادة البناء، فهي «سلسلة من الإجراءات لدمج الموازنات المتكافئة في المدونة الفهمية و دعم قوانين إنتاج التأثر والتأثير».

وسلسلة الإجراءات تلك هي التي «تعيد بناء قوانين وضوابط السلم المعرفي و بنية حدود التصور للمدونة المفاهيمية و التي ستشكل أفكار أفراد المجتمع وعلاقاتهم وأفعالهم وتُنتج منظومات إجرائية جديدة».

وقفة

مبارك عودة الناقدة االمبدعة

الدكتورة فاطمة الوهيبي ونورت الثقافية

جدة
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7333 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة