Culture Magazine Saturday  21/09/2013 G Issue 412
فضاءات
السبت 15 ,ذو القعدة 1434   العدد  412
 
رؤية
افتح قلبك
فالح العجمي

 

هذه ليست دعوة للتسامح، وإبداء الود إزاء الآخرين، كما يتبادر إلى الذهن من الوهلة الأولى؛ بل هي شعار لممارسات في اليوجا تؤدي إلى فتح القلب البيولوجي لدى الإنسان فعلاً. وهي وإن بدت تمارين للظهر، كما تظهر أسماؤها، أو عناوين الحركات، وشكل انحناءات الجسم فيها، إلا أنها تؤدي في النهاية إلى آثار إيجابية على القلب بالدرجة الأولى، وعلى أعضاء أو أجزاء أخرى من الجسم لم يحسب لها المتمرن حساباً؛ لكنها تستفيد من ذلك النوع من التمارين.

هي ليست أحجية .. تمارين الظهر، أو أشهرها، الذي يسمى «R»، كما يظهر في أدبيات اليوجا تقوم بوظائف متعددة منها: فتح مجاري التنفس إلى درجات تقترب فيها من وضعها الطبيعي، وتحرر الأعضاء السفلى في محيط القفص الصدري من ضغط الأعضاء التي تعلوها، ومن ثقل ما قد يكون تراكم من شحوم في طبقات البطن الموالية لها، بالإضافة إلى تحول عضلة القلب إلى وضع مغاير لما اعتادت أن تكون عليه، مما يغير من سرعة تدفق الدم دون حاجة إلى جهد إضافي من القلب.

عندما رأيت تقوس الظهر الكامل في الصورة، وفي التدريبات لاحقاً، ظننت أنه شيء مستحيل، أن يمارسه من لم يتدرب على حركات اليوجا، أو التمارين الهوائية باستمرار منذ صغره. لكن قليلاً من الصبر، والرغبة في الحصول على نتائج أفضل حسبما وصفت حالات الاسترخاء فيها؛ دفعتني إلى الصبر على أداء التمرين أولاً، ثم على إطالة الوقت، الذي أقضيه في تقوس الظهر المقلوب ثانياً. وفي هذا الشأن كانت التجربة رائعة، والنتائج باهرة في إطار زمني قصير.

لن أتحدث من وجهة نظر رياضية، فالمتخصصون في الرياضة، وفي طب وظائف الأعضاء أعرف بذلك؛ لكن كثيراً من تلك الأدوار التي لم تستطع أن تقوم بها برامج التغذية، أو المشكلات التي لم تستطع أن تتغلب عليها البرامج العلاجية المختلفة في طرقها ودرجات نجاحها أيضاً، قد تم تفاديها بوسائل تنقية الذات الداخلية. وهي في أغلبها تقوم على رياضات تحث أنظمة الجسد على التكامل، وعلى إبراز وسائل دفاع فاعلة ضد المكونات المنهكة لعناصر تلك الأنظمة.

ولهذه الرياضات جانبان تحقق في كل منهما تقدماً حسب الجهد المبذول من جهة، وحسب الإيمان بقدرة الذات على الوصول إلى مرحلة متقدمة من جهة أخرى. الأول منهما يتعلق برفع كفاءة الجسد، والاستفادة من طاقاته غير المستغلة؛ إذ يشير بعض المختصين إلى أن الإنسان في الغالب لا يشغل سوى أقل من ربع ما يستطيع الاستفادة منه في جسده، وهو أمر فيه هدر للطاقات بكل تأكيد. أما الجانب الآخر، فيتعلق بتكييف علاقة الجسد بالبيئة المحيطة من حوله، والظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيش فيها؛ وهي أكثر صعوبة من الأول، علماً أن تحقيق التقدم الكبير في الجانب الأول، يساعد على التأقلم في الجانب الآخر.

فبعض الممارسات على شاكلة رياضة الزن على سبيل المثال تعني أن يجلس المرء في وضع قائم، ويترك التنفس يأخذ مجراه بطريقة طبيعية، بغض النظر عن نوع الأفكار التي ترد إلى الإنسان. فالهدف أصلاً من رياضة الزن هو الوصول إلى مرحلة التخلص من كل التصورات المثقلة لذهن الإنسان؛ بحيث يتحرر من سلطة العادات، والنهم المبالغ فيه لأي رغبات حسية يشعر بها الإنسان في حياته اليومية. فتصبح منظومة الجسم: من التنفس إلى طريقة اشتغال الدماغ، وتفاعل الأعضاء مع متطلبات الإشارات الدماغية؛ كلها في إيقاع واحد سلس ورتيب ومتناغم. وتتماهى مع عناصر تلك المنظومة كل من النماذج الثقافية، بما فيها اللغة والتربية ودوائر التراث المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية.

- الرياض
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 9337 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة