Culture Magazine Thursday  23/05/2013 G Issue 407
فضاءات
الخميس 13 ,رجب 1434   العدد  407
 
ثقافة السياحة: صباحات من ذاكرة (لندن) (3)
د. عمر بن عبد العزيز المحمود

 

كنت في الجزء السابق أشير إلى أهمية الدعاية والإعلان في ثقافة السياحة، وأؤكد على التخاذل الذي تجده السياحة في وطننا الحبيب من هذه الناحية، وبإمكانك التأكد من هذا الكلام من خلال سؤال مَن بجانبك عن أهم المناطق السياحية في بلده، وأصغ لما سيقول! بل تأمل في شوارعنا المزدحمة وانظر إلى الإعلانات المنتشرة في كل ناحية منها وأخبرني عن نسبة الدعاية السياحية منها، وعن عدد الإعلانات التي تحاول جذب السياح إلى أماكن سياحية وتثقيفهم عن الأماكن التي تستحق الزيارة في المنطقة التي يقطنونها، بل تجاوز ذلك وشاهد الإعلانات التلفزيونية التي تبثها المحطات الفضائية في كل وقت، واحسب نسبة الإعلانات التي تخص السياحة منها، وترشد المواطنين إلى الفعاليات والبرامج والأنشطة السياحية التي يمكنهم زيارتها في المنطقة.

إن الإشكال الذي يقع فيه كثير من العامة هو اعتقادهم أن المنطقة السياحية محصورة في المطاعم والأسواق وأماكن الترفيه، أو الجلوس على الشواطئ البحرية والمسطحات الخضراء، وهذا غير صحيح إطلاقاً، فالدول الذكية تحرص على تجاوز ذلك، وتهيأ نفسها لسياحة متميزة خاصة، تتكامل فيها المناطق السياحية بأنواعها وأشكالها، لتلبي رغبة مختلف الأعمار والثقافات والاهتمامات، وأهم ما يحضر في هذا السياق هو اهتمام الدولة بالفنون والتراث، والعناية بما يظهر افتخار الشعب بثقافته ووطنه إرثه الفكري والحضاري، وجعل ذلك من معالم السياحية في البلاد.

وللتأكيد على التقصير الواضح في الإعلان عن الأماكن السياحية سأشير على سبيل المثال إلى واحد من أبرز الأماكن التي تستحق الزيارة في مدينة الرياض، وهو (المتحف الوطني السعودي) الواقع في قلب الرياض، ويضم تحت سقفه عددا كبيرا من الآثار والمقتنيات النادرة التي تعود إلى عصور تاريخية متتابعة، وهو يشكل العنصر الأكبر بين العناصر المكونة لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي بمساحة إجمالية تصل إلى 28000م2، والسؤال هنا: كم نسبة القراء الذين يعلمون بوجود هذا المتحف؟ وكم نسبة الذين فكروا بزيارته يوما ما؟ وكم نسبة الذين زاروه فعلا؟ وكم عدد الإعلانات التي كشفت عن وجود هذا المتحف ودعت المواطنين إلى زيارته؟ وكم عدد مدارس التعليم العام التي أقامت زيارات لطلابها لهذا المتحف؟ وكم عدد أساتذة الجامعات المتخصصين في التاريخ والحضارة الذين حثوا طلابهم على زيارته أو كتابة تقرير عنه؟

إن هذا الضعف الواضح الذي يعانيه المجتمع في ثقافتنا السياحية راجع إلى عدم وعي المسؤولين بأهمية هذا القطاع رغم زعمهم أنهم يعملون على تنشيط السياحة في المنطقة، إلا أن ما أراه ويراه المتأمل لا يرقى إلى أهمية هذا القطاع والعناية به، وأتمنى أن يفيد المسؤولون من خبرة دول ومدن تميزت في هذا الجانب كلندن على سبيل المثال التي يجد فيها الزائر كل مقومات السياحة، بل دعك من لندن وانظر إلى مدن خليجية بدأت ترتقي سياحيا حتى وصلت إلى العالمية كدبي والدوحة التي زرتهما مؤخرا وألفيت فيهما تقدما وتطورا ملحوظين في هذا السياق، ولا أظن وطننا الحبيب بمدنه المتناثرة ينقصه شيء حتى يصل إلى قمة الهرم السياحي، ولا أعتقد أن المسؤولين يحتاجون إلا إلى جرعة ثقافية مكثفة في أهمية السياحة، والوعي بقيمتها الكبرى على المستويات كافة.

omar1401@gmail. com - الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة