Saturday 28/12/2013 Issue 423 السبت 25 ,صفر 1435 العدد
28/12/2013

تحملت رفض والدها دخولها الفن ووجدت دعم والدتها

علا حجازي من علوم اللغة والفلسفة إلى عالم الفن والإبداع والحضور العالمي

علا حجازي فنانة سعودية ديناميكية الحركة تعيش إبداعها في كل لحظة تسقط فيها عيناها على جزء من محيطها البيئي أو البشري تنشغل في البحث عن تطوير أدواتها وتسعى لتقديم الجديد، لا تلتفت إلى ما يعكر صفو عطائها مما يثار في الساحة من مهاترات، وإن ساهمت بشيء فهو في حدود تقريب وجهات النظر..

تعشق التراث وتعيش جديد الحاضر وتنغمس في أعماق طفولتها، لها حضور منافس في المعارض الداخلية وحضور مشرف في المعارض الخارجية، تنتقي المناسبات التشكيلية وتسعى لأن يكون تواجدها مؤثرا.. تعمل بجهد كبير وتبني أسلوبها بثقة، تستمع لكل ما يقال عن تجربتها دون تذمر، وتنتقي ما ترى فيه رأيا يدفعها لتقييم وتقويم مسارها، كان لنا معها في هذه الصفحة أجمل المواقف بالنسبة لها حيث استشرفنا امتلاكها للموهبة عندما لم يحالفها الحظ في كسب الجائزة الأولى في مسابقة من المسابقات التي شاركت فيها في بداية تلمسها لطريقها التشكيلي، وأشرنا إلى أنها تستحق تلك الجائزة، واليوم نسعد أن نراها بهذا النجاح والحضور والتميز، مؤكدة به أننا لم تخطئ التصويب ففازت وساهمت وتنقلت بإبداعها خارج الحدود بعد أن وضعت موقعا لقدمها في الساحة المحلية وصلت به إلى منافسة الرواد قبل الأجيال الجديدة التي تشكل الفنانة علا أحد أبرز الأسماء في الفن السعودي الحديث.

بساطة التكوين وعمق الفلسفة

تعتمد الفنانة علا حجازي في تنفيذ أعمالها الفنية على البساطة والاختزال في العناصر، تتجه إلى مسافات أبعد من الشكل إلى أعماق الفكرة، تسترجع وتستعيد في كل جزء من اللوحة شيئا من مختزلها البصري والفكري وتمزجهما بثقافتها التشكيلية لتخرج بصور ذات دلالات ومعاني تدفع المشاهد لاستنباطها بناء على وعيه الجمالي والتشكيلي، تجمع في صياغتها للعمل بين الإشارة في كثير من الأحيان وبين تناغم اللون حسب الفكرة أو الإيحاء.

احتفظت الفنانة علا بموهبتها في وجدانها فترة طفولتها واتجاهات إلى دراسة اللغة العربية تخصص بلاغة وأدب، ثم دبلوم علم النفس، احتراماً لرغبة والدها الذي لا يرى في الفن التشكيلي ما يؤمن المعيشة، ومع ذلك لم تخسر تلك الفترة من الابتعاد عن ممارسة الفن والاهتمام بدراسة اللغة فقد عادت منها بالكثير من الفوائد، وأصبحت كمرجع لكثر من أعمالها الفنية كما تقول في أحد الحوارات الصحفية معها (الأدب العربي مليء بالمعارف والشعر الذي هو أيضاً من الفنون، ولكني لم أنسَ الفن التشكيلي، فالرسم ولد معي، أذكر دوماً حين كنت طفلة كانت أوراق الرسم في يدي، “أشخبط” عليها وجوه من حولي، كنت لا أسعد إلا حين أرسم، ومازلت أهرب من كل مجاملات الحياة كي أستمتع بألواني).

حضور محلي وعالمي

لوالدة الفنانة علا حجازي دور بارز ومؤثر في مسيرتها التشكيلية فقد منحتها الدعم والاهتمام وعوضت ما فات من أيامها الماضية ومنحتها الحرية في ممارسة موهبتها، قناعة من والدتها بأن لديها ما يستحق الدعم كان سبباً في انطلاق الفنانة علا إلى آفاق الإبداع والمنافسة والحضور وإثبات الذات، دعمت هذا الحضور بدراسة الحفر والطباعة في كلية كنسغتون آند تشيلسي كولدج، وزارت متاحف لندن وباريس وأميركا تلتقط ما يدهشها كما تقول كي ترسم ما يناسبها.

التعامل الراقي أكسبها الإعجاب

ما يشهد لها به هو تعاملها المتميز مع كل من بالساحة فالفنانة علا حجازي تقدم عملها على أي شيء آخر قد يعيق تواصلها مع مرسمها ومع ألوانها، في المناسبات التشكيلية تتقدمها أعمالها قبل أن تعرف الآخرين بها، منحت الأطفال جزءا من وقتها المزدحم بالعطاء والالتزام مع مشروعات محلية وخارجية ففتحت مرسمها للمواهب الصغيرة وأشعرتهم أنها جزء منهم، وأن ما يقدمونه إبداع يستحق التقدير والتوجيه والمؤازرة، فكانت أجمل العبارات المعبرة عن حقيقة ذلك التعامل حينما تقول الفنانة علا حجازي (حاولت أن أجعل الأطفال يتبعون أبجديات لونية، خسرت فرحتهم، وشعرت بأنهم يفقدون الاستمتاع باللوحة، لذا تركتهم يرسمون ما يشاءون، وظللت أتابعهم بعيني دون تدخل مني) منحتهم ذلك الإحساس من خبرات اكتسبتها من خلال دورات وورش فنية التحقت بها في لندن، ومن معارض فنية زارتها في سفرياتي، وقد بهرتها أعمالهم المليئة بالإبداع.

تقول الفنانة علا معلقة على جديد مشاركاتها الدولية، أنها في عام 2006 كانت تتجوّل بين أروقة (المتحف الإسلامي ماليزيا) في مدينة كوالالمبور، سألت الله كيف تصل أعمال فنانة إلى هذا المكان!!.. بعد أعوام من الجهد والعمل والبحث والعرض في أماكن مختلفة، نسيت سؤالي حتى تذكرته فجأة يوم عرفت بأن صاحب (المتحف الإسلامي ماليزيا) السيد مختار بخاري والسيد محمد بخاري مدير المتحف قد اختاراني لتنفيذ أربع جداريات تخص مقتنيات المتحف، موضوعها عن الخط العربي المعاصر، من أجل عرضه في احتفال 15 سنة على افتتاح المتحف، الذي صاحبه معرض (ن والقلم) حرف وكلمة، جميع المعروضات من مقتنيات المتحف لـ36 فناناً من دول مختلفة، السعودية، تونس، مصر، سوريا، ماليزيا، وإيران.

جاء عرضي بفكرة أشتغل عليها منذ زمن حين وعيتُ وأنا طفلة على حب أبي -رحمه الله- وتعلّقه في اقتناء السجادات الفاخرة، كان يحملها لمنزلنا وكأنها قطعة من قلبه، لذا أسميت مشروعي

(مذكرات سجادات)، لأني في كل سجادة أنسجها بفرشاتي تنتقل روح أبي لداخلي، أستمد من غيابه القوة على حياكة الحياة بألوان زاهية، أجدّد بذلك حكايات الصباح المثيرة بأشكال مختلفة.

افتتح معرض (ن والقلم) في يوم 9 ديسمبر 2013 ويستمر حتى شهر مايو 2014، تحت رعاية الوزير الأول لماليزيا نجيب تون رزاق، حضر الاحتفال بعض من الفنانين المشاركين من ضمنهم، من السعودية علا حجازي، تونس نجا المهداوي، سوريا منير الشعراني، مصر سامح إسماعيل، وغيرهم من الفنانين الذين تضمنت أعمالهم مقتنيات المتحف.

كما تضمن جدول المعرض ورشة وعرض تجربة تشكيلية لكل من الفنانة علا حجازي والفنان سامح إسماعيل.

monif.art@msn.com