Saturday 01/11/2014 Issue 449 السبت 8 ,محرم 1436 العدد
01/11/2014

أسماء افتقدتها الساحة فأحدث غيابها فجوة لا يمكن ردمها (2)

عبد العزيزالماجد كسب إعجاب الجمهور ببساطة أسلوبه ودق به وتد شهرته

أشرنا في العدد قبل السابق الى أننا عبر هذه الصفحة من المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة نسعد أن نذكر المتابعين بأسماء كان لها دورها في انطلاقة الفن التشكيلي المحلي تقديرا لهم عبر سلسلة نقدم من خلالها الأسماء التي افتقدتها الساحة، مع ما كانت عليه تجاربهم من أهمية ودور في تأسيس الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية أبدعوا وساهموا وشاركوا في وضع اللبنة الأولى، قدموا أعمالا تحمل خصوصية وأساليب لو قدر لها الاستمرار والتواصل في حضورها لأحدثت تغيرا وكونت نقلة مختلفة، وساعدت في تثبيت مسيرة الفن التشكيلي المحلي.

غابت تلك الأسماء بشكل هادئ منها من ابتعد تماما ومنهم من له حضور غير مؤثر لتقطع ذلك الحضور، على الرغم من أن لكل منهم قيمته الفنية بما تحمله أعمالهم من أساليب معاصرة سنستعرض بعض منها ونختارهم بناء على الأساليب وتقنيات التنفيذ.

الماجد وروح الطفولة

طرح سؤال على الفنان العراقي ستار درويش الذي يعتمد في لوحاته على تعابير وأداء طفولي عن تلك العلاقة وهل لها علاقة بطفولته، فأجاب قائلا ان الطفل الأقدر على اكتشاف الشكل والأكثر صدقاً في تدوين مشاعره. مستدلا بأنه لن يكون بوسعنا تمييز لوحات مجموعة من الصغار وتحديد من رسم أي منها وفق رسوماتهم سواء من حيث هويتهم وجنسيتهم أو دينهم أو انتمائهم، لذا فأنا أحب ما تختزنه ذاكرتي من الطفولة.

من هنا ومن كثير من الآراء من الفنانين المهتمين والممارسين في لوحاتهم روح الطفولة شكلا وموضوعا يمكن أن نعود لضيفنا اليوم الفنان عبد العزيز الماجد العائب عن الساحة والحاضر في ذاكرة تاريخ الفن التشكيلي المحلي، فهو من الاسماء التي أسهمت في انطلاقة هذا الفن خصوصا في المنطقة الشرلايقة ليمتد نشاطه خارجها وخارج الوطن فقد عمل مقرراً لقسم الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، نفذت له أمانة الدمام عدداً من المجسمات الجمالية في كل من الدمام والخبر ورأس تنوره أقام معرض الشخصي الأول لجمعية الثقافة والفنون بالدمام في صالة رعاية الشباب الدمام عام 1414هـ المعرض الشخصي الثاني لجمعية الثقافة والفنون بالرياض في صالة الرياض للتعمير عام 1420هـ.

شارك الفنان في عدد من معارض المنطقة الشرقية التي أقامها فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام ومكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالدمام شارك في معرض الفن السعودي البحريني المشترك الذي أقيم بمناسبة افتتاح جسر الملك فهد، كما شارك في عدد من المعارض الجماعية التي أقيمت في جدة والرياض وفي المعرض الجماعي لصالح لجنة أصدقاء المرضى بالرياض عام 1411هـ، وشارك ضمن لجان تحكيم في بعض المعارض داخل المملكة العربية السعودية، وشارك في تحكيم مسابقة أرامكو السعودية لرسوم الأطفال حصل خلال مسيرته على عدة جوائز من بينها الجائزة الأولى معرض المسابقة الأولى لجمعية الثقافة والفنون - الدمام - عام 1982م.

أسلوب السهل الممتنع

بعد هذه الإطلالة على نشاطه الذي لم يستمر ولم يعلن عن أسباب توقفه مع ما نعلمه من انه ما زال يعطي ويبدع بأسلوبه الذي يمكن وصفه بالسهل الممتنع الذي كسب ببساطته إعجاب الجمهور ودق بها وتد شهرته أسلوبا وتاريخا وموقع قدم في الساحة، وحينما نشير إلى سهولة إبداعه فهو في اختياره للعناصر الحالمة المتنوعة بين طبيعة وعناصر حية كالحيوانات والطيور وغيرها لكننا نتوقف إعجابا بجانب الامتناع عند تقليدها، كون الفنان يؤديها بمستوى عال من الاحتراف والتمكن من أدواته خصوصا ما يتعلق ببناء اللوحة إذا أخذناها من جانبها التقني في بناء اللوحة من حيث التكوين العام لونيا وخطيا وتوزيع عناصر وتوازن، فهي تبرز ما يملكه من قدرات تنقل توقع المشاهد غير المختص من حالة هروب الفنان إلى سهولة الفكرة، دون النظر في أهمية الأداء وتكامل حالة التنفيذ، في أعمال الفنان الماجد الكثير من الصور الفنية غير المنظورة التي نعني بها الجانب الفكري وما تحمله من بعد فلسفي لا يتوقف عن شكل لحيوان أو شجرة أو طائر أو حتى إنسان، كما لا ننسى صعوبة الوصول إلى مثل هذه المرحلة من الولوج في كيفية التعبير المبسط المشابه لتعبير الطفل، مع أن من يقوم عليه فنان بالغ زمنيا وناضجا عقلا ووجدانا، هنا تكمن الصعوبة ين الجمع للطرفين..

هذا التوجه من الفنان الماجد يذكرنا بما كشفه الفنان العالمي بيكاسو وهو في عمر الـ 64. واعلان إحساسه الطفولي الحقيقي عندما كان في زيارة لمعرض يشتمل على مجموعة من لوحات من رسم نخبة من الأطفال نظمته الجمعية البريطانية المحلية في باريس عام 1945، عندما كتب في سجل الزيارة قائلا (عندما كنت في سن هؤلاء الأطفال، كنت أستطيع أن أرسم مثل رافائيل. لقد استغرقت سنين طويلة حتى استطعت أن أرسم مثل هؤلاء الأطفال)، يعني أن ما حققه من نجاح جاء بعد أن اصبح يعبر ويرسم بإحساس الطفولة اكثر مما كان يستطيعه من دقة وقدرة على تقليد الكبار وهو طفل نتيجة ما تحمله رسوم الاطفال من مصداقية وبساطة وصعوبة.

الماجد ووتد الشهرة

لكل شهرة قمة، ولكل اسم موقعه ومكانته في تلك القمم، ومهما صغر أو كبر علو تلك القمة فهي بالطبع مستحقة للتقدير، وإذا أشرنا إلى شهرة الفنان عبد العزيز الماجد فإننا نعني ما نقول فاسمه وإبداعه موثق واخذ مكانته بين الفنانين من جيله الذي لا يبتعد كثيرا عن الأجيال المتقدمة الرائدة، استطاع الفنان الماجد أن يرسم خط سير إبداعه ويحقق له مكانا ومكانة في مسيرة الفن التشكيلي السعودي متفردا بأسلوبه.

- monif.art@msn.com