Saturday 03/05/2014 Issue 436 السبت 4 ,رجب 1435 العدد

«الفيل يا ... ملك الزمان»!!

كان لديّ دميةٌ صغيرةٌ بحجمِ الإصبع وكانت لفيلٍ ورديٍ، والغريبُ أنها صغيرةٌ جدًا أو لا تُرى بالعين المجرّدةِ قياسًا إلى حجمِ الفيل!! كانت جميلة ًوملمسُ الفيلِ كان ناعمًا أقربُ إلى المخملِ، وهذا أيضًا غريبٌ لأن جلدَ الفيل غالبًا مكرمشٌ ومجعدٌ وليس ناعمًا، أظنه يحتاج أطنانًا من «الفازلين بزبدة الكاكاو» لترطيبِ جسمِه وتقليلِ التجاعيد، وبخاصةٍ حول عينيه الحزينتين، أليستا حزينتين؟!

قرأتُ في كتابِ «كليلةَ ودمنةَ» حكايةً تقول: قام الأرنبُ بحفر جحرٍ خاصٍ له فى مكانِ طريقِ الفيلِ المعتادِ لشرب الماء، فقتل الفيلُ بأرجله الضخمة أولادَ الأرنبِ بالرغم من أنها غلطةُ الأرنبِ لكنه احتجّ على الفيل (الحاكم) فلم يعتذرْ له أو «يطيّبْ» خاطره بل وجد أنه ليس من حقه حتى أن يعاتبه. فعقد الأرنب العزمَ على الانتقامِ من الفيلِ واتّفق مع الغربانِ فأكلت عينَه فأصيب بالعمى وحفر مع أقرانه من الأرانبِ حفرًة كبيرةً وقامتِ الضفادعُ بالقفزِ فيها وأطلقت نقيقها تمويهاً له بأن الحفرةَ هى بركةُ الماءِ، ونظراً لأنه أعمى فقد سقط ومات» !!حين قرأتُها تأثرت جدًا وكرهتُ الأرانب، فهي قصةٌ مرعبةٌ للغايةِ ولا أدري كيف نشرتـْها الدار على أنها قصةُ أطفال، لأنها : «قصة انتقام يجب ألا تحكى للأطفال. فالسياسة والأخلاق قلّما يجتمعان» حسب رأي يعقوب الشاروني كاتب الأطفال.

سببٌ آخر جعلني أتعاطف مع الفيلةِ عندما قرأتُ كتابًا بعنوان «عندما تبكي الفيلة» الذي يناقش الحياة العاطفية للحيوان، كان الكثيرُ من العلماءِ والعوامِ أيضًا مؤمنين بأنّ الحيوان لا يشعر، ولكن الكتاب يسرد حوادثَ وحقائقَ تنفي هذا الاعتقاد وتؤكّد على حساسيةِ الحيوان العالية التي يفتقر إليها البشر فعلًا، أذكر أنني في رحلةٍ مدرسيةٍ في المرحلة الابتدائية -ربما في الصف الأول- إلى حديقةِ الحيواناتِ رأيت جملًا في عينه دمعة، وقد كُتب على قفصه جمل أمريكي وخمّنتُ أن سبب بكائه بعدُه عن دياره.

أظنّ أن الفيلةَ كائناتٌ محببةٌ وقد تعطيها ضخامتها صفة الحنان، لذا لم أقتنع بإطلاقِ صفةِ الغرورِ على الفيل في حكاياتِ الأطفال- رغم تاريخه الدموي في ذاكرتنا نحن المسلمين - كما لست أدري لمَ اختار سعد الله ونوس الفيلَ ليكون وسيلته التنويرية للشعبِ كي ينفضَ عن نفسه غبارَ الصمتِ ويسمعَ صوته للحاكمِ المستبدِ، ولم يكن ليخطرَ في ذهنِ الفيل أنه صار رمزًا جديدًا للطغاةِ من حيث يدري ولا يدري، مع أنّ الشعب – في مسرحيةِ ونوس- ركن إلى الجبنِ وطالب بفيلةٍ تؤنس وحدةَ الفيل وتمنحه أولادًا «فِيَلة»!!

قد يكون الفيلُ استعاد بعضًا من هيبته حين صار رمزًا للحزبِ الجمهوريِ في الولايات المتحدة الأمريكية، وستتعزّز هذه الهيبةُ كلما فاز بالانتخاباتِ رئيسٌ ينتمي لهذا الحزب، رغم أن بداياتِ هذا الشعار تعود إلى رسمٍ كاريكاتوري لـ «توماس ناست» الذي صوّر فيه الحزب الجمهوري فيلًا متخبّطًا، ويبدو أن الجمهوريين راق لهم هذا الفيلَ في مقابل خصومهم الديمقراطيين الذين يمثّلهم حمارٌ!!

بعد هذه الصورةِ المتجهّمةِ عليك أن تركب فيلًا، كما ينصحك المثل الصيني لتكون سعيدًا!

بثينة الإبراهيم - القاهرة