Saturday 04/01/2014 Issue 424 السبت 3 ,ربيع الاول 1435 العدد
04/01/2014

هذا هو: السؤال 1-2

أبان يراد بها: وضَّح، وإنما ذلك بتشديد الضاد من أبان الأمر ووضحه حتى يتبين منه المراد منه. وأبان هكذا فعل مضارع فاعله المبين له وهذا بالبناء على الفاعل بكسر الياء مع تشديدها، والمفعول به الأمر المبين بالبناء للمفعول وهذا يكون بفتح الياء مع التخفيف.

وأبان وبيَّن ووضَّح كل هذا بمعنى واحد لكن حسب حال المقتضى لكل فعل من هذه الأفعال الثلاثة.

ويدخل هذا الفعل المشترك اللفظي لكن بحسب المعنى، فأبان قلت: هو فعل مضارع، وأبان من جهة ثانية جبل مستطيل على يمين المسافر إلى المدينة. وقد ورد ذكره في الشعر كثيراً، يقطن حوله بعض الرشايدة، وبعض حرب، وسبيع خاصة من بني ثور.

وكان إلى عهد قريب ترتع فيه: الغزلان والطرائد الصغيرة العاشبة كالأرانب والوبر والضب أسفله، وتأوي إلى ذروته بعض الكواسر من الطير.

وهذا الفعل يقل ورده وإنما يقولون غالباً وضَّح ووضَّحه وبيَّنه، ومثل هذا: أجلاه يريدون: وضَّحه وأبانه وكشف حقيقته على حال جدَّ بينة ففي أجلاه زيادة معنى.

وورد في سورة (براءة.. التوبة) قال الله سبحانه وتعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ}. وهذا كان في قضية أُسارى بدر.

وأبان أمره أنه من صفات العقل البعيد الغور لأنه بيان الأمر وبيان الأمور كل ذلك يحتاج إلى مزيد عمق وطول تأمل وصفاء ذهن جيد.

وبهذه المناسبة فإنني كنت قد طالعت ما كتبه أ. إبراهيم المطرودي حول استعمال العقل في مراجعة المتون مما ورد من الآثار وذلك بجريدة (الرياض) مبدياً أن ابن حجر قد حرر بعض هذا وأورد شيئاً من هذا في مقاله ذاك.

فداخله الأخ العلامة الشيخ صالح الفوزان وهو رجل مسدد وجيد في مداخلته تلك ونقاشه إذ بين هناك ضرورة الالتزام بالنص إذا صح حتى ولو خالف العقل ظاهراً لأن العقل السليم قطعاً لا يمكن أن يخالف النص الصحيح بحال(1).

قلت وهذا حق لا مرية فيه، ثم عاود أ. المطرودي وناقش نقد وبيان الفوزان وجعل منه (مقالاً مطولاً) لنقاشه وأبان هناك مراده ودلل عليه.

تابعت هذا كله بإنصات لمعطيات النص ومعطيات: اللغة.. والعقل.

فوجدت كلاهما ينشد الحق الشيخ الفوزان وأ. المطرودي، وإن كان المطرودي قد غابت عنه أشياء كثيرة كان يلزم منه التأني وقوة المراجعة وطول التأمل البعيد حيالها.

لكن في مثل هذا وأثناء الكتابة كنت أحب من كل أحد - ناقداً ومنتقداً - أن يكون عنده في (المسائل الدقيقة) ما يلي:

1- تأصيل الطرح(2).

2- تقعيده.

3- الاستنتاج (3).

ثم بعد ذلك:

1- نقاش الموضوع.

2- حيثيات النقاش.

3- معالجة النص والحكم عليه (4).

4- بيان من ناقشه من كبار العلماء خلال قرون خلت أو تكلم فيه خاصة: ابن حجر.. العيني.. ابن رجب.. الكرماني.. ابن خزيمة.. ابن تيمية.. سعيد بن منصور المروزي..

ثم ضبط الفهم بدلالة صحة السند جداً وفهم المراد وما أبان منه كبار العلماء في أسفارهم، لأنني لم أجد تأصيلاً هناك كما لم أجد تعقيداً ولا استنتاجاً إنما أخذ ورد ونوع انفعال عاقل جيد (5).

وإن كنت أنحو باللوم على (المطرودي) لعدم فقهه للنص واستعجال الطرح هكذا فإنني أدعو في مثل هذه النقاشات إلى: ضرورة شدة الحرص على تأصيل المسائل وتقعيدها ثم الاستنتاج بعد ذلك قبل: الرد/ أو النقد/ أو المداخلة، فذلك كله يُثري العقل وقد يبعث على الاجتهاد ولو في مسألة أو باب (دع عنك المقيد) و(دع عنك المطلق).

ولعل: المؤتمرات.. والندوة.. والندوات، وكذا: المجالس العلمية.. وكُتاب الصحف والمجلات المحكَّمة الذين يناقشون مثل ما تناوله العلامة (الفوزان) أو الأستاذ المطرودي/ وأحياناً أ. يوسف أبا الخيل، لعل الكل ينحون نحو ما سلف إيراده على مثال: يقوم (6).

وقد كان أ. يوسف أبا الخيل وهو كاتب جيد من نوع متماسك لو هدأ وأصَّل وقعّد لكان له في هذا حسن تعبير من طراز أظن أنه يسلك السبيل القويم.

فقد طرح قريباً: (حال السند) ودوره في بيان حال المتن، ونقاشه ذاك جيد وهدفه سليم لكنه قد غابت عنه أشياء فلو نظر وتدبر كتاب: (المحدث الفاصل بين الراوي والسامع)، و(العلل) لابن أبي حاتم، و:(العلل) لعلي بن المديني و(تدريب الراوي) لابن الجوزي بتدبر وطول نفس ومعرفة ضوابط حقيقة السند وضرورته ظني غالب أنه سوف يؤسس شيئاً ذا بال، وأنا جداً فخور به لحسن طرحه ونشدانه الحق، والله حسبه (7).

- الرياض