Saturday 05/04/2014 Issue 433 السبت 5 ,جمادى الثانية 1435 العدد

كتاب جديد:

تاريخ أمة في سير أئمة (1 ـ 4)

تراجم لأئمة الحرمين الشريفين، وخطبائهما منذ عهد النبوة

إلى سنة 1432هـ

تأليف: الشيخ العلامة الدكتور صالح بن عبدالله بن محمد بن حميد

تقريظ: محمد بن ناصر العبودي

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن محمد بن حميد غني عن التعريف، لأنه كان شغل وظائف علمية وإدارية رفيعة كان شغلها من قبله والده الذي هو من أبرز علماء المملكة العربية السعودية الكبار شيخنا عبدالله بن محمد بن حميد- رحمه الله وجزاه عنا خيراً.

فقد شغل الابن وظيفة رئاسة الحرمين الشريفين التي كانت قد شغلها والده من قبله، كما شغل وظيفة أخرى مهمة وهي وظيفة (رئيس المجلس الأعلى للقضاء)، وكان والده قد شغلها لسنوات، إضافة إلى التدريس في المسجد الحرام التي كان قائماً بها شيخنا الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد- رحمه الله.

ومع أن الدكتور الشيخ صالح رجل دولة من مناصبه فإنه رجل علم من مؤلفاته وتلامذته واتصاله بكبار العلماء لأنه عضو في هيئة كبار العلماء ويشغل الآن وظيفة (مستشار في الديوان الملكي، وإمام المسجد الحرام).

نشر الكتاب مركز تاريخ مكة المكرمة، وهو أحق من يقوم بذلك، وقد حصل الكتاب على جائزة أحسن كتاب صدر في السعودية، وذلك عن عام 1434هـ.

وهو كتاب حافل في خمس مجلدات استوعب الموضوع حتى يصدق عليه القول إنه أحاط بالموضوع من جميع جوانبه وسجل كل ما تمكن معرفته في هذا الموضوع إحاطة تامة.

قال الشيخ صالح بن حميد في المقدمة:

أما بعد: فقد منّ الله سبحانه بفضله وكرمه على عبده محرر هذه الأوراق بالسكنى والمجاورة في بيته المحرم منذ مقبل العمر وسني الصبا، فحفظ القرآن الكريم بين الركنين: الحجر الأسود والركن اليماني، وكانت مذاكرته الدروس ومراجعتها في جنبات المسجد الحرام إلى ساعة متأخرة من الليل، فارتبط الفؤاد بهذا البيت المكرم، وتعلق القلب بأركانه، فللّه الحمد والمنة على ما أعطى ومنح.

ثم شاء الله سبحانه بمنه وفضله فأصبح فيه هذا العبد الضعيف إماماً وخطيباً ومدرساً، مما لم يكن يدور في الخَلَد، ولم يكن في الحسبان، وذلك فضل من العظيم المنان، فازداد التعلق والتأمل في تاريخه وآثاره.

انتهى.

ثم انطلق المؤلف الكريم بروح الباحث المنقب، والعالم المحقق في الكلام على الكعبة المشرفة، وانتقل بعد ذلك إلى بحث تاريخي مطول وموضح ما وسعه التوضيح وهو: (عمارة المسجد الحرام وتوسعته عبر العصور).

وتحت هذا العنوان الكبير عنوان فرعي هو (في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم) تبعته عناوين أخرى فرعية، مثل:

- ماء زمزم في عهد الملك فيصل رحمه الله.

- عمارة المسجد الحرام في عهد الملك خالد.

- و(توسعة المسجد الحرام في عهد الملك فهد).

- ومشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمسجد الحرام.

وبعد ذلك عنوان شيق لأهميته وحساسيته بلفظ: (ترميم الكعبة المشرفة).

ولم يطل الكلام على ذلك وإنما قال: (ص102):

ترميم الكعبة المشرفة:

وقد حصل في سنة 1417هـ (1996م) ترميم عظيم للكعبة المشرفة لم يحصل مثله منذ بناء الكعبة الأخير في سنة 1040هـ، وذلك عندما لحظ أنه بدأ التلف في بعض أجزاء الكعبة المشرفة المصنوعة من الخشب، وكان السقف أكثر تعرضاً للتلف من غيره بسبب تكوينه من عوارض ولوحات خشبية، وكذلك الأعمدة الخشبية، إذْ قد أصابت الأرضة جزءاً كبيراً من السقف والأعمدة، فخيف من إصابة الضعف والتأكُّل الأجزاء الأخرى من بناء الكعبة.

فأمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود- رحمه الله بترميم الكعبة المشرفة ترميماً كاملاً شاملاً من داخلها وخارجها على أحسن وجه، فبدئ العمل بترميمها في العاشر من شهر المحرم سنة 1417هـ الموافق للسابع والعشرين من شهر أبريل عام 1996م، وانتهى العمل من ترميمها في الثلاثين من جمادى الآخرة سنة 1417هـ الموافق للحادي عشر من شهر أكتوبر عام 1996م.

وقد وقفت على ذلك بنفسي، وكنت متابعاً لمراحل الترميم والإصلاح والصيانة بصفتي نائباً للرئيس العام لشئون المسجد الحرام، والمسجد النبوي، فتمكنت من الوقوف على أساسات الكعبة المشرفة.

وقد ذكر منهجه في تأليف الكتاب فيما يلي (ص40) فقال:

منهج الكتاب:

قد جعلت الكتاب على قسمين:

القسم الأول: في تراجم أئمة المسجد الحرام، ومن فروع هذا القسم من حج بالناس، وأئمة التراويح، ومن ناب في الإمامة أو الخطابة.

القسم الثاني: في تراجم أئمة المسجد النبوي، ومن فروعه أيضاً أئمة التراويح، ومن ناب في الإمامة والخطابة.

وجعلت في آخر كل قسم من القسمين مسرداً بمن لم أجد له ترجمة، فأُدوِّن ما أعثر عليه من اسمه أو لقبه أو كنيته، مع ذكر المصدر والقرن الذي كان فيه، والإشارة إلى من قال بإمامته.

ومن منهجي أني أترجم للأمراء والولاة على الحرمين الشريفين من مبتدأ البعثة إلى حدود القرن الخامس الهجري، لكون هؤلاء الولاة هم الذين يلون الإمامة والخطابة في الحرمين الشريفين، كما سوف يأتي تفصيله وبيان وجهه في مبحث: (إمامة الصلاة من وظائف الولاة في القرون المفضلة).

ومن المنهج كذلك أن البحث قد يتطلب الحديث عن بناء الكعبة المشرفة ونشأتها، وبناء المسجد النبوي وتأسيسه، كما لا ينبغي أن يعزب عن نظر القارئ الحصيف أن الحديث عن أحد المسجدين هو حديث عن الآخر، لتشابههما في التاريخ والمكانة عند المسلمين، ولهذا فقد يلحظ القارئ إفاضة عند الحديث عن أحدهما في بعض المواطن وإيجازاً في الآخر، على أني لا أتعمد ذلك، ولكن حسب ما تسعف به المصادر، وحسب ما يقع عليه اطلاعي.

ومن منهجي أن أقدم المترجم حسب تاريخ وفاته، كما عليه أهل التاريخ، وهم يقدمون غالباً من مات أولاً ويلحقونه بطبقة من قبله لأجل كون موته متقدماً على طبقته، فإذا لم تعرف وفاته ذكرتُهُ حسب مولده، وإذا لم يعرف مولده ذكرتُهُ حسب عصره، وغالباً ما يكون هذا على جهة التقدير والتقريب.

أما المعاصرون من الأئمة والخطباء فقد بعثت إليهم رسائل طلبت فيها منهم تزويدي بتراجمهم عن أنفسهم إن كانوا أئمة أو عن آبائهم أو أجدادهم أو أقاربهم حسب علاقتهم بالإمام المترجَم له، ولهذا فأغلب ما ذكرته عنهم هو من كتاباتهم وإملائهم، فشكرَ الله لهم ما أجابوا وقدموا، وقد أضيف إلى ذلك بعض ما أعرفه عنهم، كما أني قد أدخل على عباراتهم ما أراه مناسباً، وقد استأذنتهم في ذلك، وقد يكون صاحب الترجمة أمّ في الحرمين الشريفين كليهما.

ثم ناقش الدكتور صالح بن حميد بعض الذين كتبوا في موضوع الكتاب وبين المتأخرين منهم وشكر الجميع على عملهم مع تنويهه بما عملوا والدعاء لهم على اجتهادهم.

ومن أكثر عناصر هذا الموضوع عنوان يقول: (توارث الإمامة وكثرة الأئمة والخطباء).

قال في ذلك:

وبما أن عدد الأئمة في العهود المتأخرة خاصة كثير جداً، فسوف أحاول في هذا الكتاب أن أترجم لكل من حصلت له على ترجمة، أو أذكر اسمه وتاريخ ولادته ووفاته إن توافر لي ذلك بإذن الله تعالى.

ومن لطائف تاريخ الحرمين وأئمتهما أن ظهرت فيه مجموعات من العوائل ذات مكانة علمية، شأنه في ذلك شأن كل العواصم الحضارية.

وكان من هذه العوائل في مكة المكرمة: بنو الفاسي، وبنو ظهيرة، وبنو فهد، وبنو القسطلاني، وغيرهم.

ومن أشهر هذه العوائل الطبريون الذين ينسبون إلى مدينة طبرية بالشام، ولعلي أذكر شيئاً من تاريخهم لتكون إشارة إلى أن هناك تاريخاً كثيراً مغفلاً، ويحتاج إلى مزيد العناية والتنقيب، وكم ترك الأول للأخر، وهو ما أكده الرحالة الأندلسي يوسف التجيبي عندما ترجم لشيخه الرضي الطبري في رحلته.

كان أول الطبريين بمكة في بداية القرن الثالث الهجري حين تولى على مكة في عهد المأمون العباسي والٍ اسمه إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد، ويصل نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

يقول المؤرخ محمد بن علي بن فضل الطبري في كتابه (إتحاف فضلاء الزمن): إن هذا الطبري تولى مكة وحج بالناس سنة 202هـ، ثم يقول: وإبراهيم هذا هو جدنا يا بني الطبري.

ثم انتقل المؤلف إلى موضوع المسجد النبوي وتوسعته عبر العصور، وفي داخل هذا العنوان الكبير عنوانات صغيرة مثل:

- (تأسيس المسجد في السنة الأولى من الهجرة).

- و(تحويل القبلة في السنة الثانية من الهجرة).

- و(العمارة والتوسعة الثانية للمسجد في عهد الخليفة أبي بكر الصديق).

ثم استرسل في ذكر المعلومات الشيقة عن تطور توسعة، بل توسعات المسجد النبوي، وذلك باختصار غير مخلّ وبعض العنوانات شيق مثل:

- (العمارة بعد الحريق الأول سنة 654هـ).

وما زال يستعرض الزيادات في المسجد النبوي حتى وصل إلى الزيادة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث ذكرها بإيضاح وإسهاب لوفرة المعلومات الحاضرة عنها.

ثم يصل القارئ المستفيد إلى عنوان رئيسي واسع بلفظ:

(وظائف الحرمين الشريفين).

وقد انتهى القسم الأول من المجلد الأول من هذا الكتاب الذي هو معلمة إسلامية جامعة لما يتعلق بالحرمين الشريفين.

وقد استغرق ذلك معظم الجزء الأول، فانتقل المؤلف العلامة إلى البدء بالمقصود المفهوم من عنوان الكتاب وهو: (تاريخ أمة في سير أئمة).

فكان العنوان الرئيسي بعد ذلك:

(الفرع الأول من القرن الأول).

بدأ بذكر أئمة الحرمين، وكان أولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر إمامة الخلفاء الراشدين ابتداء من ص285 حتى ص309 وهم أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين، وعلي بن أبي طالب، حيث ذكر من أمّ الناس في المسجد الحرام.

إلى أن انتهى الجزء الأول بصفحة 458.

وقد تبسط المؤلف حفظه الله وأثابه في موضوع مهم وهو ذلك المنكر الذي أزاله الله على يدي الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.

وحق للمؤلف أن يتبسط في هذا الأمر وأن يذكر ابتداءه وسببه.

ومن ذلك ما ذكره في ص168 من هذا الجزء الأول.

إذْ ذكر أن الملك عبدالعزيز آل سعود أمر بتوحيد الإمامة في المسجد الحرام بأن يجتمع المصلون كلهم للصلاة خلف إمام واحد، ولا مانع أن يتعود الأئمة في بعض الصلوات بمعنى أن يصلي المغرب بالمصلين كلهم إمام واحد ثم يصلي العشاء أو الفجر إمام واحد غيره بالناس، ولكن لا تقام في المسجد أربع جماعات خلف أربعة أئمة كما كان عليه الأمر من قبله، مع أن المسلمين أمة واحدة ولله الحمد.

وقال المؤلف حفظه الله:

كيفية صلاة الأئمة في العهد العثماني:

وفي زمن السلطان سليمان بن سليم عين أئمة للأحناف وأئمة للمالكية، وذلك في سنة ثمان وخمسين بعد التسعمئة، ولم تكن للأحناف قبل ذلك مباشرة للإمامة بالحرم الشريف.

وفي القرن السابع بواسطة ملوك مصر صار الشافعيون يصلون الصبح في العتمة قبل المالكية، فالصبح الأول لجماعة الشافعي، ثم المالكي، ثم الحنفي بإقامة مخصوصة.

وبلغ عدد الخطباء الأئمة في عهد السلطان عبدالحميد مئة وسبعين، منهم الأحناف والشافعيون والمالكيون، وجلهم من الأحناف، ووظيفتهم مباشرة المحاريب الثلاثة بالتناوب، ولهم شيخ مخصوص ونقيب، يصلي الأحناف والشافعيون في المحراب النبوي أو السليماني بالتناوب.

فيصلي الشافعيون في المحراب النبوي خمسة أوقات، وفي هذه الأوقات الخمسة يصلي الحنفي في المحراب السليماني ثم يتبادلون المحرابين.

وأما المالكيون فمحرابهم دائماً هو المحراب العثماني الذي في جدار القبلة، ولا يغير هذا النظام إلى في المواسم وقت الزحام، فعنذئذ يتقدم الحنفي على المحراب العثماني، ويتناوب الشافعيون والمالكيون المحرابين النبوي والسليماني.

وفي فصل الوظائف في الحرمين الشريفين قال:

وفي ترجمة أحمد بن علي بن أحمد بن عبدالعزيز النويري:

قال الفاسي: وفي هذا التاريخ باشر شهاب الدين أحمد النويري المذكور الإمامة بوصول توقيع من الملك الظاهر بمصر، يقتضي استقراره، واستقرار أخيه بهاء الدين عبدالرحمن في الإمامة.

أما في أول عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، فقد أوضحت جريدة أم القرى الطريق التي يتم بها تعيين الأئمة، إذْ اجتمع فريق من العلماء السعوديين، وقرروا أن تكون الجماعة التي تقام في المسجد الحرام جماعة واحدة، وانتخب من كل مذهب ثلاثة أئمة، ومن الحنابلة إمامان يتناوبون في أوقات الصلوات الخمس، فكان من الحنابلة الشيخ عبدالظاهر أبو السمح... إلخ.

في هذا الحديث ذكر المؤلف عنواناً لطيفاً هو:

الوقادون:

وهم الذين يقومون بإضاءة القناديل في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.

عن أبي هند قال: حمل تميم الداري معه من الشام إلى المدينة قناديل وزيتاً ومقطاً، فلما انتهى إلى المدينة وافق ذلك يوم الجمعة، فأمر غلاماً له يقال له أبو البراد فقام فشد المقط- وهو بضم الميم وسكون القاف وهو الحبل- وعلق القناديل وصب فيها الماء والزيت وجعل فيها الفتيل، فلما غربت الشمس أسرجها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فإذا هو يزهر، فقال: من فعل هذا؟ قالوا: تميم يا رسول الله، قال: نورت الإسلام، نور الله عليك في الدنيا والآخرة، أما إنه لو كانت لي ابنة لزوجتكها، فقال نوفل بن الحارث ابن عبدالمطلب: لي ابنة يا رسول الله تسمى أم المغيرة بنت نوفل، فافعل فيها ما أردت فأنكحه إياها على المكان، وسنده ضعيف.

عدد القناديل والثريات في المسجد الحرام:

قال أبو الوليد الأزرقي: وعدد قناديل المسجد الحرام أربعمائة وخمسة وخمسون قنديلاً، والثريات التي يستصبح فيها في شهر رمضان وفي الموسم ثماني ثريات: أربع صغار، وأربع كبار، يستصبح في الكبار منها في شهر رمضان وفي المواسم، ويستصبح منها بواحدة في سائر السنة على باب دار الإمارة، وهذه الثريات في معاليق من شبه، ولها قصب من شبه، تدخل هذه القصبة في حبل، ثم تجعل في جوانب المسجد الأربعة، في كل جانب واحدة يستصبح فيها في رمضان فيكون لها ضوء كثير، ثم ترفع في سائر السنة.

يتبع..

محمد بن ناصر العبودي - الرياض