Saturday 06/09/2014 Issue 444 السبت 11 ,ذو القعدة 1435 العدد

حمد بن عبدالله القاضي

في ذكرى أربعينية نادي الرياض

06/09/2014

أندية تواصل الإغداق وأندية قعد بها أوار الشقاق

لا تستقيم الحياة ولا يتوازن عمر الإنسان عندما يروي جانباً ويظمئ آخر.

الإنسان عقل وقلب وجسد.

العقل تُرويه العبادة والعمل والقراءة..إلخ.

والقلب ترغده العاطفة والمحبة والكلمة الجميلة.

والجسد يبث فيه الحياة: الماء والطعام

تلك حقيقة ثابتة من الأزل وإلى الأبد.

***

والثقافة ليست ترفاً فهي رؤية للحاضر واستشراف للمستقبل وهي إثراء للعقل بالرأي الذي هو منطلق أي حضارة أو تنمية، وهي – أخيراً – إمتاع للإنسان، والمتعة الجميلة هدف من أهداف الإنسان فهي تريح وجدانه وتعينه على العطاء.

من هنا كان احتفاء الوطن بالثقافة ومؤسساتها فأنشأ لها وزارة خاصة وأجرى حقول المعرفة فيها فعبقت أرجاء الوطن بأريج الثقافة، وعطر الكلمة وورد الشعر.

***

وفي سنام المؤسسات الثقافية لدينا ((الأندية الأدبية)) التي لها حضورها الثقافي وعطاؤها الأدبي منبرياً وورقياً في مشهدنا الوطني على مدى أربعين عاماً، حيث كان لها حراكها المشهود وقد أقامت مئات المحاضرات والندوات والمنتديات، وطبعت مئات الكتب، وساهمت في بلورة صورة المملكة الثقافية خارج الوطن.

نتذكر هذه الأيام منظومة عطاءات الأندية ونادي الرياض الأدبي يحتفل بمرور أربعين عاماً على تأسيسه وقبله كان احتفال نادي جدة بأربعينيته ورحم الله الرواد

الذين قاموا ونهضوا بأعباء التأسيس، وكان وراءهم ومعهم أمير مثقف مضيء هو الأمير الراحل فيصل بن فهد بن عبدالعزيز عليه وعلى والده رحمات الرحمن.

***

الأندية الأدبية رغم ما واجهت من نقد فهي سارت وأعطت، وإذا كانت واجهت الكثير من النقد لكنه لم يحجب عطاءها وإثراءها المنظومة الثقافية بل إن ذلك النقد وأعني الموضوعي أثرى مسيرتها ودلها على فضاءات معرفية انطلقت فيها.

***

ولتكون رؤيتي موضوعية نحو منجز الأندية الأدبية وتحديداً في هذه الفترة فإنني كمعنّي بالشأن الثقافي ألحظ أن هناك أندية تتألق عطاء وتضج نشاطاً وهناك أندية دون ذلك طرائق قددا رغم أن الإمكانات واحدة ولعل السبب في حراك الأولى هو عدم وجود انقسام بين القائمين عليها وبين المثقفين خارجها فكم قتل الخلاف من عطاء وإبداع، لقد انشغلت بأوار الخلاف واستبدلت بنور الإنجاز نار الشجار فلم تطرح أروقتها أوراق عطاء بل طرحت مع الأسف لهب الشقاق.. بعكس الأندية التي تعيش سلاماً بين أطياف مثقفيها وأنديتها فقد أثرت مشهد منطقتها والوطن: أدباً وشعراً ومحاضرات وملتقيات وندوات.

***

أضرب مثلاً بالأندية التي تعيش مواسم العطاء الدائم خلال السنوات الماضية كنادي الرياض الأدبي ونادي مكة المكرمة ونادي جدة ونادي الأحساء ونادي أبها فمن متابعتي لمناشطها ومشاركتي أحياناً في بعض حراكها الأدبي أجدها في سنام حراكها الأدبي.

وإنني إذ أحيي القائمين على هذه الأندية من رؤسائها وأعضاء مجالس إدارتها والعاملين فيها فإنني أتوق أن تتحرك الأندية الأخرى سواء التي يغلف نشاطها الجمود أو تلك الأندية التي قعد بها الانقسام وأتوق أن يتسامى مثقفو وأندية في تلك المناطق على خلافاتهم وأن ينظروا إلى الأجيال الشابة لديهم... هؤلاء الذين ينظرون بحسرة إلى جمود أنديتهم وينتظرون بأمل أن تكون مثل الأندية الأخرى حراكاً وتحفيزاً.