Saturday 08/03/2014 Issue 431 السبت 7 ,جمادى الاولى 1435 العدد
08/03/2014

صالح الغازي في قصصه «الرقة للبنات فقط»:

تكثيف لتفاصيل السرد وحضور للزمن والذاكرة

القاص صالح الغازي في مجموعته القصصية الجديدة «الرقة للبنات فقط» يسعى إلى ترتيب أوراقه السردية، ليناوش العمل القصصي، متيقنا أن هذا الفن الجميل موعود بقراءات وتجليات أكبر، حيث لا يزال فن القصة شامخا ومتميزا وذا دلالات جمالية وخصوصية فنية مذهلة تعكس الكثير مما يمتلكه الكاتب من عطاء إبداعي إبداعي، لتظل القصة القصيرة شاهدا على تعلق القارئ بفنونها وتجلياتها الجمالية المذهلة.

فالغازي، ومن خلال هذا العمل القصصي الجديد يكثف تفاصيل السرد ليبرز من خلال القصة الأولى «للبنات فقط» حيز الزمن الذي يلتقط منه الذكريات التي تدور تفاصيلها في الغالب حول هموم الأنثى كمؤثر اجتماعي يلقى الحضور، ويحظى بمزيد من العناية والمتابعة حتى تصبح القصة هاجسا إنسانيا يتأصل في الوجدان، ولا بد للقارئ إلا وأن يخرج بأي شيء عن هذه الحكايات الحميمية.. تلك التي يتفنن الكاتب الغازي في اقتفاء تفاصيلها الدقيقة.

أبعاد الزمن المترامية، وفضاء الذكريات المتناثرة على مساحات السرد لا بد للقارئ أن يتعاطاها أو يلتقطها في القصة الثانية من المجموعة «الرقة».. فالقصة هنا ترتكز في معمارها على الزمن الذي يتفاعل ويزدهر في طاقة التمثل واستدراج الذاكرة بأن تبوح بما لديها من قصص ومواقف وأحداث ليست قاسية أو صعبة إنما هي إشارات حميمية وسهلة المراس.

نوع اللغة في هذه القصص للغازي تميل إلى الأسلوب الوصفي السهل، وتنهل من معين اللغة «المحكية» أو الدارجة رغبة من الكاتب في أن يؤصل لخطابه الإبداعي الموجه للمجتمع، حيث تتوالى صور اللغة راسمة حديث الذات، وتفاصيل الحالة الوجدانية دون تقعير في المعاني، أو استخدام للمصطلحات اللغوية إنما هي لغة تنفذ للفكرة وتصف الأحداث بأسلوب لغوي شيق وعفوي تحتاجه هذه النصوص التي انتقاها الكاتب للقارئ رغبة منه في أن يقدم ما يفيد بصورة متوازنة بلا شرح مستفيض أو إطناب أو إطالة.

ويستشعر القارئ لنصوص هذه المجموعة أن الكاتب عني بالفكرة الرئيسة للنص، ولم يشأ أن يتوسع في صياغة الأحداث والمشاهد إنما جعلها متوامضة والماحية تؤكد رغبته في تقديم نص قصصي واضح المعالم على نحو قصة «مسايرة الموجة» حينما دخل في القضية الأسرية أو العائلية وخرج منها بشكل مناسب، ليلتقط أهم المواقف وخيرة الأحداث بشكل خاطف.

شخوص هذا القصص أو أبطالها هم نوعية من المجتمع الذي يتفاعل مع الحياة، ويعي تفاصيل الحكاية، بل نراهم بأسماء ثابتة ومعروفة لا يمكن أن يكون جزء من خيال ما، إنما هي وجوه لها طابعها الخاص وتكوينها المناسب، حيث يستكشف الكاتب ومن خلال كل نص في هذه المجموعة أننا أما جملة من المواقف الشخصية التي يمكن لنا كقراء ومتابعين أن نتفاعل معها على نحو ما ورد في قصة «أزمة عائلية».

فالقصة هنا وتفاصيلها تدخلنا في صلب حكايتهم اليومية التي يمكن لنا من خلالها أن نصور واقع العلاقات الأسرية، والحياة الزوجية على نحو هذا المشهد الذي رسمه الكاتب بأسلوب مميز، لنرى هذا الجسر الذي تسير عليه السيارات محملة بالبشر وكأنه بات هو الطريق المعنوي الذي يجب أن نتعلم السير فيه وهو بالمناسبة إسقاط دلالي مناسب.

وحينما نتأمل الشخوص وأبطال هذه القصص والمواقف نلفي أن القاسم المشترك هو المرأة التي عُنيت القصص فيها، فكانت المشاهد أنثوية، والأحداث متواترة عن منقولات نسائية، بل أن لكل قصة عالمها الأنثوي، وبنائها الشخصي وتفاصيلها الخاصة، فالأحداث والمشاهد تتوالى بأسلوب يميل إلى تفعيل رؤية الأنثى، ويؤسس للفكرة العنوان الرئيس لهذا العمل القصصي والموسوم بإطار أنثوي «الرقة للبنات فقط» حيث تشكل جل نصوصه على هذا المضمون.

وتعد هذه المجموعة من قبيل النصوص الاجتماعية المباشرة.. تلك التي تعنى بتفاصيل الحياة اليومية التي تتحول وتتبدل إلا أنه رغم تكرارها وتواتر حضورها تظل مؤثرة وطريفة، لأن القاص صالح الغازي قد تميز بالتقاط المفيد والمعبر وما يمكن أن يحقق للقارئ معادلة المتعة والفائدة .. وهذا ما سعى إليه في هذه المجموعة.

** ** **

إشارة:

الرقة للبنات فقط (قصص قصيرة)

صالح الغازي

دار الكفاح ـ الدمام ـ 1435هـ 2014م

تقع المجموعة في نحو (82صفحة) من القطع المتوسط