Saturday 13/09/2014 Issue 445 السبت 18 ,ذو القعدة 1435 العدد

فصل من كتاب تحت الترجمة: «نهاية عصر الجزيرة» 1-4

وضاح خنفر يغيّر أخبار «الجزيرة» لتلائم ملاحظات «الاستخبارات العسكرية الأمريكية»

تقديم المترجم: ننشر اليوم مختارات من كتاب أخطط لنشره قريباً، وهو حالياً تحت الإعداد والترجمة بعنوان مؤقت «نهاية عصر الجزيرة». وفي هذه الحلقة، ننشر ترجمتنا لمقال ديفيد كيركباتريك الذي نشر في صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 20 سبتمبر 2011، ويليه برقية مسربة عبر ويكيليكس.

مقال: ويكيليكس تنهي عصر الجزيرة

كتب ديفيد كيركباتريك رئيس مكتب نيويورك تايمز بالقاهرة:

عينت قناة الجزيرة التي تملكها قطر عضواً من الأسرة الحاكمة يوم الثلاثاء، ليحل محل مديرها العام وضاح خنفر بعد تسريبات من ويكيليكس أشارت إلى أن خنفر كان يغير أخبار تغطية الشبكة للعراق، لتنسجم مع ملاحظات «الاستخبارات العسكرية الأمريكية».

وتتعرض قناة الجزيرة لتدقيق شديد في الشرق الأوسط لتغطيتها غير المتوازنة لثورات الربيع العربي. وعلى الرغم من أن الشبكة مستقلة «اسمياً» وتتمتع بدرجة من الاستقلال الذاتي الذي يعتبر في حد ذاته ثورة في سياق إعلام تسيطر عليها الدولة في المنطقة عندما بدأت في عام 1996، إلا أن الكثير من المشاهدين أصبحوا الآن مقتنعين بأن تغطيتها للمنطقة تعكس مصالح مالكيها القطريين فوق وقبل أي شيء.

ولعبت الجزيرة في وقت مبكر دوراً مؤثراً في تغطية - ويقول البعض تأجيج - الاضطرابات في تونس ومصر في شتاء 2011 . كما كانت أكثر شراسة في تركيزها على نظام العقيد معمر القذافي ونضالات من اسمتهم بـ «المقاتلين من أجل الحرية» في ليبيا، حيث لعبت قطر دوراً رئيساً في دعم التمرد.

ولكن بدأت الجماهير العربية تشير الآن إلى ما تعتبره ازدواجية واضحة في معايير الجزيرة حتى في تغطية الربيع العربي، حيث تقوم بتغطية مثيرة وشرسة لاضطرابات سوريا من جهة، وتتجاهل ما يجري في جارتها البحرين تماماً.

وتصف برقية السفير الأمريكي في الدوحة، تشيس إنترماير، والمؤرخة في 20 أكتوبر 2005، اجتماع ضابطة العلاقات العامة بالسفارة مع مدير عام قناة الجزيرة وضاح خنفر. ووفقاً للبرقية سلّمت الضابطة السيد خنفر نسخاً لثلاثة تقارير من «الاستخبارات العسكرية الأمريكية» تحتوي على ملاحظات على ثلاثة أشهر من تغطية «الجزيرة» للحرب والتمرد في العراق. وقال السيد خنفر إن وزارة الخارجية القطرية قدّمت بالفعل تقريرين أمريكيين لشهرين، بحسب البرقية، ما يشير إلى تعاون ثلاثي وثيق بين الجزيرة ووزارتي الخارجية الأمريكية والقطرية!! وحث خنفر المسؤولين الأميركيين على إبقاء هذا التعاون سرّياً.

واعترض على معلومة مكتوبة في أحد التقارير، تشير إلى «اتفاق» بين الولايات المتحدة والجزيرة قائلاً: لقد كان ذلك «الاتفاق» غير رسمي، وشرح خنفر: «كمنظمة إخبارية، لا يمكننا توقيع اتفاقيات من هذا النوع، وورود مثل هذا المصطلح في التقرير يقلقنا».

وفي حالة واحدة على الأقل، وتتعلق بموقع الجزيرة الإلكتروني، قال السيد خنفر إنه قد غيّر التغطية بناءً على طلب الضابطة الأمريكية. وشرح أنه أزال صورتين، واحدة لأطفال جرحى في مستشفى، والثانية لامرأة مصابة في وجهها بجروح خطيرة. وعندما أثارت الضابطة شكاوى أخرى، تنهد السيد خنفر كما ورد في البرقية، ولكنه قال إنه سيحذف المادة بكاملها. واستدرك: «ليس فوراً لأن ذلك سيجذب الأنظار، ولكن خلال يومين أو ثلاثة أيام».

انتهى المقال ويليه البرقية المشار إليها فيه والمسربة من ويكيليكس:

برقية رقم: 05-دوحة-1765

التاريخ: 20 أكتوبر 2005

التصنيف: سري، مصنفة من قبل السفير تشيس إنترماير

من: السفير الأمريكي بالدوحة

إلى: وزير الخارجية الأمريكي، واشنطن، دي. سي.

الموضوع: اجتماع ضابطة العلاقات العامة بالسفارة مع مدير عام قناة «الجزيرة»

المراجع:

(أ) إيميل بتاريخ ...

(ب) إيميل بتاريخ ...

1. ملخص: التقت ضابطة العلاقات العامة بالسفارة مع مدير عام قناة «الجزيرة» وضاح خنفر في 19 أكتوبر لمناقشة أحدث تقرير لملاحظات الاستخبارات العسكرية الأمريكية عن مواد قناة «الجزيرة» وموقعها المزعجة (Disturbing). خنفر يعد ردّاً مكتوباً على النقاط التي أثارتها الاستخبارات العسكرية الأمريكية في تقاريرها لكل من يوليو وأغسطس وسبتمبر، وسينتهي ذلك خلال الأسبوع المقبل. وقال خنفر إن المادة التي على موقع «الجزيرة»، والتي أزعجت الحكومة الأمريكية مؤخراً تم تخفيفها حالياً، وسوف يحذفها بالكامل خلال يومين أو ثلاثة أيام. انتهى الملخص.

2. بحسب المرجع (ب)، سلّمت ضابطة العلاقات العامة لخنفر نسخاً ورقية من تقارير الاستخبارات العسكرية الأمريكية الخاصة بملاحظاتها على مواد قناة «الجزيرة» لشهور: يوليو وأغسطس وسبتمبر.

وقال خنفر إنه تسلّم بالفعل مؤخراً من «وزارة الخارجية القطرية» نسخاً ورقية لتقريري يوليو وأغسطس، وإنه يقوم حالياً بإعداد رد مكتوب عليهما. وأضاف خنفر أنه سوف يشمل ملاحظات سبتمبر في تقريره ويسلّمه إلى ضابطة العلاقات العامة بالسفارة خلال الأسبوع القادم.

وأضاف خنفر: (يجب أن نرتب جيداً طريقة تسليم هذه التقارير للجزيرة والرد عليها)، مشيراً لانزعاجه، لأنه لاحظ وجود أحدها (على جهاز الفاكس) الخاص بـ (الجزيرة) بصورة مكشوفة (ونفترض أنه من الخارجية القطرية وليس من السفارة الأمريكية).

ملاحظات الاستخبارات العسكرية الأمريكية لسبتمبر

3- وقالت ضابطة العلاقات العامة بالسفارة لخنفر إنه على الرغم من الانخفاض العام في التغطية السلبية منذ فبراير، إلا أن شهر سبتمبر شهد زيادة مقلقة في تلك النوعية من البرامج مقارنة بالشهر السابق. ولخصت الضابطة آخر تقارير (الاستخبارات العسكرية الأمريكية) عن (الجزيرة) بالإشارة إلى استمرار المشاكل مع عد الحصول على مصادر مزدوجة لأخبار غزو العراق؛ وتحديد المصادر؛ واستخدام لغة تحريضية؛ والفشل في تحقيق توازن بين الآراء المتطرفة؛ وبث أشرطة مرسلة من الإرهابيين.

4- قال خنفر إنه راجع تقريري يوليو وأغسطس ولديه عدة ملاحظات. وقال إنه يعترض على استخدام مصطلح (اتفاق) في تقرير أغسطس على الصفحة الأولى، تحت عنوان (العنف في العراق)، حيث ورد: (وفي انتهاك لـ(اتفاق) القناة منذ عدة أشهر مع المسؤولين الأمريكيين، إلخ). لقد كان ذلك (الاتفاق) غير رسمي، كما قال خنفر. وشرح خنفر (كمنظمة إخبارية، لا يمكننا توقيع اتفاقيات من هذا النوع، وورود مثل هذا المصطلح في التقرير يقلقنا).

5- ثم قال إن نقاط التقارير تنقسم بصورة عامة إلى ثلاث فئات. (بعضها أخطاء بسيطة نتقبلها وسنعالجها). وفي الفئة الثانية، كما قال، هناك نقاط مبتورة عن سياقها في التقرير. وأضاف: (هذا التقرير يأخذ أجزاء من هنا وهناك ولا يغطي السياق)، مشيرا إلى أنه في بعض الحالات أثناء البث، فإن التعليق أو الموقف المتطرف الذي يتخذه شخص ما قد تتم موازنته مع تعليق أو موقف لشخص آخر في وقت لاحق في نفس البرنامج أو لاحقاً في نفس اليوم. وأضاف أنه نظراً لأن الـ(الجزيرة) تبث على الهواء 24 ساعة في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع، فإنه ليس من الممكن دائماً توفير التوازن المطلوب في اللحظة نفسها. وهذا التقرير لا يرصد التوازن الذي يتحقق لاحقاً في نشرة الأخبار التالية، على سبيل المثال، أو في وقت لاحق من نفس اليوم. وثالثاً، قال خنفر: هناك نقاط لا يبدو أن حلها ممكن، مثل استخدام الأشرطة المرسلة من الإرهابيين. وأكد خنفر (لقد قلنا لكم دائماً إننا سنستخدم هذه الأشرطة وسنستمر في استخدامها). والسؤال هو كيف. وشرح خنفر: (لا يتم استخدام هذه الأشرطة كيفما اتفق أي بدون هدف، بمعنى أنها تستعمل بحسب قيمتها الإخبارية بعد تحريرها). وفيما يتعلق باستخدام اللغة التحريضية، قال خنفر إنه يجب محاسبة (الجزيرة) على اللغة التي يستخدمها مراسلوها الخاصون فحسب. ولا تسمح (الجزيرة) لأي موظف في القناة باستخدام مفردات عنيفة. تركيز تقارير (الاستخبارات العسكرية الأمريكية) على اللغة التحريضية يتعلق بمن تقابلهم (الجزيرة). وأضاف (كيف يمكنني التحكم بما يقوله هؤلاء الناس؟ أنا أستطيع السيطرة فقط على كلام مذيعي قناة (الجزيرة). كل ما يمكننا القيام به هو محاولة تحقيق التوازن مع ما يقوله هؤلاء الناس في أجزاء أخرى من البرنامج).

6- وتعليقاً على تقارير (الاستخبارات العسكرية الأمريكية) عموماً، قال إنها تفتقر إلى التوازن، لأنها تركز فقط على السلبيات. وأضاف (تقرير مثل هذا ينبغي أن يتطرق للسلبيات والإيجابيات، إنه لا يذكر أننا منحنا منبرا للمتحدثين باسم الجيش الأمريكي لأول مرة عربيا). (نحن لا نجد دائماً متحدثا باسم الجيش الأمريكي، على سبيل المثال، ولكننا نبذل قصارى جهدنا للبحث عنه، وحققنا بعض النجاح. هذا الأمر غير مذكور في التقارير). وتحدث خنفر عن تغطية (الجزيرة) لاستفتاء العراق، وقال إن (الجزيرة) قدمت 12 ساعة من التغطية المستمرة، وأعطت الفرصة لجميع الأصوات . الأكراد والشيعة والسنة والأمريكيين والبريطانيين وغيرهم. ثم قال (أود حقا أن أرى هذا مذكورا في تقرير الشهر المقبل). وكرر خنفر أنه سيرد بالتفصيل على جميع التقارير الثلاثة خلال الأيام القادمة وسيسلم رده لضابطة العلاقات العامة بالسفارة.

مواد مزعجة على الموقع الإلكتروني

7- وتحدثت ضابطة العلاقات العامة عن مادة مزعجة على موقع (الجزيرة) نشرت في الأسبوع الماضي، ومدرجة تحت عنوان (تغطية خاصة)، وتحتوي على (شهادة حية حول تلعفر). يفتح الموقع على صورة لأوراق ملطخة بالدماء ومليئة بثقوب الرصاص. وينقر المشاهدون على ثقوب الرصاص للوصول إلى شهادات من عشرة أشخاص مزعومين بصفتهم (شهود عيان)، حيث يصفون الهجمات العسكرية الأمريكية الأخيرة في تلعفر.

8. قال خنفر إنه بناءً على وعده السابق لضابطة العلاقات العامة (مرجع ب)، فقد راجع بنفسه المادة وحذف صورتين دمويتين (الأولى، لطفلين مصابين بجروح في المستشفى، والثانية لامرأة تعاني من إصابات خطيرة في الوجه). وعقبت الضابطة أن هناك أيضاً شهادة من «طبيب» في المادة تشير «ضمنياً» لاستعمال غاز سام ضد سكان تلعفر، كما أن مدخل المادة وبخاصة لطخ الدماء وثقوب الرصاص «تعتبر تحريضية» و«غير مهنية» صحفياً. بدا خنفر، وهو يكتم تنهيدة ولكنه قال إنه سيحذف المادة بكاملها. واستدرك: «ليس فوراً لأن ذلك سيجذب الأنظار، ولكن خلال يومين... أو ثلاثة أيام».

9. وقال خنفر إنه أمر موظفي الموقع أنه في المستقبل، عندما يريدون إضافة مادة إلى قسم «تغطية خاصة» ، يجب عليهم إرسال بروفة إلى مكتبه. (ملاحظة: يقع الموقع في مبنى منفصل عن قناة «الجزيرة» وفي جزء مختلف من المدينة. انتهت الملاحظة). وقال خنفر إنه حتى قبل شهرين أو ثلاثة أشهر، كان موظفو الموقع يتمتعون بحرية واستقلال ذاتي أكثر بكثير من الآن. ولكن حالياً، يحضر مدير الموقع عبد العزيز المحمود الاجتماعات الأسبوعية التحريرية في مكاتب القناة التلفزيونية، ويجري الآن تطبيق نفس المعايير التحريرية على الموقع، مثل قناة «الجزيرة». وأضاف خنفر: «أنا لا أقول إن مثل هذه الأمور لن تتكرر على الموقع، ولكننا نمر بعملية تعلم (Learning Process)».

** ** **

السفير تشيس إنترماير

انتهت البرقية

ترجمة وتقديم : د. حمد العيسى - المغرب Hamad.aleisa@gmail.com