Saturday 13/12/2014 Issue 455 السبت 21 ,صفر 1436 العدد

ضعف اللغة العربية... تجربة بسيطة

تعاني اللغة العربية من ضعف شديد على المستويات كافة يتجلى في مستوى مخرجات المؤسسات التعليمية من المرحلة الابتدائية إلى الجامعية، وربما يصل الضعف إلى مراحل أكثر تقدما في الدراسات العليا، ومن أبرز مظاهر الضعف الأخطاء الإملائية في الكتابة واللحن في القول والهشاشة والسطحية في الطرح على مستوى الدراسات العليا، والبحوث التي تجرى لمعرفة أسباب الضعف تكاد تحصرها في سببين رئيسين هما المناهج وطرق التدريس، إلا أنني ما زلت أظن أن هناك سببا آخر ينتمي إلى ذهنية نظام قبول الطلاب في كليات الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعات السعودية جعل منها قبلة للطلاب ذوي النسب المتدنية، فقمت بتجربة بسيطة لاختبار مصداقيته.

التجربة ببساطة: في الجامعات السعودية يوجد ما يعرف بمواد الإعداد العام يدرسها جميع طلاب الجامعة أيا كان اختصاصهم، ومن تلك المواد مادة اللغة العربية في مستويين، وفي أحد الفصول الدراسية اخترت أن يقتصر جدولي على تدريس مادة اللغة العربية المستوى الثاني وأن أُنوِّع الشُّعب بمعنى أن آخذ شعبة لطلاب من كلية هندسة الحاسبات وشعبة لطلاب من كلية الطب وشعبة لطلاب من كلية الآداب قسم اللغة العربية تحديدا، والطلاب في جميع الشعب التي أدرس لها يدرسون منهجا واحدا، وجميعهم من فئة عمرية واحدة تقريبا، ولعلكم تتوقعون أن طلاب قسم اللغة العربية أفضل مستوى من طلاب شعبتي الطب والهندسة، ولكم الحق في ذلك!

أقولها بمرارة وخيبة أمل، لقد كان طلاب شعبتي الهندسة والطب متفوقين على طلاب شعبة قسم اللغة العربية بمراحل غير قابلة للمقارنة، لم يكن طلاب شعبة اللغة العربية قادرين على التفريق بين الاسم والفعل أو الجملة الاسمية والجملة الفعلية مما يعد من المعلوم من اللغة بالضرورة في حين أن طلاب شعبتي الهندسة والطب قادرون على ذلك وأكثر بل إن من بينهم طلاب في مستوى خريج بدرجة امتياز في قسم اللغة العربية، ولعلكم تتساءلون الآن عن السبب!

النسبة!! النسبة!! تشترط الجامعات للقبول في كليات الهندسة والطب والعلوم والحاسب حصول الطالب على أعلى نسبة في الثانوية العامة وفي اختباري التحصيلي والقدرات، في حين أن الطلاب ذوي النسب المتدنية تقبلهم الجامعات في كليات الآداب والعلوم الإنسانية ومن بين أقسام الآداب قسم اللغة العربية، وهؤلاء المقبولون من ذوي النسب المنخفضة سيتخرجون معلمين للغة العربية، مما يعني إعادة ذوي المستويات العلمية الضعيفة إلى حقول علمية ضعيفة بطبيعتها؛ أي تدوير الضعف في اللغة العربية في الأجيال القادمة فتتوالى حلقات سلسلة الضعف، والحل كما أظنه يتمثل في أن تشترط الجامعات لقبول الطلاب في قسم اللغة العربية وغيره من أقسام كليات الآداب النسبة نفسها التي تشترطها لقبول الطلاب في كليات الهندسة والطب والعلوم والحاسب، عندئذ نكون قد سلكنا الطريق الصحيح للقضاء على مظاهر الضعف في العربية وغيرها من العلوم الإنسانية وأنقذنا كليات الآداب من التحول إلى بوابات لاستقبال من لم تسعفهم نسبهم للقبول في الكليات الأخرى ففضلوا الالتحاق بكلية الآداب عن البقاء خارج الأبواب.

د. محمد بن سالم الصفراني - الرياض