Saturday 15/11/2014 Issue 451 السبت 22 ,محرم 1436 العدد

نصوص الطفل الوثني

كتابة على جلد حوت

ادخلوا المدينة خفافاً على رؤوس أصابعكم، دليلكم خلاسية من الخلاء ترشو الحرس بفاكهة الظلال ريثما يظهر عراف يدفن ساعاته في الرمل ليعود طفلاً من الشيخوخة يعرفكم من قمصانكم وأنتم له منكرون، تلك هي العلامة فاخلعوا قمصانكم غير ملتفتين إلى الوراء، تدفعكم الريح حتى إذا ظهرت المنازل رأيتم في ساحة للحجارة فتاة كالشفق يهم الناس برجمها، خذوها معكم ولتمرح بين عرائس الذرة. ما كانت إلا خلاسية من الخلاء.

عرائس البحر

عرائس البحر سرقتنا من أنفسنا، وأغوتنا بالأناشيد والخلود، بالفرار الأزرق عبر المحيطات، حيث تسقط الأسماء والأنساب والتواريخ، ذلك أن البحر بلا ذاكرة. كنا ممعنين بالتخفف من أهلنا، أو هكذا عرائس البحر دبرت مصيرنا. نرتطم بالعراء البحري فيهرع الرمل المحبوس في زجاج أجسادنا دونما جدوى. ها هو الخشب يغرب في الروح. غشاوة غريبة تدحرجت من مجرة الجحيم لتعبر النهار بلا رحمة.

حين كنا نراقص النوارس الشاردة فيما تورق الزنابق من حولنا طوقتنا عرائس البحر لتشق ظلنا بمنشار القرش فتخلعه عنا على الشاطئ الأخير. العرائس خراب البحر.

إذا الحيلة ضاقت

كان العسعس يتدفقون في الشجر القريب

واستعرت المركب منك أيها المراكبي

أومأت إلى أن أجدف بدمي

إذا الحيلة ضاقت

فأشرت إليك : ألا تخف

معي لؤلؤة أهدانيها طفل

كفيلة أن تسمم النهر

إذا الحيلة ضاقت

يرقة تأخرت كثيراً

هذا الكوكب المأهول بالدم والرماد

يرقة عملاقة تأخرت كثيراً في الخروج

حتى داهمها الطمث فاستيقظت فإذا هي

في ظل حيوان قاس وسريع التحول

كوكب فائض عن حاجة الجحيم

تحجرت في أحشائه المياه المقدسة

كهرباء تترنح في واد بعيد

طفل غافل يخوض تجربة الركض

يرتطم بمنارة تدله على الحديقة

حيث الشعراء يقتطفون النرجس بصمت

والأطفال يتأبطون ألعابهم في العشاء الأخيرة

هداياك القديمة

لم يكن النهار حيلتك الوحيدة

أنت تتسلل إلى مخادعنا

فيما تتساقط خلفك أقنعة من المطاط

تشق أرواحنا المسكونة بالمدائن الناعمة

تقبض علي وأنا أتسلق تلة وعرة

فتضعني في قفص

أنت تمنحنا فترة من المطر

لكنك تداهمنا ونحن عالقون في السوسن

لتوزع علينا هداياك القديمة

حيوان الحكمة

يوم داهمنا الطوفان كنا مرهقين في المركب نبحث

عن حيوان الحكمة لعله ينقذنا من ألمنا الداخلي

رأينا في زجاج عينيه بركاناً من الدم والزبد

على ضفافه أرملة العنكبوت السوداء تحكم شبكتها

وجدناه مستغرقاً في إشارات

ووجدنا الطاؤوس عالقاً في المصيدة.

جريمة الحصان

أهل مدينتي ذهبوا إلى ميدان الخيل

أخذوا أطفالهم ونساءهم وذهبوا

كان المضمار بعيداً كجسر من الريش

وكانت الفرصة أندر من كبريت أحمر

تسللت إلى غرفتي فتاة شقراء تطاردها لحية كاهن

وقافلة من الأيام الرتيبة

فتاه تشبه نافورة الورد استضأت بها

دربتها على مهارات نادرة

وتدفقت شلالات من الزبد والصهيل

رجال وأطفال ونساء يحملون حجارة مسننة

ويشتركون في جريمة الحصان

مالك الحزين

يرقد تحت غمامة من الدخان

متوحد يهطل من عينيه الملح

يزين ريشه في مكان معزول

طائر شاهق مهيأ لمزيد من الحزن

عريس روحه ذو منظار نادر، يتلصص على كواكب

بعيدة لعلها مأهولة بالبحيرات والنور.

الأدلاء الليليون أصحاب البصيرة يحملون نبالهم ويتربصون به

سوى أنه سيد المجازفات ومالك الحزين يفترس سلالته النبيلة .. ولا يملك شيئاً

منازلنا

منازلنا التي تركناها في عتمة مخيفة

ينبت عشب الوحشة عليها الآن

صندوق عرشت عليه عروق فاكهة القيظ

دراجات أطفالنا تحجرت والدمى شابت من الحزن

المنازل تربي ظلها الطفل

ونحن ذاهبون إلى مرفأ بعيد

هذا ليس بأيدينا يا منازلنا

أنت شاهدة على مكيدة الدم وحيلة القناص

واسألي حبر الوجوه

شعاع غير مكترث

يتداولون الموت ويقنعون الظل الكاهن بدمي

أنا القافز لأعلى. تحتي تنبجس المياه

من قبعتي يتناثر الذهب

أحرز فوزاً ثميناً فألهو

مجرة ترمي علينا الريش والرمان

غير مكترث بالبحر والمصير، أحرر الفرائس من فخاخها

يقعد الوقت تحت مظلتي

وأنا ذاهب بصحبة فتاة ترتجف تحت معطفها الأسود وتلوذ بي

ذاهب كشعاع يخترق مطر الغابات

بريد النحل

هذا الصياد العجوز

ينصب كمائنه في وقت مبكر

يطلق حيلته العميقة في الوادي

ثم يشعل غليونه حتى ساعة الغسق

منتظراً بريد النحل

كوخ العشاق

هذا الكوخ ذو الخشب الأزرق

شاهد على ولادات مسورة بالحب

كنا نركن إليه في الشتاءات الغامضة

وكنا نقيم صلاة مفتوحة على روح الغائب

فيما يطوف حولنا فراش سكران

فجأة ونحن في برهة من النار

مطر شرير يقصف زوايا الكوخ

غير أننا خلعنا ظلالنا في الموقد

اكتشفنا طفولتنا واقتربنا من الله

لن نكبر بعد اليوم

دمية

حين يغرق أطفاله في النوم

يختطف دميتهم الملقاة كيفما اتفق

يفر بها إلى مخبأ سري في البيت نفسه

يداعبها تحت شعره الأبيض

يلاعبها فيتدفق لعابه

وتغمر السرير مياه متعفنه

الطريق

الطريق يشهد برغم حزنه على البيت

الطريق لا حيلة له فهو إشارة المغادرين

ودليل العدو علينا. وفي برهة يصبح علامة الدم القادم

الطريق شاهد متوحش يخبط شرارته على أثوابنا الدبقة

الطريق يعقر فرارنا بلا رأفة

الطريق فضيحة النهار

حيث تكون مجهولاً

حين تكون مجهولاً بلا أهل ولا أقرباء

بوسعك أن تجرب موتك وستنجو كثيراً

ستسقط عن عاتقك تكاليف الأهل وقيود البيت

وستزهر فاكهة الأناناس في حقلك الجديد

حينها تحرر روحك المرهقة من الشرك

فتركض في عروقك الحياة

الأهل شوك في عينيك

- زياد السالم