Saturday 20/09/2014 Issue 446 السبت 25 ,ذو القعدة 1435 العدد

أبيض غامق

المنظر النحاسي

نائبة الضفيرة:

على امتداد جميلات الأساطير منذ فينوس وباندورا، مروراً بكليوباترا ووصولاً إلى جميلات هوليوود الآن، وتسريحة الشَّعْر درجة من درجات اللغة! فبعيداً عن التقرير التاريخي والميثولوجي ربما، الذي يُوجب أن أقول إن تسريحات الشَّعْر أو حلاقته للرجال وللنساء، في مختلف السياقات تحمل أبعاداً ودلالات كثيرة، من التعبدية الخالصة، أو اليومية البسيطة، إلى أفكار معينة تأخذ من طريقة تسريح الشَّعْر أو قصه رسالة ما. حتى في حالات المرض والجنون، اتُخذ الشَّعْر أيضاً وسيلة للإزاحة والتعبير. لكني أتحدثُ عن الـ(Ponytail): التفاصيل غير المستخدمة، التسريحة التي لا يمكن أن تتجاوزها موضة. المتاحة دائماً بلا مُساعِدات، المرتبة والجادة على نحو أبيض رشيق وفيونكة. نائبة الضفيرة أيام العيد، وأن الأمور تسير على ما يُراد، وإن انسلَّتْ من روتينية المطاط شعيرات صغيرة. التسريحة التي لا يمكن أن تحمل من درجات اللغة والتعبير سوى الفرح.. والركض الرصين، تماماً كفَرَس!

أولى/ب:

قبل أسبوعين تقريباً، عشنا جميعاً مهرجان الألوان والشخصيات الكرتونية، والكثير من الحقائب والدفاتر المدهشة الأشكال مع الصغار حولنا، وعودتهم إلى المدرسة أو الالتحاق بها. مع كل هذا الترف الطفولي الملون، الأقرب إلى الألعاب منه إلى أدوات مدرسية، هناك قصص طريفة أسمعها يومياً من هؤلاء الصغار، بتراكيب لغوية مُبْهِرة، لن أتردد في توظيف فكرتها في نص أو كتابة ما!! كأن يقول أحد الصغار لي بكل عفوية وبفصحى مقضومة: «أنا ألعبُ مع أولاد مقاسي في الروضة»!! (مقاسي) ولم يقل طولي مثلاً! لِمَ هذا الاختيار المدهش دون غيره؟ّ لا أعلم، هو وحده يفهم عميقاً لِمَ! في حين يقول الآخر: «أنا في الصف الأول ب» وفي كل مرة يُحْضر هذه (الباء) وينطق هذه الكتلة اللفظية اللذيذة، كحلوى (الجيلاتين بالليمون) ينطقها بسرعة وبالفصحى أيضاً! وقد علَّق أحد الأصدقاء مرة على فيسبوك، في موضوع آخر حول هذه (الباء) قائلاً: «أولى/ب هي طريق الدكتوراه»!!

أصابع:

من الحلويات الطيّبة المشهورة في الوطن العربي؛ حلوى (أصابع زينب). التي يدخل في مكوناتها أحياناً (إصبع زبدة)، ليست بأطيب على كل حال من (أصابع الجبنة) بالزعتر البريّ!! كما أن الطبق الكويتي الشهير (محروق صْبْعَه) الذي يتقاطع و(المرقوق) الذي يخصنا كثيراً، طيّب أيضاً. حسناً! لا أدري كثيراً ما سر كل هذه الأصابع المستعارة، ولِمَ لم يوفر القاموس المطبخي تسميات من ذات الحيز، بعيداً عن الأصابع، التي لم أحبها أبداً في سياق كهذا. فكرة أن (أقضم إصبعاً) ما، ولو كان مستعاراً!! ولا أدري أيضاً، لِمَ يتطفل الآن (إصبع غاليليو)، و(إصبع الأرض) في التشهد الأخير -خاصتي- على السياق؟!

على ذكر الأصابع، ما زلت أعدُّ أصابعي في كل مرة، وأجدها أكثر من الأصدقاء، وأقل من أصابع زينب!!

أباجورة:

ظلت إضاءة الشارع النحاسية، أجمل (أباجورات) العالم، حينما كنت في العاشرة من عمري؛ وذلك لأن أحد أعمدة الإضاءة كان يقف كعنق زرافة فضولية، ويُطل على فناء بيت جدتي القديم، ويضيء المكان كله بحِدَّة نُحاسية تضر الناظرين. إلا أنها كانت أهم مادة للتأمل والتفكير العميق، تعييناً حينما تطبع ظل النخلة مائلاً على الجدار!! أما الجزء الأكبر الذي ظلّ يضيئه هو الشارع، فكان كشمس شتائية للصبية الذين يلعبون حوله، ومربط للحبل الذي تُجْمَع فيه حبات المصابيح الصغيرة؛ إما لفرح سريع ما، أو لأيام الأعياد السريعة أيضاً. ما زالت هذه (الأباجورة) العالية مضاءة في ذاكرتي، بالمنظر والإحساس النحاسي المكتمل، الذي لم يطابقه مشهد طوال الذاكرة بعد.

نورة المطلق - الرياض