Saturday 22/02/2014 Issue 429 السبت 22 ,ربيع الثاني 1435 العدد

رسائل باريس متلازمة السلطة - الخيانة

من جملة ما قرأت هذا الأسبوع دراسة أكاديمية في علم النفس تطرح مسألة العلاقة بين السلطة والخيانة الزوجية. هذه الدراسة الذي قام بها باحثون من جامعات عدة، نشرتها جمعية العلوم النفسية الاميركية على الموقع الإلكتروني لجامعة كولورادو. لفت نظري موضوع الدراسة لارتباطه بالواقع الآني في فرنسا، خاصة أنه منذ بداية هذا العام قلّما تقع عيني في باريس على جريدة او مجلة فرنسية دون ان أجد فيها مقالا على الاقل أو مقالين حول خيانة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لشريكة حياته فاليري تريرفيلر.

في الدراسة، لم يلحظ الباحثون الفرق بين الجنسين. بل أخذوا عيّنة من 1561 رجلاً وامرأة تتراوح مهنهم بين موظف ورجل اعمال ومدير شركة أو مصرف وسياسي. تضمنت الدراسة أسئلة موجهة حول المهنة والمال والعلاقة مع الشريك. وكانت النتيجة ايجابية من حيث العلاقة بين السلطة والخيانة، معتبرة ان المال هو ليس العنصر المشجع الأول لخيانة الشريك بل السلطة التي يتمتع بها، مضيفة أن تكرار الخيانة مرتبط ارتباطا وثيقا بصعود الفرد المهني وبازدياد سلطته. تزداد الخيانة بسبب شعور متورم لدى صاحب السلطة انه بات يتمتع بمواصفات تعجب أي شخص آخر.

لاحظت الدراسة ان الخيانة هي اكثر اسباب الطلاق شيوعاً. وقد يكون الكذب الذي يترافق غالباً مع الخيانة مدمراً للعائلة وللشريك.

هذا الشعور الذي يتضخم يوماً بعد يوم اثناء ممارسة السلطة دفع بكثير من الزوجات إلى الابتعاد عن الزوج الخائن وإلى طلب الطلاق. سيسيليا ساركوزي خرجت طوعاً من حياة زوجها اثناء احتفاله بفوزه في انتخابات الرئاسة الفرنسية عام 2007، ثم انتظرت انتهاء ولايته ونشرت كتاباً عام 2013 بعنوان «الحاجة إلى الحقيقة» شرحت فيه أسباب رحيلها.

«لو لم يصبح رئيساً لكنّا ما زلنا معاً». بهذه الكلمات التي صرحت بها إلى مجلة باري ماتش الفرنسية، تختصر فاليري تريرفيلر ما ارادت الدراسة قوله فعلاً. السلطة تخرب من العلاقات الحميمة وتجعل الشخص الذي يتبوأ مراكز سلطة محورية تغيّر من موقعه الاجتماعي والسياسي، اقل حساسية اتجاه من حوله من المقربين.

تتساءل الصحافة النسائية الفرنسية حالياً حول سلوك الرئيس «العائلي». المعلوم أن فاليري تريرفيلر ليست زوجة رسمية لكن الغرب سمح بإقامة علاقات مشابهة يحفظ فيها القانون حق المرأة في العلاقة. يبدو لي ان الواقع ثبت ان الحفاظ على حق المرأة هو نسبي في الغرب ولا يطبّق بالضرورة على الصديقة اسوة بالمتزوجة، والدليل ان فاليري تريرفيلر خرجت من القصر الرئاسي بعد اقل من اسبوعين على انتشار خبر علاقة الرئيس مع الممثلة جولي غاييه. ليس معروفاً كيف ستحصل تريرفيلر على حقوقها التي تضمنها «ولو نظريا» القوانين الفرنسية المتعلقة بالمساكنة المشروعة، إلى درجة تساؤل بعض الجمعيات النسائية عن فعالية هذه الحقوق في الواقع، حتى انها ذهبت إلى القول لو ان السيدة تريرفيلر متزوجة رسمياً من هولاند لما تمّ خروجها بهذه السرعة من القصر ومن حياة الرئيس.

تتساءل النساء الفرنسيات اللواتي شكلن عنصراً انتخابياً مهماً لفوز هولاند اذا كان الرئيس مختلفاً عن أي «ذكوري» في فرنسا». معاملته للسيدة الأولى التي لم توقع على إعلان الفراق والذي عمّمه هاتفياً على الصحافة، بدا قاسياً وغير عادل. أعقب الإعلان محو أكثر من 500 صورة رسمية للسيدة الاولى من أرشيف القصر، إلى اغلاق حسابيها المصرفي و»التويتر» الرسميين، انتهاءً بإزالة اسمها من لائحة نزلاء القصر. انها السلطة.

بقي ان نقول ان فاليري تريرفيلر مازالت تتمتع بخصوصية ما، اذ هي الوحيدة في فرنسا ماضياً وحاضراً التي تحمل لقب «السيدة الاولى السابقة».

إيمان حميدان - باريس imanhumaydan@yahoo.com