Saturday 25/10/2014 Issue 448 السبت 1 ,محرم 1436 العدد
25/10/2014

ورشات العمل في احتفاليات الثقافة السينمائية

تنحو بعض مهرجانات السينما منحى نهضوياً لعشاق السينما وللشباب الذين تشكل المهرجانات السينمائية بوابة لانطلاقهم. فتخصص المهرجانات وخلال أسبوع المهرجان ورشة عمل باختصاص ما، لعل السيناريو يقع في المقدمة من هذا الاهتمام، فالمهرجانات تولي السيناريو أهمية خاصة.

هناك من يقول بأن أهم مفردة من مفردات لغة التعبير السينمائية وأهم مرحلة من مراحل إنتاج الفيلم السينمائي هو السيناريو. والسيناريو هو المفردة التي لا تكلف مالا، فبإمكان كاتب السيناريو أن يختلي مع نفسه أمام الحاسوب ويكتب السيناريو. ولكن أي سيناريو؟! السيناريو له بناء وله دراسة علمية تتعلق في البناء وفي رسم الشخوص وفي معالجة الموضوع وهو عالم ساحر يحتوي الرواية ويحتوي المسرحية ويحتوي الحوار، فإذا كان الحوار غير محكم الصياغة فإنه يفلت من زمام الممثل ويعرقل إبداعه.

السيناريو هو القاعدة التي ينطلق منها الفيلم السينمائي.. فإن كان في يد المخرج سيناريو محكم البناء فهو مشروع لنسبة عالية من فيلم جيد، أما السيناريو غير محكم البناء فإن المخرج مهما بذل من جهد فإن الفيلم سوف يبدو ضعيفاً ضائعاً بين متاهات الفكرة ومتاهات التشويق ومتاهات الترهل. ولعل ضعف الفيلم العربي يكمن في السيناريو.

من المهرجانات التي تولي ورشات العمل إهتماماً الملتقى العربي للسينما العربية في مدينة نابل التونسية. ويخطط مهرجان سينما المؤلف في الرباط للاهتمام بورشات العمل، لكن مهرجان سينما المؤلف يشكو من شحة الدعم مع أنه مهرجان مهم على صعيد فكرة المهرجان لأن المهرجان الذي يقوم على فكرة سينما المؤلف إنما يعني بأن المخرج المؤلف هو وفيلمه مادة المهرجان. فالبحث عن مخرج كاتب وكاتب مخرج هو استكمال جدلي للعملية الإبداعية.

والمؤلف قد يعني هنا المخرج كاتب السيناريو وقد يعني المخرج كاتب القصة والسيناريو وقد يعني المخرج كاتب القصة والسيناريو والحوار.. وفي هذا قمة العملية الإبداعية. وعادة فإن المخرج الذي يكتب فيلمه بنفسه يكون مستوعباً لعملية التنفيذ وقادر بشكل أكثر من المخرج غير المؤلف على الدقة في التعبير وتحريك الشخوص وخلق علاقة جدلية حقيقة بين كل مفردات لغة تعبير الفيلم. من هنا تأتي أهمية ورشات العمل وخاصة تلك التي تتعلق بعملية الكتابة السينمائية من السيناريو والديكوباج والحوار.. هذه الورشات هي أساس لتعميم مهنة وحرفة سينما المؤلف. المهرجان في تبنيه لورشات العمل وبشكل خاص ورشات المادة الأدبية للفيلم السينمائي إنما يؤسس لقاعدة سليمة للعمل السينمائي.

في تاريخ السينما مثل واضح لسينما المؤلف وهو أفلام السويدي «إنجمار بيرغمان» فهو الكاتب قبل المخرج معتبراً الكتابة أساس مادة الصنعة السينمائية، وهو إذ يتناول رؤيته للواقع والحياة في مجتمعه السويدي الذي يبدو نموذجياً للحياة السليمة فإنه ينظر إليه كمجتمع يخلق حياة ملولة خالية من الحرية المتمثلة بالحركة والفوضى. فهو صنع أفلامه عن المجتمع وعبر عن عار الحروب التي دمرت المجتمعات في فيلم «العار» وأصبحت أفلامه هوية ثقافية وفنية بسبب المادة الأدبية التي يكتبها لأفلامه. فالسينما كعالم جمالي وفلسفي يحتاج إلى القاعدة الأدبية حتى يستكمل الإبداع المتمثل في عملية الخلق الثقافية.

فكرة مهرجان سينما المؤلف التي يتبناها مهرجان سينما المؤلف في مدينة الرباط توليها إدارته أهمية بالغة لتأسيس لسينما عربية تحاول أن تنهض بلغتها التعبيرية إلى مصاف الفيلم القياسي فكرياً وجمالياً. لكن ما يؤسف له أن الدولة ومؤسساتها الثقافية الداعمة لم تدرك بعد الأبعاد الحقيقية لمثل هذا المهرجان. أنه حقيقة يحتاج إلى تنشيط ورشات العمل واستضافة خبراء من عينات المخرجين الذين أبدعوا في إنتاج أفلامهم كتابة وإخراجاً.

سوف ينعقد المهرجان في ديسمبر 2014 وسط صعوبات اقتصادية ولكن إصرار الإدارة على إقامة المهرجان يشكل إصراراً على النهوض بسينما عربية مختلفة. كانت يدي على قلبي ألا ينعقد المهرجان هذا العام بسبب عدم تقديم الدعم للمهرجان ولكن يبدو أن الإدارة قد ناضلت كثيراً حتى نجحت في ألا يتوقف المهرجان.

صراحة فكرة مهرجان سينما المؤلف هي فكرة دلالتها كبيرة وينبغي التركيز بشكل متواز مع العروض في إقامة ورشات عمل مركزة لكتابة القصة السينمائية وكتابة السيناريو وكتابة الحوار وكتابة الديكوباج فهذا النوع من الورشات يشكل القاعدة الأدبية للإنتاج السينمائي.

- هولندا k.h.sununu@gmail.com