Saturday 29/11/2014 Issue 453 السبت 7 ,صفر 1436 العدد

دور العرب في تطور الشعر الأوروبي

المؤلف : عبد الواحد لؤلؤة

الناشر : المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2013

الصفحات : 256 صفحة من القطع العادي

يتساءل المؤلف في مقدمته؛ هل كان للشعر العربي الأندلسي، والموشح والزجل منه بخاصة، من تأثير في نشوء الشعر الغنائي الأوروبي الجديد، الذي انتشر عبر أوربا، بدءاً من شعر دانته ومن تبعه من أصحاب الأسلوب الحلو الجديد ولغات أوربية تفرّعت عن اللاتينية؟

«لقد تيسر لي قضاء سنة من التفرغ العلمي في جامعة كمبردج، وجدت في مكتباتها قدراً كبيراً من الكتب والدوريات العلمية التي تعنى بالشعر الأندلسي وبشعر التروبادور وبالعلاقة بين شعر التروبادور باللغة الاوكسيتانية وبين الشعر الأندلسي، في نمط الموشح والزجل. كان علي أن أدرس الموشح والزجل في جذوره المشرقية التي تطور عنها، ومقارنة ذلك بشعر التروبادور الجديد على أوروبا القروسطية، ثم تابعت انتشار شعر التروبادور وفنونه في عدد من اللغات الأوروبية الوليدة. وقد انتهى بي المطاف إلى الشعر الإنجليزي في ما كتب شكسبير من غنائيات الحب التي تردد أصداء غير بعيدة من غزليات الحب العربية».

من الكتاب :

السؤال الذي ينهض أمام الباحث هو كم من أسرى العرب استقر في بلاد الفرنجة بعد الفتوحات؟ ويهمّنا في هذا الصدد منطقة بروفنس التي ظهر فيها أول نوع من الشعر الغنائي بلغة أوربية عامية غير لاتينية تماماً· وكم من الأسرى الفرنجة استقر في برشلونة التي بقيت في أيدي المسلمين حوالي ثلاثة قرون؟ كانت فتوحات الأندلس حروب كرّ وفرّ، ومثل جميع الحروب في العالم هنالك أسرى من الطرفين مثلما هنالك قتلى من الطرفين· والعرب أهل شعر، يستوي في ذلك طارق ابن زياد البربري المستعرب، الذي تنسب إليه ثلاثة أبيات من الشعر العربي الفصيح، كما يستوي في حالة عبد الرحمن الداخل، حفيد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، ولو أنه ابن جارية بربرية من قبيلة نفزة وثمة حقيقة بديهية أخرى شديدة الوضوح بحيث نسيها أو تناساها أغلب الباحثين في أوضاع الأندلس وظروف مجتمعها الجديد· ذلك أن الفاتحين المسلمين، من عرب وبربر، دخلوا الأندلس بدون زوجات، فتزوجوا من الأندلسيات بعد إسلامهن، أو حتى بعد بقائهن على النصرانية في كثير من الأحوال· وكان من الطبيعي أن يتكلم الأبناء من هذه الزيجات اللغة العربية مع الأب واللغة اللطينية كما يدعوها العرب والمستعربون، مع الأم· كانت هذه الثنائية اللغوية عند الأجيال الأولى وما بعدها من أهم عوامل التأثّر والتأثير الحضاري - الثقافي· وقد ظهرت آثارها في السفارات والعلاقات التجارية، وفي تأثير الشعر العربي الأندلسي في نشوء وتطوّر شعر جديد في ذلك العالم الجديد البديع، بعبارة شكسبير، يسهّل تطوّره ويسرّع فيه عندما يكون الشاعر الأندلسي ناطقاً بالعربية وبالرومانث معاً· كم من الأسرى العرب كان ينظم الشعر وينشده على مسامع آسريه من اللّطين ويفسّره لهم بلغة الرومانث التي أتقنها فيفهمونها؟».