الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st February,2005 العدد : 94

الأثنين 12 ,محرم 1426

أنانيون على درجة عالية من الأخلاق..!!
غادة عبدالله الخضير
درس أول
كل الأشياء يمكن أن تعد على الأصابع..
حتى الفرح..
ولهذا عندما نصل إلى فرحنا العاشر..
نكون بدهياً قد نسينا الأول..
أو تغيرت ملامحه بالاعتياد..!!
درس ثانٍ
أتخيل أحياناً هذا الذي يسمونه حباً: خرافة من خرافات عدة ابتدعها الإنسان بنفسه ذات غفلة وصدقها.. لأنه في النهاية ان فرضنا ان مسمى الحب وفعله موجود، فالإنسان لا يحب إلا نفسه ولا يعرف أن يحب إلا نفسه تماماً مثلما هو في كل غاياته الحياتية لا يفعل شيئاً إلا لمرجعية ذلك الشيء عليه بشكل أو بآخر حتى وان تفانى في البوح أو الصراخ ان هنالك أشياء يفعلها في الحياة والعلاقات البشرية وهو لا يرتجي من ورائها منفعة ما أو غاية ما..!!
لهذا أجدني في كل مرحلة حياتية أخفف من اعتقادات الحب بين شخص وآخر وأجد أن حب الأشياء أفضل من حب الأشخاص ضمان صدق وضمان بقاء.. (مفهوم الضمان بحد ذاته مفهوم شخصوي بحت لا يتجاوز أنات الإنسان وحدوده..!!).
بحسبة بسيطة لنفكر معاً:
عندما نتخيل من نحب نتخيله فقط بالشكل الذي نرغب دون اعتبار لما هو يريد نرسم حدوده وملامحه حتى اننا نغضب أحياناً أن تجاوز سلوكه أو مشاعره خيالنا ونتفوه بعبارات تعكس أننا جامدون في حرية الآخر إذ نقول: لم نتوقعك هكذا.. ما توقعت أن يصدر منك تصرف كهذا.. وما إلى ذلك من الرسومات الحركية التي نضعها لمن نحب وكأنه لعبة صلصال نحركها كيفما نشاء ونصنع منها ما نشاء..!!
ندخل في أي تفاصيل لعلاقاتنا لأننا نريد، وإلا ما الذي يفسر رفضنا لنفس الفعل مع آخرين سوى أننا نمتلك مقدرة النعم واللا في شتى علاقاتنا!!!
من المضحك أننا نتفوه بأمورٍ عظام: هو صبر المحب، تضحيته، تعبه من أجل من يحب.. وفي الحقيقة هو صبر من أجل أنفسنا وتضحية من أجل أنفسنا وتعب من أجل راحتنا لا أكثر..!
الحب في نهايته شعور أناني عظيم لا يحقق إلا ما نريده فقط..
عندما أفكر في فلسفة العلاقات الثلاثية كتصور مصغر للحب: أرجوحة الحياة، أعرف تماماً أن هناك لعبةً تحاك وفصلاً من سيناريو عميق يحول المأساة إلى ملهاة ويجعل من يشاهد تلك الثلاثية يبتسم ويبكي معاً لأنه يتصور نفسه في الأدوار جميعاً بلا استثناء.. هذه ذكاءات الحياة!!
لعبة الأدوار.. اخطر لعبة تهبنا إياها الحياة، وتعلمنا كيف أننا نتناقض مع أنفسنا كمن يتأمل صورته في المرأة فيجدها تفعل عكس ما يفعل تماماً، الحياة مشاكسة..!!
القوة أدوار.. تأتي في أوج جبروتها مع من يحبنا وتأتي خاضعة منهكة كأن على رأسها الطير مع من نحب..!!
الطاعة أدوار.. تمرد محتوم مختوم النهاية مع من يحبنا.. وتأتي (كالماء البارد) لمن نحب تأتي هكذا: استسلام..!!
الشوق أدوار على علو شأنه.. مطفئ مع من يحبنا كأنما ابتلعته الأرض لاصوت له في أذن ولا صورة له بين جفنين.. ويأتي مع من نحب حارقاً حائلاً محتلاً متحايلاً يفسد حتى غفوة متعب..!
الغياب أدوار..
الحضور أدوار..
وحتى الدور بحد ذاته أدوار..
والقياس هنا مباح على أغلب الأشياء ان لم يكن كلها..
درس ثالث:
(منذ فترة زمنية قريبة اشترت صديقتي لطفلها الصغير اثني عشر عصفوراً ووضعتهم جميعاً في قفصٍ واحد فيهم عصفوران كبيران جارحان وعشرة عصافير صغار، ولنا أن نتخيل الوضع حينها؟
صراع مكان وصراع اختلاف وصراع ألفة لن تأتي (البقاء يعني مزيداً من الصراع).
أخبرتها أن نواميس الكون لايمكن إخضاعها لمزاج طفل صغير سره أن هنا عصافير فقط (هذا ما يدركه).
بعد محاولات فصلت صديقتي العصافير عن بعضها البعض خاصة أن هجوماً شرساً أدى إلى وفاة أحد العصافير الصغيرة بعد أن تناثر دمه موقعاً شهادة وفاته بالأحمر وبهذا أصبحت تمتلك قفصي عصافير (الحرية تعني مزيداً من الأقفاص..!!).
مرت الأيام أعلن فيها أحد العصافير الكبيرة وفاته بجثة هامدة مازالت تحتفظ ببهرج الألوان فيها.. وبقي عصفور واحد في قفص كبير (الحرية تعني مزيداً من الاتساع..!!).
أما العصافير الصغيرة فكانت أكثر تنظيماً في إعلان وفاتها بعد كل يومين يموت عصفور ويسقط من أعلى إلى أسفل بعدما كان يحلق من أسفل إلى أعلى (الحرية تعني أن نفهم خطة الحياة جيداً كي نتنبأ بمشهد الموت..!!).
ولنا أن نتخيل أيضاً شكل الأقفاص بعد زمنٍ (الحرية تعني أن نمارس مزيداً من الخيال حول الحياة والموت..!!).
المشهد صغير جداً.. لكنها الحياة عميقة تعلمنا دروسها من تفاصيل عابرة: الموت والحياة لا يحدهما صغر الأمكنة أو طول الأزمنة أو اختلاف النوع هما حتميان لا محالة ولهذا محتملان في كل لحظة (الحرية تعني مزيداً من الإيمان).
درس مكرر
كل الأشياء يمكن أن تعد على الأصابع حتى الحزن..
ولهذا عندما نصل إلى حزننا العاشر..
نكون بدهياً قد نسينا الأول..
أو تغيرت ملامحه بالاعتياد!!!!
درس يحتاج إلى تكرار:
كل الأشياء يمكن أن تعد على الأصابع..
حتى الفرح والحزن..
لكننا لا نتعلم..


ghadakhodair@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved