المدينة نورة بنت سعد الأحمري
|
ألقت المدينة رداء العمل وتمطت في سريرها الهادي 0وضوؤها الخافت بين نجمات ناعسة، وجلس القمر على حافة سطح الأرض يهدهد الكون لعله ينام باسترخاء مع الزوايا والأركان، نام الهدوء فاسترق القمر السمع من بين أنفاس السحب، يرهف سمعه إلى ركن من الأرض يقبع به إنسان يقلب ناظره في فضاء وكأنه يعد النجمات لتنام على أجفانه، فيتوه في أعماق خرافات الجدات.. عد النجوم يصيبنا بطفح جلدي، يثني ناظره ويعود لحال التأمل، ولكن على جسد بشري تدور بين خلاياه معركة روح وجسد وكلا الطرفين يتشبث بالوجود ويحاول الانتصار على طرفه الآخر، حتى أدرك أن لحظة الحسم حانت وأن المعركة لا بد لها من نهاية.
تنتابه رهبة تكاد تنثر عروقه، يقشعر بدنه يحار من اين أتاه كل ذلك!!
وكأن قدماه ترغمانه على الوقوف لكن لمن.. لا يعلم!!
حضور طاغٍ مخيف جعل العرق ينز من جبينه وسط برودة الأجواء!!
شعور البعثرة قاتل بين أحشائه، يجر بصرة على أطراف السرير، تثقل قدماه في بضع خطوات، يقترب من جسد ممدد، يضع يده على صدر بارد، الأضلاع صامته لا تحركها رغبة الحياة يعاود الكرة فيهز العروق فلا يرى إلا الزرقة أدرك أن القلب قد هدأ وما صوت الحشرجة إلا بقايا دموع بعد أن ذبلت الأركان واحترقت ساعة الزمن.. يكتب ذاته، يصرخ في الهواء أنا هنا، انتظر للحظة أرجوك، لا..لا.. رجفة مجنونة تهز ساعة الصفر بقوة وشراسة وصراخ الرحيل يهز الأركان ينتفض وحش قادم من أدغال الألم وكهوف الدموع ليضرب وتداً في مقلة العين وعلى قيعان الأوردة، لتنزف الشرايين لحظات ماضية الكثيرة، ألم وفرح اخفاق ونجاح،
يرفع بصره إلى جدار قد شاركه الانتظار يعانق الصمت بعد أن ذاب الألم في أوصاله، يسمع أجراساً قادمة من الغياب ترسل الإنذار، لا لا لم يعد هناك إنذار هكذا صرخ، علم أن الفارس ألقى قناعه وخلع نسيج الجسد وعناصر الفصول لتصبح المشاعر عارية خلف ستائر الموت تلتحف أشبار الغياب، حلق الفارس بلا أجنحة إلى قبة السماء حاملا معه تذكرة المغادرة من أرض قد أفنى فيها عمره بين نجاح وإخفاق وراية حياته الماضية التي تمرغت بوحل فراغات السطور التي تخبر القارئ عن رحلة كان الانتظار سمة لها.
يفيق الصراخ على زند الحزن ومفاصل الألم بعد أن ألهبت دموع المغادرة القاسية التي شقت طريقها إلى قلب ارتعش كيانه وخلايا جسده وهو يتلمس تلك المعركة التي دارت رحاها وهو شاخص ببصره في حدقة الموت التي اتسعت ليعكس اتساعها برودة المكان ووحشة السكون والحيرة تغلف تساؤله.. هل كانت المدينة حزينة؟
Noora436@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|