الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st February,2005 العدد : 94

الأثنين 12 ,محرم 1426

عندما يدلف باب الصمت
محمد بن صالح القرعاوي *
في لجة الحضور ومن خلال الضوضاء المصاحبة لهم، كان شارد الذهن بعيداً عن جو الفرح الذي يعيشه الجميع، تتراقص في رأسه أفكار كثيرة...!!؟ عجب من حالته... حاول أن يستجمع قواه العقلية ليرسم حدود التفكير...! أراد الخروج من سيطرة تلك الفكرة العجيبة التي لم تنهها حتى هذه الضوضاء.. لكن..! لم يجد في الحاضرين من يبث له تلك الهموم، الجميع سادر في الضحكات والقفشات فيما بينهم.... فكر في القيام ليبادرهم في حديث ما.. لكن... الأدب الذي يحمله يمنعه من... (لا يجب أن أقطع عليهم حديثهم..).
فكر في دعوة أحد الذين يمرون من أمامه...!! ( لا يمكن أن أجبر أحداً على الجلوس معي... قد أكون لا أجيد النقاش.. أو لا يعجبه حديثي).. يداه ترسم خارطة التفكير... (إن معلوماتي الثقافية عالية حسب ما يقولون...!) التفت بسرعة...! أصلح من هندامه وهو يلتقط كلمات من الذين كانوا بجواره.. كثرة الموتى هذه الأيام... الحوادث... كثرة السيارات... السرعة... المراهقون... رجع إلى زحمة الذاكرة...!! وقفت نبضات قلبه عند بيت القصيد.... حسبما يراه!! كيف أن شبح الموت يجلس بجانبه عند قيادة السيارة...!! تذكر هذا عندما سمع حوار المجالسين بجانبه... استعاذ بالله من الشيطان... كثيراً ما حدثته نفسه عن الموت وما بعد الموت...!! رأى حالته تلك وذلك الموقف عندما يدلف باب الصمت..!! حالة من شيعوه.. كيف يراها..! ما هي حالة المحيطين به بعدما دلف هذا الباب..؟!
... استجمع بعض الرؤى والحوارات... التي يراها ماثلة أمامه...!! خلف باب الصمت اجتاحته الأسئلة، وبعض الحوارات التي لم يستطع التقاطها لكثرة من شيعوه... (لقد كان شخصية فذة لم تعرف قيمتها...)(رحمه الله كان ذا علم واسع) (لم يجرب نفسه بالتجارة) كفى... كفى... أين أنتم حينما ركنتم ولم تستخرجوا تلك الأفكار من رأسي...؟! لقد صدأت عندما وقفتم دون خروجها.. ولم تتيحوا لي المجال للحديث..! اذهبوا وفتشوا عن القراطيس في مكتبتي حتى تعرفوا حجم المعاناة النفسية التي تبنيتوها وتبناها المجتمع.... وتباركها المصالح الذاتية..!
استجمعوا الذكريات عني والبسوا ثيابي لتروني ثانية عبر المعاناة التي سوف تتفاجأون بها..! نعم... إني أراكم الآن بعدما دلفت باب الصمت.... شخصي تلوكه الألسن... الدعاء لن ينقطع.. مادامت الجنازة عبر الرؤى... سأمر كالأحلام في الأيام اللاحقة... ستذكرونني عندما تلوح لكم بقاياي التي تدب بينكم...!!!
أيها اللاهثون.... اجمعوا لحظات الانطواء التي كانت تجتاحني وأنتم سادرون في الضحك...!! لملموا بقايا خجلي الذي ذاب تحت أقدامكم....
أيها الواقفون خلف باب الصمت.....!! تذرفون الدموع... في لحظات الوداع...!؟ فأشرقوا بالدمع إن شئتم... اركنوا إلى تلك المناديل الحانية التي طالما مسحت أجفاني...!! ولكن.... هل تلهبكم هذه الدموع التي تسيل...!!
استبيحوا الصمت.. واحفروا في معاناتي... كي تنبشوا صفحات العمر... عبر شظايا الأسئلة...!!
دثروا تلك الذكريات عني ببقايا الحب والتي لم أرها منكم إلا لماما... وعند المصلحة...!! ابحثوا على أحرفي التي ضاعت في ظلام الليل بحثاً عن بياض الأوراق..! لترسم صوراً قاتمة عن سواد القلوب...!!
أيها الواجمون... لربما تقرؤن حروفي المكتوبة على بياض اللفافة.. ورسالتي الأخيرة....!! ... ابحثوا عن زلاتكم...واستبيحوا العذر ممن حولكم قبل أن يدلفوا الباب مثلي..! وقبل أن تدلفوا أنتم باب الصمت... فرادى...!
قطع عليه تفكيره....! ذلك الذي كان بجانبه حينما وقف على صوت الداعي للدخول إلى صالة الطعام... سمع صوت الضجيج... نظر بسرعة إلى هندامه...!!
رمى بأطراف المشلح الذي يلبسه وكأنه يرمي عنه ذلك الكفن بعدما تركه للجميع يقرؤن تفاصيل معاناته... هب واقفاً حينماً رأى الجميع يمشون زرافات كأنهم خلف ذلك الكفن.. مشى معهم ليقرأ ما كتب على بياض اللفافة...!!
جلس على طاولة الطعام... رمق من حوله بنظرة سريعة... حاول تخفيف حدة الارتباك... تناول كأس الماء...!! كسر حاجز الصمت المطبق على الطاولة... بذلك الرد البارد على من قال له.... (فرصة الأفراح تلتقي بمن يغلقون باب الدنيا على حياتهم...) نظرة سريعة كانت كافية للآخرين لقراءة حجم المعضلة..


* الرياض dalo46@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved