الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st March,2005 العدد : 98

الأثنين 11 ,صفر 1426

أستاذنا الذي رَحَل
د. محمد صالح الشنطي
رحل شوقي ضيف آخر الموسوعيين.. عرفته أستاذاً في جامعة القاهرة كما مثُلت أمامه ليختبرني في مادة النقد الأدبي في السنة التمهيدية للماجستير، بعد أن تتلمذت على مؤلفاته طالباً في مرحلة (الليسانس)، وحضرت مناقشاته للعديد من رسائل الماجستير، والتقيت به مراراً في قسم اللغة العربية في جامعة القاهرة. كان هو والدكتورة سهير القلماوي وخليف من تلامذة الدكتور طه حسين يشكلون مدرسة النقد التاريخي في الأدب العربي الحديث. وظل شوقي ضيف الأكثر تأثيراً والأكثر إنتاجاً.. تتملذنا على سلسلة كتبه (تاريخ الأدب العرب)، كان أكثر تأثيراً من عمر فروخ الذي تحمل كتبه العنوان نفسه، وأكثر تأثيراً من أحمد أمين في سلسلة مؤلفاته عن فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام. وقد أسس لمدرسة نقدية سارت على نهجه التاريخي في مختلف حقول الإبداع في جامعة القاهرة، فكان أقرب تلامذته إليه الدكتور يوسف خليف رحمه الله وقد جاء الدكتور نعمان القاضي رحمه الله امتداداً لهما، ثم كان الجيل المجدد لهذا المنهج مثل المرحوم الدكتور عبد المحسن بدر والدكتور عبد المنعم تليمة وطه وادي الذين اختطوا منهجاً تاريخياً نظرياً وتطبيقياً في الرواية والشعر مختلفاً بعض الشيء عن منهجه لأنهم عبروا عن رؤية فكرية.
ولست بصدد الحديث عن منهجه، فهذا يقتضي أن يكتب عنه بحث طويل، ولكنني أود أن أشير إلى أنه من أبرز الكتاب الموسوعيين الذين يعتبرون امتداداً لجيل طه حسين والعقاد وأحمد أمين، تلك الكوكبة التي لم تقتصر على الاهتمام بالأدب بل تعدته إلى مجالات أخرى في النحو والبلاغة والحضارة والتاريخ والنقد، فقد ألف في مختلف هذه المجالات، وكانت له آراؤه الخاصة وفلسفته في فهم هذه العلوم، وكان متجدداً لم يجمد على رؤية طيلة عمره المديد، بل تطور وعيه وإدراكه، وكان مستقصياً لموضوعاته متتبعاً تفاصيلها ودقائقها، فهو في الأدب العربي باحث لا يشق له غبار منذ أن كتب الحلقة الأولى عن العصر الجاهلي، وانتظم في تتبعه مختلف العصور في سياق متصل حريصاً على الإلمام بالمتغيرات والتفاصيل.
لقد كان دؤوباً لا يكل ولا يمل، يتسم بروح الباحث النزيه المستقل، وإذا كان محاضراً في مستوى أقل من شهرته كباحث وأكاديمي فإنه بعلمه الغزير وثقافته الواسعة ودماثة خلقه قد غطى على افتقاده تلك الصفة المفتقدة في حضوره كمعلم يجتذب انتباه طلابه، وأما كينونته خارج قاعة الدرس مشرفاً وموجهاً فهي الأبرز، فإن الذين أشرف على رسائلهم وناقشهم يعتزون بأنهم من تلاميذه ومريديه. ومنهم كثيرون ممن تولى القيادة الأكاديمية في كثير من أنحاء العالم العربي والإسلامي، ومنهم المفكرون والأدباء والشعراء والساسة، وقد نأى بنفسه عن الخصومات والمعارك الأدبية، ولم يكن حضوره الإعلامي وافراً فلم يعرف عنه حبه للظهور أو الشهرة، ومع هذا ذاع صيته وأصبح من الأعلام القلائل الذين يحتفى بهم في المحافل القليلة التي يحضرها، فقد كان عزوفاً عن المؤتمرات والمحافل.
رحم الله أستاذنا شوقي ضيف وأسكنه فسيح جناته.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved