الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st April,2003 العدد : 7

الأثنين 19 ,صفر 1424

«للأعراس وجهها القمري»
غنائية الإيقاع .. تقليدية الدلالة «1 - 2»
محمد الدبيسي
تحقق التفعيلة.. في شعر (زينب غاصب) خيارها الإيقاعي..
وفق علاقة تلازمية بين الإيقاع/ التفعيلة،
كمستوى من مستويات الشعرية
التي يعرفها (تودوروف) بأنها «الخصائص المجردة
التي تصنع فرادة العمل الأدبي (1).. وهو ما يتحقق هنا.. كمظهر من مظاهر إنجازات هذا اللون من الكتابة الشعرية..
وفي حين استجابت تراكمات تجربة التفعيلة.. الى مناح أكثر عمقاً.. في الرؤية التشكيلية لبناء النص الشعري..
واشتمال نسيجه على بنى دلالية.. وسمات جمالية.. وتنويع في تداول المعنى.. وتشفيره أحياناً..
** وهي المعطيات الضمنية.. التي لا تستجيب للقراءة الأولى..
على الرغم من وضوح خصائصها المميزة لها بحسب تعريف تودوروف» للشعرية..
والشاعرة هنا تصعّد من مظاهر احتجاجها خلف الشكل الشعري البياني..
وتستعير نظم علائق.. تستدعي أكثر من قراءة وفق وعي بنظام اللغة..
وقدرة على تحقيق تشكيلات متنوعة لخطابها.. عبر دوائر إيقاعية محدودة
وهو ما استوعبته شعرية التفعيلة.. في مجمل إنجازات شعرائها..
ذلك الإنجاز الذي تحاول الشاعرة استلهام نتائجه واستخلاص استجاباته لقدراتها..
حيث تتباسط نسبياً في التعامل مع جذر اللفظ،
وكذا صياغة الجملة الشعرية..
بما يعكس صدق استجابتها للحظة الخلق الإبداعي.. واحتوائها لدفق بوحها الشعري..
** فمع اكتناه مجمل نصوصها لمعيار اللفظة الشعرية..
فإن علامة شعريتها.. تكمن في قدرتها على إيجاد هذا الكم..
من الصور الشعرية.. والاستعارات..
والبيان الوصفي للحالة وفق ممكناتها التعبيرية..
وهي وإن حققت إلفاً مقارباً لمعجمها الشعري..
مع ذائقة مرنة في استيعاب بنى الوصف الشعري، فإن اختلاقها المؤكد على حظها من الشعرية..
يكمن في توالي هذه الصور لرسم مشهد واحد..
والتعبير عنه في أكثر من وجه..
مما يعني انجذابها لفاعلية البيان اللغوي.. وشروطه الجمالية..
بما تحققه لها من جاذبية.. وتواصل مع الذائقة المتلقية..
«تحرك كريح يزحزح هذا السكون..
صهيلاً يفوح يؤرق خيل العيون..
وحلماً يفوح بريّا السنين
ضياء بغيم تشابك
نهاراً بصحو تماسك
ستحضر يوماً بكحل الجفون..»»
وبحسب توزع هذه الصور... والاستعارات على حقول دلالية..
تستبين المحاور النصية.. وتؤصل فاعلية تداولها..
وتدويرها على المعنى الشعري.. الذي يمثل الركيزة الدلالية الأهم..
في المجموعة وهي (الشجن) المتمادي في استمالة البوح.. على الاندياح.. ونثر تفاصيل الهم الأنثوي الخاص.. في مقارباته الأولية.. ورموز مظاهره المعلنة.. دون عناء التوغل في مرجعياتها النفسية..
ومبهمات تفاصيلها في الذات...
** فالبنى الدلالية في حوالي (39 نصاً)..
ترتسم مسارها الإيقاعي بالشكل التفعيلي..
الملتزم بوحداته الموسيقية.. ويجسد (الاسم) دلالتها (العنوانية)..
فيما عدا نصاً واحداً «حدّث البحر قال..»»
مما ينتج تأسيساً لمقول شعري ....
تطغى فيه دلالة الحس الوجداني والصوت الداخلي.. للشجن بإقاع يلامس الإحساس الذاتي ويعبر عن أزمته..
وتفصح التراكيب اللغوية.. عن استثمار الصياغات البلاغية الاستعارية..
ودلالتها البيانية.. لتكوين السياق الشعري الممتزج بلحظة انفعاله..
وتشكله الفني.. الذي يبدأ من طوية الذات الشعرية..
وينتظم في أفق إنساني عام.. يستجمع فيه وميض المشترك الإحساسي..
وحدس الأوجاع المرجأة.. بوعي يستغرق لحظة البوح..
ويستثمر انفعالها ذلك.. لصالح إنجاز تعبيري شعري واضح..
يستشرف المشهد الشعري.. مشكلا وصف حالات بعينها..
في فوضى ارتباك وتقلب الحواس:
«« ما كنت أطرز مهجتي
إلا صنوفاً من لظى عشقي..
أنظم منها ما اصطفاه دمي
وما يخاصر قامتي
ولست ممن ينحني
خلف النقيض
صادرت نفسي
بقايا رعشتي
وغطشت بالأنوار
خربشة الفريق..»»
** والأنوثة .. المتبدية من أساس أجناسي تصنيفي..
تعززه الدلالة الشعرية.. وتندرج ضمنياً بمفهومه وإلزاماته..
الى مستوى الحزن المتعالي.. والمبهم في تسييجه بحبكه لغوية..
تؤمئ الى مفهومها الشعري وتجعل انكشافاته الأولى..
خطابا مجردا.. ينطق ببوح أنا الشاعرة في فضاء متعدد التأويلات..
يتوشى بيقين لحظوي.. غير مؤسس على مرجعية نفسية متعمقة..
في قراءة هواجس الذات واحتدامات عراكها الداخلي.. فيما اللغة تتوشى بفيض اللفظة الوجدانية المفرغة..
من حدس الانتقاء الشعري.. المدلل على غنى التجربة واكمالها:
«« .. يا بحر ..
تلك مجاديفي
ترفو لنهر القلب
أشرعة الفداء ..
غصص تدلت
في دمي
أسرفت في ظني
وأزهقت الوفاء ..»»
** ويشكل استئناسها للذوات الكونية «البحر، الريح، الغيمة، الماء»..
كموجودات يقينية يتلبس الإنسان معها بعلاقة الحاجة والضرورة،
وتوضع في السياق الشعري منادى ومخاطباً..
يتوجه إليه فحوى الحديث الشعري.. واستدعاؤه للإجابة والحوار..
وهو ما يسميه الناقد «رشيد يحياوي» «2» «الحوار الاستعاري».. الذي يتم فيه خلق شخصيات معنوية ورمزية من الطبيعة..
وتناولها في السياق النصي.. وفقا للصياغة الاستعارية.. كما تختارها الشاعرة هنا.. معنية بمظهرها الأول في التركيب البلاغي..
مما يحدث نوعاً من الارتباك.. في استدامة توالي الصيغة الشعرية..
كما في قولها «خربشة الفريق».. فنتوء الجملة المربك..
وحشرها اعتباطاً في السياق.. يضعف تنامي الدلالة ..
ومن توازن الإيقاع.. وانتظامه في مساحة شعرية.. تسعى بدأب لترتيب مساقات وجودها وتنامي حساسيتها..!
*** ونسيج الصوت الذاتي. المتداخل في وجوده وتشيؤه..
مع منطق شعري.. يؤكد الشجن الشعري في تلمس انوجاداته..
وفاعلية احتوائه لتلك الذوات الكونية.. التي يتعالق معها الخطاب الشعري..
وتصير مبتغى.. لوصول البوح.. ذروة انفعاله.. بتلك العفوية...
ومن اليقين السالف المتمثل في متواليات اللغة الذاتية...
وصياغات بنائها المتجهة الى إبراز صوت الذات.. وانشداده الى التعبير والانطلاق والتمثل بيانياً
الى النفي المطلق والمتمثل في تفريغ الحديث الذاتي.. من الفحوى اليقينية.. الى عبثية تتسم بالاعتراف باليأس..
وفقدان الجدوى بالأشياء...!
وهما وجها السياق الشعري في نص «« يا بحر»» الذي يتردد بين يقين الانداء المتوجد بأسى عميق.. ورغبة في تجسير وصول المحتوى النفسي في راهنية انفعاله..
ونفي أي أفق محتمل.. ليقين الوصول ذاته..
«ويداي خاويتان
أمحو بها قفر الظمأ
كل الغيوم تشدني
لا وادياً ينساب
لا شاطئاً يجتاز
لا ضحكة تعدو الونى ..»
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved