Culture Magazine Monday  21/05/2007 G Issue 199
شعر
الأثنين 4 ,جمادى الاولى 1428   العدد  199
 

العراق التاريخ العراق
معيض علي البخيتان

 

 

إلى مَن لهم موعد مع التاريخ.. إلى الأحرار في عراق التاريخ.. إليهم هذه القصيدة القديمة الجديدة.. إلى كل الشرفاء الرافضين للظلم والخنوع والعمالة.. إليهم جميعاً.. والموت للخبثاء والجبناء..

دع هذه الأنفاس تلحم بالغِيَر

وتُدار بالأسمى ومن لي بالغير؟!!

دعها يعب الترب أروع ما حوى

ويعانق النزف الطليق ثرى القدر!!

ويمور في الجذر المذهب ما بقي

في السحنة السمراء من وجع مدر!!

لا.. لن تحيد ولست أزعم أن في

عنق الزجاجة من طلاسمنا الخبر!!

أو أن في قاع الرمال وقد جثت

وحناجر الغيطان تلهث بالمطر!!

سراً وقمقم مارد ودلالة

للآن في الجنس المؤثر لم تنر!!

لكن هذي النازفات يمضها

ألا تراق ولا توغل في العصر!!

دعها ففي ظل العقاب ولادة

مرهوبة التنزيل معرقة السور!!

وافصح مذيب الطهر مما رعشه

في عتمة الصلصال حتى يستقر؟!!

وبما ينيل وأنت ذروة صحوه

شوقاً وفيما يستفز ويحتذر؟!!

ولمن تعاصر من عناء دفقه

وترابه المخضوب لم يخلق هدر؟!!

وعلام هذا الداء يشمخ أنفه

ويلوب مثل النار في كبد الحجر؟!!

حدث عن الحب العنيد وما الذي

يسريه في بدن الوجود المقشعر؟!!

وتزاوج الحب اللهيف وما ورا

ماضيه من ظمأ ومن ليل كفر؟!!

عاقرت نجم التيه أبحث عن دمي

ونفضت ما تحت الحوافر بالوتر!!

ومسحت أجنحة ترنق مثلما

يهوي الفراش الغض محترق الوبر!!

ولثمت أقدام الطريق وأنها

لتسيل من ورق الجفاف وتشتجر!!

للريح في دربي حديث خرافة

وهزيم غادية وبيت من شعر!!

يا حبذا والنور ينضح جبهتي

وكأنني بشرى الزمان المستتر!!

والنسغ من حبات صلب مواجعي

مضغ لها ورق وماض من زهر!!

شعل مكرمة السوالف والحضر

من عهد حرمتها البعيدة لم تضر!!

للخيل في مجرى شراييني كما

شاءت مدى وزرائباً وثرى غضر!!

ومؤرقي حب كأن عيونهم

جمر وخفق ضلوعهم أرب أحر!!

فلما انكفاء البيد وهي شريحة

موصولة الإعجاز مطلقة النفر؟!!

ونياق (مازن) ما لها وحداؤه

وخباؤه وسفور عرض منعفر؟!!

متدافع الشهوات بطن نافج

ومعالف شتى المناجل والأكر؟!!

ومهد هدين بألف ألف حكاية

تدنو وتبعدهم بأذناب البقر؟!!

أكتافه بالرغم تنكر رأسه

خجلاً وسيماء الرجولة تنتحر؟!!

وملامح العربي تفضح خلقه

لوناً ومنتجعاً وعرفاً مدكر؟!!

فيما يموت النخل تحت ظلاله

أم الولادات وفيما المنتظر؟!!

ماذا وهزئي بالجبان وغربتي

من باب دهقان لصفقة مؤتجر؟!!

النار تعصف بالبقايا والذي

في يوم ميعادي زبانية زعر؟!!

ما الحلم ما عرف السياسة ما الذي

ترويه حذاق تصول وتأتمر؟!!

أين الجهابذة الذين عهدتهم

من قائم عضب ومن قلب أضر؟!!

جيل و(مازن) مطرق لا يدري

ما عالج المدماك من عود نخر!!

جيل تقرمد وانطلت حجراته

مما يروم وما يخطط بالذعر؟!!

والحاضنات وما عسى يغسلنه

بالسدر أو في صرصر الريح الخثر؟!!

إني لأمقت أمة لا تنتمي

في جرحها أو قرحة لا تنفجر!!

لي في خيوط الفجر إرث قصيدة

لم تكتمل ويتيمة ماتت خفر!!

وشقوق أطيان تنز قوافلاً

ومعممي سفر شواهده الغجر!!

والموت في أقصى الكهوف رواية

حولي تردد بالبصير وبالحسر!!

وعوالم أخرى أقول لعلها

تجتاز منعطف الحياة بما يسر!!

في دهشة الإنسان أبحر مثلما

في كل حزن لي فواد منفطر!!

أنا إن ذكرت الحب فالطمي الذي

في لحم أبناء (العراق) مدى الذكر؟!!

كوب الغرين بسفحها وبجرفها

وبطلع ما وحمت به من منهمر!!

أشهى من الأشهى مجفف كرمها

وألذ منه المذحجيات العفر؟!!

المورثات عراقة وبسالة

والمترعات من الرحيق المستمر!!

حلت بأوردة الرجال ورددت

حافاتها بالمشرفيات الحمر!!

والمجد مركبه الأعز ودربه

جثث موردة وأعناق صعر!!

والأرض تحبل حين تفرك بالفدا

وتغرغر الفوهات منها بالظفر!!

للخلد يا عرس البطولة والدجى

والشرق إلا ما تفتق من سفر!!

كم من عمود للعراق وكم يد

فوق الغمام، وكم كؤوس لم تدر؟!!

كم قدمت من هيكل متعذر

ضاحي الذوائب حشوه الزاكي نذر!!

وكم انتمت من منة ثرارة

عقدت بمزبدها لممتعض الأمر!!

ولكل ذي وجه تعمد غاره

من ألف خضرة جنة لم تهتصر

فاعبر تلال الموت واغسل رؤية

علوية التأثير شهلاء النمر!!

وافتح توابيت الطفولة ما الذي

تذريه من صلوات قدسي الفطر؟!!

وانثر على أخشابها بعض الذي

زكاه (سعد) و(المثنى) في السحر!!

وجرت عليه مهرة الغيب التي

مست نواصي النجم بالوضح الغرر!!

أدم النحور اليعربيات التي

دارت بعشر وابتدت تخطو عشر!!

تلقى فنون الخصب في أعضائها

متشابك الألوان عذري الصور!!

وتلاحم الضوء المعطر والدنى

وجه تزوقه الفصول وتنتقر!!

تلقى الشموخ المصطفى ومكانة

الشمس أدنى من تناوش والقمر!!

يا مرضع الأحرار من بدء السنا

كم مرضع نفلتك مسحوق العمر؟!!

كم أوغلت فيك الجراح ودلدلت

أثداءها لمقبل والمعتصر؟!!

وكم التوى في صدرها من فطرة

مثل الشغيف من البكور المنتشر؟!!

وكم اعتلت منها دماء أجنة

تهمي فواصلها السماء وتدخر؟!!

يا حرمة التاريخ وهو حضارة

جرت السنون بطعمها فيما غبر؟!!

وانشقت الأفواه عند عرايش

ما بين شطي مزبديها بالعبر؟!!

ماذا ورا ما نلت من مستلطف

وفجاءة عند الطبيعة لم تثر؟!!

قولي ففي الإنسان فضل غريزة

كالشمع أحياناً تذوب وتستعر؟!!

وتدق حتى تمحي الرؤيا وكم

فطن مغيبة السحائن والأثر؟!!

يا معقد الضرم الجموح ومنتهى

وقد اللواعج في المذاق وفي النظر!!

ماذا تخبئ من خلوق أسرة

بالزعفران وما تنهد من ثمر؟!!

وبكل ما في النهر من رحم ومن

نور ومائدة وخلق من شجر؟!!

ومسرجاً دهم الدروب إلى متى

تمشي بأذقان الحوادث والفكر؟!!

يا مركع الطغيان كم نعلت هنا

خفاك من عرش ورأس معتمر؟!!

كم طفت من خلق لثمت عبيره

والخير فيما تصطفيه وتبتكر؟!!

حدث عن الأرواح من أصل الثرى

والأنفس المدروج في الجسد الأبر؟!!

وأروا الدنى ما شئت من حجج لها

في الجو ألسنة مضمخة السفر؟!!

وتتبع الفلك الدؤوب وقل لنا

ما سر هذا الرمل في قصص البشر؟!!

إني لأكبر ما حضنت فكيف بي

ألقاك منتفض السواري منتصر؟!!

ما لفخر إلا ما دفعت بروجه

والشرق إلا في العراق وما سحر!!

كم في صعيدك من نثير عواطف

شماء لم تفضض ولم تنأى بطر!!

ترتج في جوف الوجود نعومة

من عهد (تبع يرعش) تلد البكر!!

شقراء مشربة كما يجري الندى

وتمور أعراق الفحولة بالكبر!!

ومن الرموز المدلجات مع المدى

من رعش طينك عالم لم يختبر!!

فخذ المسار الحر دون بلوغه

تتقطع الأعناق في الغلس الذكر!!

وتوسع الشعل الكبار فلم تزل

عيناك برعمتا الخلاص لمن بصر!!

وامحض بنيك الود تشخب تارة

وتخط ما تبني بأكبدها سير!!

(أعراق) من بيت الطهارة والنقا

ثبنا وخلف الرمل منا ذو نعر!!

وعراب أحرار خلائقهم كما

جلى (علي) واقتضى فجراً (عمر)!!

أبناء من زانوا التواريخ التي

بلت الوجود سوالفاً حتى طفر!!

صعق الصباح على رفيف عروقها

من قبل أن يلد الحديد وينصهر

يتمحص الجمر الطهور بصدقها

والصدق ما لفظ الخبيث المحتضر!!

شعثاً نزف تحية مدموغة

بمصيرنا الأعتى ومذهبنا الأغر!!

ونقول إن الموت خلق واحد

والأرض والشرف العتيد لمن صبر!!

ما (نجد) مرتبط الأصالة ما الذي

في (الرافدين) من الفواتح والأسر؟!!

شعب ومنتهج وسفر واحد

وحمية كرمى العروق لمن صبر!!

إنا وإن جرت الضحايا وارتمت

تلك النفوس على ذبائلها السمر!!

وتسابق الترب الخضيب لحومنا

ومشت به خيلاؤها أبد الدهر؟!!

وتحالف الشيطان ضد بقائنا

وخلود ما ورث الزمان وما ضمر؟!!

و(تمزدك) الأدنى أفصح عن هوى

متزائل عن نزفنا فيما هدر؟!!

ونأى لأن عقيدة وطبيعة

من صلب أجداد لنا تأبى الصغر!!

فأمامنا ووراءنا محفورة

آي تنزل عن لظى علق نضر!!

آثار آثار مؤرجة كما

تتلى بصلب المغريات وتمتهر!!

أ(عراق) هل جاءتك أنباء الأولى

خانوا أم البلوى دليلة من سبر؟!!

ممن رأوا الدنيا بطون حوامل

مثل الجوابي لا تغيض ولا تذر!!

من كل قعديد عوالم دهره

زق وليلاء وعرف من وزر!!

يبغي وفاغرة الضياع تغله

من ذومتي وإلى متى حتى سقر!!

لو صحت في أذنيه ألفاً ما درى

ماذا تريد وما حروف (بني مضر)؟!!

أو شد (عمرو المذحجي) قذاله

وعلاه بالصمصام قطعاً ما شعر!!

الآكلون دنيء ما عجنت يد

والمبتنون من الخنوع لهم جدر؟!!

وهل ادكرت مطأطئين حلوقهم

في كل قارعة تداس ومنحدر؟!!

والوارثين مهازلاً مكتوبة

مما ابتلى (الافشين) فيها واقتصر؟!!

إني لأعلم ما عقلت وإنما

للشعر فاكهة، وللقارئ وطر!!

ولجاجة الإبداع منعطف لمن

غالى وسر الواردين مع الصدر؟!!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة