الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 21st June,2004 العدد : 64

الأثنين 3 ,جمادى الاولى 1425

خطاب التجديد الإسلامي
الأزمنة والأسئلة
مجموعة مؤلفين دمشق: دار الفكر، 2004

يتناول الكتاب أكثر المفاهيم أهمية في الفكر الإسلامي المعاصر: (التجديد ) ، بوصفه سؤال الجدل المعاصر ، بدراسة تاريخية تشكل الخطاب الجديد الذي نسج حوله منذ منتصف الخمسينيات، والمراحل التي قطعها لكي يكتسب المشروعية في إطار الثقافة الإسلامية ، وليكشف عن المنطق الداخلي الذي يحكم البناء المفهومي للتجديد ، بوصفه نظرية مفتوحة لا تكتمل إلا في إطار الفعل التاريخي الواقعي.
ويشير الكتاب إلى وقفة التجديد، بوصفه سؤال العصر، موقف مراجعة لقرن مضى للبحث عن نموذج معرفي مختلف عن النموذج الحداثي الغربي ، وعن النموذج المعرفي السلفي التقليدي في إطار الحضارة الإسلامية. ويدرس التحولات في قضايا التجديد وأسباب التعثر ، ويتعرض للحداثة وأزمتها في مؤسسات التعليم الإسلامية ، وبعض محاولات تجديد الفكر الإسلامي ليكون مدخلا للإصلاح التعليمي. ويقدم نقده للخطاب الإسلامي التجديدي، ويحلله من منظور أبستمولوجي ( أصول معرفي ) واستراتيجي من وجهتي نظر مؤيدي الخطاب ومعارضيه. ويبحث في استراتيجية التجديد والخلفيات النفسية والفكرية للمجددين ، ويرصد تاريخيا عوامل انبعاث حركة التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر. كما يعرض إشكالية التأخير الإسلامي ، ويبحث عن التقدم في الفكر الإسلامي الحديث ، ويقدم بدراسات نقدية تدور حول التراث والتجديد ، ودراسة مفهوم النص الفقهي وإحلاله مكان النص الشرعي. ويستعرض مظاهر التجديد في المبحث الاقتصادي ، وإيديولوجية الحداثة في ظاهرة القراءات المعاصرة للقرآن، ويبين موقف الدين من التغير التاريخي.
من الكتاب:
طبيعة النظام السياسي الإسلامي:
نعني بهذا الموضوع ما يميز النظام السياسي الإسلامي عن غيره بالاستناد إلى الأصول الإسلامية القطعية. ومما هو معلوم لدى العارفين بالفقه الإسلامي، أن الإسلام دين شامل وناظم لجميع النشاطات الإنسانية الروحية منها والمادية، الفردية منها والاجتماعية، السياسية منها والدينية. فهو كما يقال دين روحي عبادي وهو في الوقت نفسه دين سياسي اجتماعي، ولكن الإطار السياسي في الإسلام لا ينبغي أن ينفصل عن الإطار الروحي مع أن الإطار السياسي لم يحدد بشكل أو لون في الإسلام؛ بل حدد بالمعايير الكلية العامة كالعدل والشورى والاستقامة مثلا؛ ذلك أن كل عمل المسلم ومنه السياسة يبتغي الطريق إلى رضوان الله في المعاد.
وحيث إن السياسة في إطارها العام شأن دنيوي ومن طبيعة الأمور الدنيوية التغير والتنوع حسب اختلاف الأحوال؛ فإن الشريعة الإسلامية لم تعالجها، ولم تضع إطارات محددة لها؛ بل اكتفت ببضعة مبادئ عامة هي أقرب إلى مبادئ التشريع في جميع الملل، تنير أولي الأمر وأهل الحل والعقد والمشرعين لوضع التفاصيل المناسبة في الزمان والمكان المعينين، وتركت محددات النظام السياسي لحكمة الإنسان وعقله، ولمصلحة المجتمع وتطوره، وللرأي العام الذي يمثله العرف السليم في كل عصر وزمان؛ طبقاً لحسابات القوة والضعف ووفقاً للمعادلات الظرفية التي تتحكم في العلاقات الجارية.
إن المعايير العامة التي وردت في القرآن، ويمكن اعتبارها لمحات إلى ضوابط سياسية في الإسلام، هي العدل والشورى والأمانة والطاعة (الالتزام) والدفاع عن النفس والدين والاستعداد الدائم له، والتقيد الصارم بالعقود والمواثيق، وعلاقات المودة مع المخالفين الذين لا يناصبون العداء ولا يهاجمون، وعدم العدوان، وغيرها مما يوفر للنظام السياسي الإسلامي الأصل الإنساني لتحقيق السلام والاستقرار الدوليين.
والحق أن مهمة الإسلام هداية الإنسان إلى ربه، وتنمية الملكة الأخلاقية في ضميره وسلوكه، وليس من مهمته فرض نظام سياسي محدد كالخلافة أو الملكية أو غيرهما، أو تجميد الحياة السياسية للمسلمين في قالب محنط لا يتغير. ومن هنا، لا نجد في الكتاب الكريم ولا في السنة الصحيحة ما يحدد التكييف الشرعي للنظام السياسي الإسلامي أهو خلافة؟ أم جمهورية؟ ملكية أم ديمقراطية؟ كما لا نجد فيها ما يبحث الآن في الفقه السياسي الدستوري من تفاصيل الأنظمة السياسية، وصور العلاقات الدولية؛ بل نجد فيها كما أشرنا إيماءات مشرقة إلى العدل والأمانة والاستقامة {فَما اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} «التوبة» والى السلام {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها} «الأنفال».
ومهما يكن الأمر، فإن القول بأن الشريعة لم تفصّل أمور السياسة بقدر ما فصلت أمور الطهارة لا يعني أن وصف النظام بالإسلامي غير دقيق؛ بل يعني أن الشريعة لم تجمد النظام السياسي للمسلمين في قالب محدد لا يتغير؛ بل ترك صياغته لعقول المسلمين وفقاً للظروف التي تستجد في كل عصر وزمان. وهو نظام وضعي لا يختلف عن أي نظام سياسي آخر، سوى أنه لا بد أن ينطلق من الإيمان، ولحفظ الإسلام والأمة، ويتمسك بالعدل وبالمبادئ العامة المعروفة.
والحق أن بعض الناس يظن أن الإسلام لم يعالج السياسة البتة، وأنه دين بمعناه المعروف فلا سياسة بنظرهم في الإسلام ولا إسلام في السياسة. ويحسب آخرون أن السياسة أمر شرعي فحسب. ومفاده أن لا سياسة خارج إطار النص الشرعي أو الاجتهاد الفقهي المستمد منه، ولا سياسة خارج مبدأ حاكمية الشرع. فأمر السياسة عند هؤلاء هو شأن الصلاة والصوم تستمد ضوابطه وتعاليمه من الشرع ليس إلا. ويعني هذا الرأي أن النظام السياسي في الإسلام له قالب تاريخي ثابت، وأن الحكم السياسي مقيد ومسير، ولا مكان لإرادة الشعب المحكوم، ولا لعقل المؤسسة الحاكمة فيه. وبذلك يتميز، ويكاد لا يقترب، من أي نظام سياسي وضعي متطور أو غير متطور. نعم، في أوساط إسلامية عديدة يسود تيار فكري سياسي يكاد يحصر مقاصد الإسلام في السياسة، ويجنح نحو تفريغ الشعائر الدينية من معانيها الروحية النفسية التهذيبية لصالح السياسة والتسييس، وتميل إلى إعلان حرب مستمرة ضد الآخرين دون هوادة. وهو أمر له عواقبه السلبية في الابتعاد عن مقاصد الشريعة السمحة وروحها، وفي تأجيج روح الصراع والعداء والانتقام لدى الآخرين الذين لهم الحق أيضاً في الدفاع عن أممهم وشعوبهم. وهناك تيار آخر يسود غالباً بين فئات من المثقفين والعلمانيين والعقلانيين لا يحسب للإسلام حسابه إلا في إطار زوايا المساجد. وهو تيار فكري سياسي يتجاهل الإسلام السياسي الذي ساد حكمه باجتهاد صحيح، أو بمنهج خاطئ أكثر من ألف وثلاثمائة عام. وهو بعيد عن الحقيقة بعد التيار الأول عنها. أي الوسطية المعتدلة هي السياسة الإسلامية.
والواقع أن الموقف المتشنج السائد في عالمنا الفكري الإسلامي ضد الآخر هو انعكاس لخوف لا مبرر له على ما قد يصيب الإسلام من ضرر جراء زحف الحضارة المادية على مجتمعاته، والمفروض أن العقيدة الإسلامية تكون حصانة فكرية وأخلاقية ونفسية تحول دون انغماس المسلم في بريق الماديات بالصورة التي تخرجه عن دائرة دينه.
يقع الكتاب (312) صفحة من القطع العادي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved