الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st July,2003 العدد : 21

الأثنين 21 ,جمادى الاولى 1424

في كتاب يرصد تجربته الشعرية
المنصور شاعر أضاء سماء القصيدة قبل أكثر من خمسين عاماً في نجد

الثقافية علي سعد القحطاني:
صافحت أحلامه الرمال ومات رجاؤه عندما لاح الفجر صوته كالصدى يهز الكهوف، تتراعش منه الذُّرى، من صوته الدّاوي المخيف، لن يمنع الجبل صداه الداوي، سوف تردّده الكهوف، شاعر يهذي كهذي الساقية، ابدأ تئن، فتضحك الأقدار منها هازئة، أبداً تئن، فصباحُها كمسائها، مكلومة تشكو على مرّ القرون، إنه الشاعر عبدالرحمن المنصور من رواد الشعر السعودي الحديث الذي ولد بالزلفي عام 1340هـ 1920م وسافر إلى الرياض لطلب العلم عندما كان عمره لا يتجاوز سن المراهقة ثم انتقل الى المعهد السعودي بمكة المكرمة عام 1360هـ 1940م ومن ثم سافر الى القاهرة لينال شهادة الليسانس في الفلسفة والشريعة واللغات الشرقية من الأزهر الشريف، نال شهادة الماجستير في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس، من أبرز زملائه في الدراسة بالقاهرة، أصحاب المعالي: ناصر المنقور، إبراهيم العنقري، حسن المشاري، عبدالعزيز الخويطر، وآخرون وفي عام 1373هـ 1954هـ عاد الى المملكة العربية السعودية، وباشر عمله مفتشاً عاماً في مصلحة العمل والعمال بالظهران وعمل مديراً عاماً لشؤون العمل بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1379هـ وتقاعد عن العمل الرسمي عام 1384هـ 1964م ثم تفرغ لأعماله الخاصة، في عام 1372هـ 1952م نشر قصيدته "أحلام الرمال" في مجلة "اليمامة" وتعد أول قصيدة تفعيلة تنشر في أول مطبوعة تصدر في المنطقتين الوسطى والشرقية وبذلك يُعد رائد الشعر الحديث في نجد حيث تقول أبياتها:
أحلام الرمال
مات الرجاء
والفجر لاح
والهضب في غلائله أقاح
وعلى الرمال النائمات على الظمأ
الحالمات
جفونها بالارتواء
فاح الشّذى
شذى زهور لا ترى
قد ضمها
جفن الرمال الحالمات
هي كالصدى
هز الكهوف
فتراعشت منه الذُّرى
من صوته الدَّاوي المخيف
لن يمنع الجبل الصّدى الداوي
تردده الكهوف
لن تقطف الأيدي زهوراً لا تُرى
وإن زُكِمَتْ بعبيرها الوردي أنوف
وقد قام الأستاذ محمد بن عبدالله السيف بتحرير وإعداد كتابه عن هذا الشاعر تحت عنوان "من رواد الشعر الحديث عبدالرحمن المنصور المولود بالزلفي 1920م" الذي قسّم الكتاب الى اربعة فصول:
الفصل الأول: ويشتمل على بعض قصائد الشاعر التي نشرت في الصحف والمجلات وكتب الأدب السعودي.
الفصل الثاني: ويشتمل على ما كتب عن الشاعر المنصور في كتب تاريخ الأدب السعودي ونقده.
الفصل الثالث: ويشتمل على الدراسات والشهادات والمقالات التي تناولت الشاعر المنصور في الصحف والمجلات، وهي التي طرحت مؤخراً عن الشاعر.
الفصل الرابع: ويشتمل على المقابلات والحوارات الصحافية التي تم إجراؤها مع الشاعر ثم ملحق الوثائق والصور.
وكانت الدوافع وراء جمع هذه المادة وإخراجها كما يقول المؤلف في كتاب يطّلع عليه متذوفو ومتابعو الشعر العربي، هو ما مثَّله شعر عبدالرحمن المنصور على الرغم من قلته وعدم استمراريته من أهمية في مسيرة الشعر العربي في منطقة نجد، إذ إنه قد تمرد على النمط التقليدي في كتابة القصيدة، ويعد رائد القصيدة الحديثة في المنطقة وتأتي قصيدة "مات الرجاء" كأول قصيدة تفعيلية تنشر في أول عدد من أول مجلة تصدر بالمنطقة الوسطى وذلك قبل نصف قرن ليكون المنصور بذلك أحد التنويريين الذين قاموا بمهمة تطوير القصيدة وتحريرها من نمطها التقليدي.
لقد صرخ شاعرنا "صرخة الكوخ" عندما زار أحد معسكرات اللاجئين العرب في "غزة" وتأثر من تلك المشاهدات الحزينة المؤلمة فأنشد قائلاً :
صُراخ الجياع
يشق الفضاء
وأنّاتُهُم تحفر الهاوية..
وقد أصيب ذات مرة بحمى مطبقة، أسلمته للأشباح والأوهام لحظات مخيفة، كان من وحيها هذه الصور التي أنطقها قائلاً:
كلما أضاء نجم
دق ناقوس الخطر
واحتدام في النفوس يستعر
وحقود تتشظى
مثلما تنقضُّ شهبٌ
في دياجير الظلام
فإذا الليل انتفاضات جنون مرعبة
وإذا أشباحه مذعورة مرتجفة
روّعتها في الظلام الرُّجم
وقد بكى شاعرنا وهو يهتف بأنّاته للاجئين العرب، عندما شاهد عصابة يهودية تنقضُّ على مدينته الآمنة "الناصرة" وتلهب ظهور النساء والأطفال بالسياط وأنشد قائلاً:
وتثاقلت نفسي تُدمدم في الطريق
شعثاء جلّلها غُبار الراكضين
الراكضين بلا ضمير
الراكضين بلا عقول
الراكضين مع الرياح
أنى تميل
أنفاسهم فيها.. عذاب
أيديهم.. ظُفْر وناب
يمزّقون وينهشون
كل المشاة.. على الطريق
وأشار الدكتور حسن الهويمل في تقريظه للكتاب الى ظاهرة يمتلكها الشاعر، وهي جديرة بأن تستعاد، تلكم هي تجديده الشكلي للقصيدة، وانفتاح النص عنده، فهو قد ناهز النثرية وأوغل في الرمزية، قيل عنه إنه واقعي والواقعية في زمن المد الاشتراكي تحال إليه، وتداول الواقعية ذلك الوقت حساس ومثير وأحسب ان واقعيته اجتماعية، وقيل عنه رمزي ورمزيته تتعالق مع المدرسة الرمزية الألمانية، وقيل عنه انه يستهلم شعر "نازك الملائكة" صاحبة المشروع العروضي الذي استبدل العمودية بالتفعيلة، ولكنه سيبقى شاعراً لا غبار على شاعريته.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved