الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st July,2003 العدد : 21

الأثنين 21 ,جمادى الاولى 1424

مطالعات
"نحيب الأبجدية" شعرية "الصحيح" الفاتنة:
نصوص الديوان خطابات لا تخفي شغفها بالفلسفة..
عبدالحفيظ الشمري

إشارة:
* نحيب الأبجدية "ديوان شعر"
*جاسم الصحيح
*النادي الأدبي بالطائف 1424 2003م
الديوان الشعري الجديد يأتي سادس أعمال الشاعر جاسم الصحيح، حيث وسمه بعنوان "نحيب الأبجدية" ليطل على القارئ من جديد بشعرية وارفة متدفقة يجد فيها القارئ حاجته من المعاني الجميلة.
تلك التي تواثبت في كل قصيدة حتى سجلت ذاكرة الشعر مكانة الصحيح كواحد من شعرائنا الذين يطرقون أبواب التميز ويسجلون حضورهم المبهج بهدوء وثقة وواقعية تحقق شرطية الإبداع الذي يبحث عنه القارئ.
سُبقت القصائد بمقدمة تحاول أن تشرح رحلة الشاعر
خطابات شعرية فلسفية
لا ندري لماذا يأخذ الشاعر جاسم الصحيح على عاتقه مهمة الافصاح عن خطابه الفلسفي كلما حانت لحظة الشعر.. فهذه القصائد التي وردت في الديوان تتداخل فيها معاني ما بعد طرح السؤال لماذا الشعر..؟ وهل هو الخطاب الحاذق دائماً في رسالة الإنسان نحو من سواه..؟؟ فهذه مطارحة أولى ترد على نحو ما اشرنا إليه نجد فيها الشاعر وقد أسرج من خيل الفصاحة ما يرى انه كافٍ لأن يغزو ممالك الفتنة التي تأسره دائماً.. لكن هذه الفتنة التي يرمي إليها تقع في مرمى نظرياته للكون والوجود ليتعدى الوصف لديه حدود الحسي حتى يصل الى المعاني الخفية التي ينطلق منها خطابه الشعري.
الصحيح وفي القصيدة الأولى "رياح فلسفية" يورد اسئلة قوية وعصية.. تنهض جانباً آخر من جوانب خطاب القصيدة ذلك الذي يذهب الى قراءة ما وراء الحالة.. أو ما وراء المقصود:
"أصغي فأسمع طينتي تهذي
وفي روحي شتاء قام يقرأ لي
قصيدته..
مرابط الخوف عند مفارق الكلمات
حيث السهو والصمت من حولي زحام.."
"الديوان ص 21"
ولنا أن نشير الى ان هذه القصيدة "المفلسفة" ترتبط عضوياً بمقدمة الديوان، حيث عمد الشاعر الصحيح الى استعراض دوره النثري لتقديم القصائد، لنراه وقد صاغ من فاصلة الدخول هذه ما يشبه المقدمة الشارحة على غير ما عُهِد لدى الشعراء من اقتضاب واشارة الى مرامي الديوان ونقاط توجهه نحو القارئ.
هي سيرة أراد منها الصحيح ان يشرح
كينونته المأسوف عليها لفرط خذلان الحاضر للشاعر.. بل وتجاهل رؤيته.. وتحجيمه حتى يكون مجرد إنسان يهذي بلا هدف او جدوى..
المقدمة تسبق القصيدة فها هو الشاعر يقيم على ناصية النثر في المقدمة ما أقامه في القصيدة حينما يستجمع جهده المأزوم ليصف لنا رحلة العمر الشقية هذه التي تقال عنها "النخلة" في المقدمة و"جاسماً" في القصيدة الأولى من الديوان حتى سحبت على القصائد التالية بيانات ما ستكون عليه رحلة الشاعر في هذه المقدمة التي شرحت فاجعة الفنان بما حوله.. بل انها اطنبت في توصيف حالة الشعر الذي لا يقوى ورغم مكانته على وأد الألم الساكن في القلب منذ زمن.
نبرة الشعر.. قصائد الرسائل
لا يكف الشاعر جاسم الصحيح في الديوان الجديد على شرح رحلة العناء اليومي.. بل انه وبرؤية شاعر تسيطر عليه فداحة المعضلة ينهض منتصراً من رماد معاركه ليكتظ الديوان ببناء العديد من القصائد التي تأخذ شكل البيان الواسع كما في قصيدة "يا بحر.. يا شيخ الرواة"، لنراه وقد مد بسط الراحة ليفي للبحر بما يستوجبه من منشد عذَّبه اليأس:
"يا بحر.. كلك في مسامرتي فمُ
ما فتح زجاجة ما تكن وتكتم
وأدر أساطير البداية بيننا
سيَّان: شَهْدُ حدِيثها والعلقمُ!"
"الديوان ص 45"
فها هو الشاعر يقع بين يدي البحر مدركاً حقيقة ان البحر وان صمت لن يجد فيه إلا العزاء الممكن من هذه المنغصات والهموم التي تتجاذب الإنسان.. فكيف به حينما يكون شاعراً رقيقاً كجاسم لحظة أن تهطل عليه المعاني بشعرية منتقاة.. لا شيء غير البحر يمكن للإنسان ان يثق به.
القصائد.. بين التوسط والطول
يلمح القارئ أن قصائد ديوان الشاعر الصحيح تراوح بين التوسط والطول.. فقد ألف القارئ فيما يبدو هذا السياق الذي اختطه الشاعر لنراه وقد قدم في كل قصيدة من قصائد الديوان قضية مروية تحتاج الى نفس شعري عميق يتجسد في قدرة الشاعر على صوغ هذه الملحمة الشعرية.
الدواوين التي سبقت "نحيب الأبجدية" لا تخرج عن هذا التصور إذ كتب الشاعر وبلغة قوية عميقة مسهبة فصولاً عديدة من ملحمة الإنسان حينما يتصدى للعديد من القضايا الإنسانية التي يصبح أكثرها شائكاً ومعقداً كلما زاد تناولها.. لكن قد يكون من الأسلم لو أن الشاعر الصحيح وبما عرف عنه من القوة والجزالة لو أوجز وعلى هيئة برقيات محددة من أجل ان تكون مداخلته الشعرية أكثر تقبلاً لتحولات ما حوله.. تلك التي تحتاج الى حديث ربما لا يطول لكنه من الأهمية بمكان أن يكون وارداً في خيال الشاعر وشارحاً له من أجل أن تخرج القصائد مجللة بعظمة الذات التي تنشد الخلاص من منغصاتها الكثيرة.
ورغم هذه الاطالة في أمد قصائد الديوان إلا أننا نجد ان الشاعر الصحيح قد عني بالعديد من القضايا الإنسانية ليسجل العديد من الرؤى لكنه انصرف نحو تمثل قضية الإنسان الذي يشغله بشكل فردي دون أن تكون هناك نقاط اتفاق بينه وبين الآخر.. وهذا ما تؤكده لغة "الأنا" المفرطة.. تلك التي تنغمس بمن حولها لكنها لا تنفصل عن سياق توحدها في الخطاب الشعري:
"هذه الأرض طفلتنا منذ كان المكان
دئبنا نمشط أشجارها
وندلل أنهارها
ونموت لنعقد أجسادنا في التراب".
"الديوان ص 197"
في الديوان قصائد تخرج عن إطار ما أشرنا اليه وكأنها رغبة جلية من الشاعر الصحيح ان يخفف على القارئ نراه وقد ذيل الديوان بقصائد "رباعية" عمودية من أجل ان يكسر حدة الاطالة فهو بذلك يقدم للقارئ اضافة شعرية لا نشك باكتمالها وبهائها.. كيف لا والشاعر الصحيح هو صاحب القلم الشعري المتميز دائماً حتى اننا نراه وقد توج هذه المسيرة الشعرية بعدد من الدواوين بلغت خمسة.. حاز من خلال العديد الجوائز ربما آخرها جائزة "البابطين للتميز الشعري"..
ما ذكرناه في هذه الإطلالة هو بمثابة دعوة لأن يقبل القارئ على هذا العمل الشعري الكبير الذي بذل فيه الصحيح جهداً مميزاً.
+++++++++++++++++++++++++++
* شاعر
+++++++++++++++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved