الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st November,2005 العدد : 130

الأثنين 19 ,شوال 1426

بين (الكوني) و(الحمد)
مخيال سردي متبادل

* الثقافية - عبدالحفيظ الشمري:
ما يميز العمل الروائي ويجعله طلائعيا هو تأسيسه على قاعدة من الوعي العام والثقافة العالية.. تلك الرؤية التي تنطلق من فكر المبدع، وتعتلج في ذاته لتبني منجزه الروائي على نحو من الاكتمال والنضج، وامتزاج التجربة بما سواه من عناصر جذب وتأثير في ذائقة المتلقي.
فلا يشارك الرواية أي فن في هذا السياق لأن كاتب الرواية يتميز في تقديم ذاته بشكل واقعي، يفضي إلى صدق متبادل بين عناصر العمل الأدبي والمتمثل بفن الرواية.
يبقى في المشهد الاستقرائي للعمل الروائي فكرة تتردد حول طاقة الخيال التي تساير تفاصيل السرد الروائي تتمثل بما يعرف بالمخيال السردي الذي لا يقف عند حد معين من طلبه للحكاية وتناوله للأمثلة، وتعالق الفكر بالتجربة.
وخير من يمثل هذا الاتجاه في تعاطي (المخيال) هما الروائيان العربيان إبراهيم الكوني وتركي الحمد، حيث يزدهر الفضاء الروائي لديهما بهالات ضافية من عناصر التشويق في الفن الحكائي، لتتسع في هذا السياق رؤية الإنسان لما حوله من بيئة وشخوص وأحداث.
الروائي الليبي إبراهيم الكوني يذهب في هذا السياق نحو الاستفاضة في شرح تفاصيل بيئة الصحراء.. تلك التي تعد أكثر التصاقا بتجاربنا الإنسانية نحن العرب، ليصبح المشروع الروائي لدى (الكوني) هاجسا استشرافيا لكنه يحمل أبعاد البيئة الصحراوية، في وقت تأتي فيه تجربة الروائي السعودي تركي الحمد أكثر خصوصية وتميزا في سرد المخيال البيئي الذي لا يبتعد كثيرا عن مشروع (الكوني) من منطلق واقعي يشهد للروائيين فيه بقدرتهما على تناول فضاء الصحراء باعتبارها رحما معرفيا وثقافيا للأمة العربية التي لا تزال تتعلق حتى اليوم بجماليات الرمل، وعذوبة الخلاء في المفاوز الأكثر نأيا عن الخلائق التي تبحث عن ذاتها في المدن.
للرمل صوره المعبرة.. تلك التي لا تختلف كثيرا من روائي إلى آخر.. فهي عنصر جذب وتشويق يضفي على العمل قدرات إيحائية تساعد المتلقي على فهم النص والتعامل معه.. في وقت لا يمكن لنا أن نفصل بين رمل يتحرك في الصحراء الكبرى وسط القارة الإفريقية، وبين رمال وخبوب غربي نجد حينما يصفها الروائي الحمد بشكل مدهش يعكس قدرته على توسيع الخصوصية التي وسمنا بها وأصبحت إشكالية تؤكد انغلاقنا على أنفسنا بحكم التجربة الخاصة، والظرف الخاص وما إلى ذلك.
فالكوني والحمد يؤكدان مبدأ توحدهما في هم الصحراء، وعذاب الرمل، وهموم أهله الذين أخذوا يفقدون ثقتهم بعالمهم، دون أن يوجدوا أي حلول لمأزقهم الجديد، المتمثل في التحول والعبث ببراءة صحرائهم.. إلا أن هذا التوحد لا يلغي تفرّد كل واحد منهما بتجربته الخاصة التي يعتد بها، ليقبل القارئ على ما يقدمه الروائيان (الكوني) و(الحمد) باعتبارهما خير ما يتناول عذابات الصحراء، وعذوبة الرمل أو ثورته في وجوه أهله حينما يئن تحت سياط الجلاد المتمثل في رياح (القبلي) لدى الكوني وهبوب (الغربي) على رمال الخبوب.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved