الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st November,2005 العدد : 130

الأثنين 19 ,شوال 1426

في قراءة لبعض أعماله المنشورة في الستينيات الميلادية
المسيطير.. حضور في الشعر والمشاعر وإبداع للشاعر والناثر
توفي في اليوم الثلاثين من رمضان الأديب والشاعر محمد المسيطير - رحمه الله - الذي يعد من الشعراء والأدباء الرواد في بلادنا وقد ذكره الشيخ الأديب عبدالله بن ادريس في كتابه (شعراء نجد المعاصرون) بأنه - أي المسيطير - (شاعر مقل وانفعاله النفساني خاضع للمناسبات وهو من الشعراء الذين كسلوا عن تنمية مواهبهم الشعرية وتغذية ملكاتهم بما ينعشها ويصقلها، ولعل توليه منصب القضاء لمدة عام كامل هو الذي حكم على شاعريته بالسجن لمدة مجهولة الأمد).
وقد كان للراحل المسيطير رحمه الله حضور أدبي وفكري ليس على مستوى الشعر فقط بل كان يكتب وينشر في مجلة الجزيرة في الثمانينيات الهجرية الستينيات الميلادية مقالات في الشعر والأدب والقضايا الاجتماعية بالإضافة إلى المقالات ذات الطابع العروبي والإسلامي في استعراضه لقضايا الأمة العربية والإسلامية.
وفي هذه القراءة السريعة سوف نستعرض معكم بعض ما كان يكتبه الفقيد الراحل. فمثلاً كان يكتب تحت زاوية (لو أدركنا نقصنا!!) كثير من المقالات المتنوعة في مجالها ونعرض لكم جزءا من مقالة (عندما تنعدم المقاييس) يقول فيها:
(وأي أمة لا تقيم للعدل وزناً وليس لديها مقاييس تستطيع أن تحدد فيها المقدار والقيم فهي أمة قل عليها العفاء.
وأي مجتمع قام أفراده يخلطون الحابل بالنابل يخفضون عالمه ويرفعون جاهله ويعزون ذليله ويذلون عزيزه تقذف بهم النزعات الهوجاء ويسودهم الجهل وتتحكم فيهم النفعية البغيضة وتتصارع فيهم النفوس الدنيئة لقتل المصالح وقبر الفضائل وتحطيم القيم الروحية الحية فهو مجتمع فاشل أذن نذيره بالموت.. الموت الأبدي الذي لا تعقبه الحياة).
وفي مقالة أخرى له تحت عنوان (للمجتمع المريض) يذكر فيها لماذا يكتب ولمن؟ فيقول: (إننا حين نكتب فإنما نعيش في مجتمع صاخب عاج بشتى الألوان المتشابهة التي تتطلب من الكتاب والأدباء الجهد في رسم حقائقها وبيان مزاياها الحسنة ومساوئها القبيحة، ثم إنني حين أسلك ذلك الطريق فلأجل أن ألج من ثقوب مجتمعنا المريض إلى قلبه النابض بالحركة المدوية في تقاطيعها الحزينة لنعيش حياته ونرسم ما يسوده من توازن وقبول للتوجيه ومدى ما يمكن في عقله من استعداد لنهج طريق السعادة المليء بالشوك ووخزاته اللاذعة).
وفي مقالة له عن (طريق الإصلاح) يتحدث فيها عن معنى الإصلاح وأثره في حياة الأمم الخاصة والعامة.
يقول: (حين كان الإصلاح بمفاهيمه واتجاهاته المتغايرة وجد من كثير من المتعلقين بأهدابه المتسترين بستره العابثين بقيمه ومفاهيمه ما تمكنوا فيه من العبث بمقدرات أممهم وبعثرتها شذر مذر وراء الرغبات الشاذة والنزوات الشخصية الاستغلالية والاحتيال دون وازع من ضمير رادع من إيمان بالحقوق والكرامات لتلك الحالات النابية رأيت الأمم على اختلاف مفاهيمها تسأل عن نوعية الإصلاح المنحدر من هذه الطريق وعن كيفيته وحقيقته وأهدافه بحيث تميز محتوياته وتجريها على المحك ليبرز زيفها أمام الأنظار).
كتاباته في المسائل الإسلامية
وسنعرض في هذا المجال بعضاً من مقالات الراحل في هذا الجانب ومنها مقالته: (يا رجال الإسلام) التي تحدث فيها عن الضعف والتأخر في الأمة الإسلامية بقوله: (إن عزة المسلمين لم تقم إلا بآياته البينة وحججه المحكمة وأنه لا يمكن بحال من الأحوال عزو تأخر المسلمين اليوم إلى دينهم لأنه كان فيما مضى السبب الوحيد في رقيهم ورفعتهم وشموخهم {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}وكم شهد أعداء الإسلام بأن الإسلام دين عالمي أنصف البشرية جمعاء وضمن لها السعادة والعزة والكرامة).
وفي مقالة أخرى عن (العلم في نظر الإسلام) يقول الراحل محمد المسيطير رحمه الله: (ولو أن العقل الإسلامي سلك مسلكاً جدياً في دراسته للكتاب الكريم والسنّة المطهرة ونظر في الآيات الكونية القائمة التي حفل بها القرآن في كنوزه وأسراره لخرجنا لأمة الإسلام وللعالم أجمع بما يبهر العقول ويستولي على الملكات ويخدم العالم في كثير من ميادينه العلمية والعملية {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ} و{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}.
وفي مقالة للراحل عن (المساواة: العدالة في الإسلام) ما يجعلنا نتعرف أكثر على طبيعة الفكر الذي يحمله الراحل وما ساهم به إبان حياته فهو يقول: (ولدى نظرنا في الأديان السماوية السابقة وفي القوانين الوصفية نرى أن هذه القوانين وتلك التشريعات لم تصل إلى ما وصل إليه الدين الإسلامي في الحرص على مبادئ العدالة والمساواة فقد قرر الإسلام المساواة التامة لعموم الناس في الحدود والحقوق وقضى على العنصرية المتأصلة في النفوس فخاطب الناس عموماً دون تخصيص وأذهب عنهم نعرة الجاهلية وخلافهم في الجنس واللون واللغة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وإنك لتشم من بين سطور هذه الآية الكريمة وخطابها رائحة سمو المبدأ ونزاهة القصد وتساوي الخلق في العدالة الاجتماعية وعدم تفاضلهم إلا بالعمل الصالح وتقديم الحسن ليدركوا الحسنى.
كتاباته الأدبية والنقدية
وللفقيد الأديب محمد المسيطير رحمه الله مقالات متعددة في الجانب الأدبي والنقد فمثلاً كتب مقالة بعنوان: (أدب الشيوخ وأدب الشباب) يقارن فيها الإبداع القديم والإبداع الجديد بما يمثله تيار الشباب المبدع. وله مقالة أخرى تحمل عنوان (من هو الشاعر) يحلل من خلالها وظيفة الشاعر ودوره في بناء مجتمعه ضارباً بعض الأمثلة لشعراء من القديم والحديث، وفي الجانب النقدي نقرأ له مثلاً مقالته (النقد الأدبي ومسؤوليته) وهي مقالة استعرض فيها مسؤولية الناقد الأدبي الحقيقي الذي يعي دوره في الساحة الأدبية ويحاول أن يقدم عملاً صادقاً دون أن تتنازعه فيه الأهواء والمصالح الشخصية.
كما أن للفقيد سلسلة قرارات نقدية لبعض الإصدارات الأدبية والثقافية المختلفة وكانت تنشر في مجلة الجزيرة في باب (مكتبة الجزيرة).
المسيطير.. شاعراً
عرف الأديب الراحل محمد المسيطير بوصفه شاعراً على رغم أنه كان مقلاً في النشر وفي الجانب الآخر من إبداعه النثري فإن حضوره يكاد يكون أكثر طاغياً.
والمتتبع لمسيرته الشعرية يجد أن الشاعر المسيطير - رحمه الله - حتى آخر لحظات حياته كان مهموماً بقضايا أمته سواء فيما يتعلق بالوطن أم ما يتعلق بمحيط العروبة أو الإسلام فقد كتب قصائد في التفجيرات الإرهابية الآثمة التي روعت الآمنين في بلدنا كما أنه له قصائد عدة في فلسطين والجزائر ومصر.
بالإضافة إلى قصائده الوجدانية التي يخاطب بها نفسه أو بعض القصائد التي تتعلق بمناسبات معينة أو تلك التي تهدى إلى أصدقائه الأعزاء.. مثل قصيدة خاطرة التي يقول فيها:
أنا يا أمانيي الغالية
ألملم أشتاتي الباقية
أنا دمعة من مآقي الحياة
تموج على القشرة الفانية
أنا عزمة في الكفاح المرير
تجدد أثوابها البالية
وقد داهمتها صروف الليالي
فهامت على الضفة الهامية
تناغي الحياة بأشجانها
وتبسم للظلمة الداهية
نهاري كليل الأسى لونه
وليلي كأهواله الجاثية

إن الفقيد محمد المسيطير رحمه الله لم يكن شاعراً فحسب بل كان أديباً ومثقفاً حاضراً بقلمه ومشاركاً ومساهماً في بناء مجتمعه.. وهذه القراءة العجلى لا تقدمه كما ينبغي وكما يستحق ولكنها قراءة للتذكير بأهمية ما كان يقدمه الراحل رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved