الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 21st November,2005 العدد : 130

الأثنين 19 ,شوال 1426

أنفاس أخيرة..!!
عادل بن محمد المسيطير

في آخر يوم من رمضان ليلة العيد اختار الله تعالى أن يقبض روح الوالد الأديب الشاعر الشيخ محمد بن عبدالله المسيطير، أراد أن يعود ليصوم رمضان في داره بين أهله فأراده الله فلا راد لقضائه، في تلك الليلة في المستشفى وحتى سويعات الصباح الأولى لم أره إلا منشرح الصدر، متقد الذهن، فرحا بمن حوله لم يرهبه الموت ولم يخفه المرض كان صابرا محتسبا مع علمه بخطورة وضعه.. بل كان مقبلا على الحياة كما عرفته دائما، يعمل لآخر أيامه وكأنه شاب في العشرين.. ويتألم لهموم غيره، وكأنه خالي الهموم. وأتساءل.. ما هذه الطاقة؟! ومن أين له هذا العنفوان؟! وما السر في هذا العزم والثبات؟!
يحيرني صبره وكتمانه!! أحس بدنو أجله وأراد أن يخفي إحساسه لئلا يكدر على الآخرين أو يحزنهم، لم يرد أن يثقل علينا أو يشق على أحد؛ لم يرد أن يحمل همه غيره، ولو كان أقرب الناس إليه..
في رحلتنا الأخيرة إلى ألمانيا وفي كل مساء في ساعات الصفاء عندما كان يترنم بقصائده ويتغنى بأبياته أسارع خلسة وبدون أن يراني إلى تصويره وتسجيل حديثه فما أن يصل إلى قصائد الوداع وأبيات الحزن والرثاء فيكثر منها ثم يوصيني أوقن أنه مفارقنا.. يتمزق قلبي وتنهمر دموعي فلا أجد مفرا من إيقاف التصوير..!!
منذ طفولتي وإدراكي لما حولي ومشاهدتي لأقراني في المدرسة والجامعة ثم في العمل عرفت كم أنا محظوظ بأنه والدي، هذه الشخصية العصامية والعقلية الفذة. رجل مثالي، شهم ذو أخلاق نبيلة ومبادئ واضحة. عندما تقرأ له تجد في أدبه وكتاباته كلمات ساحرة، تعكس ذوقه الرفيع.. وعندما يتكلم تشدك عباراته الرصينة ونبرات صوته المعبرة، لا والله لم أر مثله أبدا..!! وتمضي السنون وأزداد تعلقا به وإعجابا بمبادئه وقيمه وأدرك بعد نظره.. وأشكر نعمة الله علي بأني أعيش معه وأتربى على خلقه، أنهل من علمه وثقافته وأدبه، أراقب أفعاله وأحفظ كلماته أقلده لأكون مثله أو بعضه.. هيهات..!!
قبل حلول العيد وقبل وفاته- رحمه الله- ترنم بقصيدة سجلتها بهدف أن أحتفظ بها له ليراجعها عندما يعود إلى البيت سالما معافى، ولكن..
يا عيد عدت ولم أجد في العيد من يأسو الجراح!!
عيدي وأيامي صدى قلب تمزق بالنواح!!
مرت ليالي العيد أسود من مآسي الوقاح!!
وأشد إيلاما لنا بالضرب من ماضي السلاح!!
يا عيد عد أو لا تعد إني انتفاضات الكفاح!!
***
يا قوم.. من يعد الحياة إلى قوى طفلى الشريد!؟
من يمسح الأحزان عن قلبيه في عطف وئيد!؟
من يجلب البسمات للشاجين في أيام عيد!؟
ويعيد ما قد هدت الأيام من عزمي الشديد!!
خارت قواي وهدها الإملاق والموت الأكيد!!
***
قد عشت مثل حياتكم عيشا كريما ذا عجب!!
وأتيت مثل مجيئكم أشدو بآيات الطرب!!
أشراركم وخياركم لاهون في حمل الحطب!!
أرنو إلى الصبح المنير وليس فجر مرتقب!!
حسبه من الحياة أنه عاش كريم النفس مستقيم الخط صادق العهد لا يكذب ولا يتلون، أحب الله فأحبه الناس، فإلى جنة الخلد يا أبا عبدالله وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved