الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 22nd March,2004 العدد : 51

الأثنين 1 ,صفر 1425

إبداع المرأة وسطوة الرجل
لقد أثبتت المرأة إبداعها ومقدرتها تعزيزاً بالعوامل الحضارية دون سطوة الرجل على كفاءتها وإبداعها وبالرغم من أنها تملك مساحة ضيقة جداً لكي تعبر وتبدع, واعتقد أن سطوة الرجل بدأت تتخلخل وتتزحزح كثيراً ليس فقط في العالم العربي وإنما في العالم أجمع. والمرأة بالفعل حققت الكثير من المكتسبات.. وحققت الكثير من الإبداع الذي يتأكد يوماً بعد يوم وبشكل أكبر.. المرأة لم تكن لها ذات, كانت ذاتاً تابعة.. وذاتاً مهمشة وكانت ذاتاً تخضع ليس لسطوة الرجل فقط وإنما لسطوة القوانين والتقاليد ومتناقضات المجتمع القيمية, لذلك لم يكن بإمكانها الإبداع.. وتأخرت كثيراً عن الإبداع بغض النظر عن بعض الاستثناءات أيام الجاهلية او في بعض العصور الأخرى, وتلك الاستثناءات تعد على الأصابع.. أما إبداع المرأة حديثاً فلا يتعدى عمره الخمسين سنة ولكن لما خرجت المرأة بشكل جماعي للإبداع وانطلقت فلا اعتقد أن هناك من يستطيع ثنيها عن خطوتها ومسيرتها.. وخروجها ما هو إلا تعبير عن تحول في الواقع الحضاري العالمي والعربي معاً, وهذا يعني بأنه أصبح لها ذات مكتملة وحقيقية ومهما حاول الرجل أن يمارس سطوته وهيمنته الذكورية عليها فلن يتمكن لأنها أصبحت قادرة على ان تكتب وتنشر بأضعف الإيمان ستنشر باسم مستعار فلا احد يستطيع ان يوقف الإبداع, وأصبح الذات الأنوثية الحضور الكامل في تعبيرها عن ذاتها وأصبحت هل التي تحلل, وهي التي ترصد الواقع وترصد الرجل أيضاً في نماذجها الكتابية, وهي العين الناقدة للمجتمع وبالتالي ولأول مرة بدلاً من أن تكون المرأة موضوعاً أصبحت ذاتاً وأصبح الرجل أيضاً موضوعاً لتناولها الإبداعي, وبالتالي تخلخلت سطوته من كافة الجوانب إلا في بعض المجتمعات والتي مازالت تصادر إبداع المرأة وتوقفه بسلطة ذكورية. وقد أصبحت المرأة تساهم في كل شيء جنباً الى جنب معه. أدب المرأة كان دائماً في الخانة الثانية بعد إبداع الرجل الذي كان يحظى باهتمام النقاد. وإذا قيل شيء عن أدب المرأة فيقال انه يقع في خانة الأدب النسائي او الذاتي وان الرجل أكثر قدرة على التعبير عن المرأة ومن المرأة نفسها هذه الأمور تغيرت الان وبعدما بدأت المرأة بالكتابة الذاتية تعبر عن صرختها الداخلية أصبحت الان كاتبة موضوعية للكثير من الجوانب. وأصبحت تناقش السياسة والمجتمع والواقع وليس فقط مشاكلها الخاصة او عواطفها أو ذاتيتها الضيقة اذ ان التقليل من شأن هذا الإبداع سطوة مموهة من قبل الرجل ..فالمرأة كائن إبداعي بامتياز لماذا ؟..لأن منطقة الإبداع عندها أكبر مما هي عند الرجل بالرغم من ان الرجل اعطي حرية ممارسة الإبداع أكثر من المرأة وبالرغم من ان المرأة قمعت عن ذاتها وبالتالي قمعت عن تعبيرها الفني عن ذاتها وصفات المبدع التي من بينها الكمون الداخلي والشفافية وحب الطبيعة والحساسية وإحساس الإنسان تجاه العالم والإنسان وقضاياه هي صفات المرأة الطبيعية, فالمرأة في الحياة هي الكائن الأكثر عاطفة والأكثر شفافية وجمالاً لذلك فصفات المبدع هي نفسها صفات المرأة والذي منعها عن الإبداع في فترات سابقة وحاضرة ليس طبيعتها وإنما عوامل القهر الاجتماعي وطبيعة المجتمع وسلطة الرجل, فالمرأة كائن إبداعي بالفطرة وأنا في مقالي هذا أطالب بتأنيث الحياة من خلال أنوثة الإبداع الذي هو في حقيقته تعبير أنثوي لدى الرجل. فالحياة امرأة, والإبداع امرأة مهما مارس الرجل سطوته وهيمنته المزعومة.
إن التهم الزائفة حول التشكيك في منطقة المرأة الإبداعية هي تهم يتحايل بها الرجل دون أن يدري, أو تتحايل بها السطوة الذكورية في المجتمع العربي والعالمي للتقليل من شأن المرأة, والتكريس الإعلامي يتم لأقل الكاتبات قيمة إبداعية وفنية وكأن الرجل يريد ان يقول بصورة مموهة بأن هذا هو إبداع المرأة بينما لا يتطرق أبداً بشكل لافت ومركز إلى ما هو قيم في إبداع المرأة. والإعلام العربي إعلام خطير ويمارس لعبة ذكورية خطيرة فيتم تهميش ما هو إبداعي جيد في كافة مجالات الإبداع النسائية, بينما نجد للأقل قيمة إبداعية طنطنة غريبة, والإعلام العربي يريد أن يؤكد هذا الحضور الضعيف للمرأة المبدعة.


خالد عمر مرعي
koam67@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved