الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 22nd March,2004 العدد : 51

الأثنين 1 ,صفر 1425

من يطبع أعمال هذا الأديب الرائد؟
(الكرسي) و(ناس من الجوف) و(أنا حرة) و(الشعراء الأحمدون) أبرز أعمال العابد

* الثقافية عبدالله السمطي:
تحفظ الأعمال الأدبية للأديب حضوره في الساحة الثقافية حتى بعد غيابه، هذه الأعمال هي البصمة الإبداعية التي يخلفها للناس، ويعمل عليها طوال حياته الأدبية المديدة أو القصيرة، وقد رحل الأديب الرائد عابد إبراهيم العابد فجر يوم الاثنين 74 1423هـ الموافق 1862002م عن سبعين عاماً عاش معظمها في ظل الحياة الأدبية، وفي ظل الإهمال النقدي والثقافي أيضاً، فقد كان الرجل يبحث عن الكتابة الذاتية التي تحمل همومه، ورؤاه الجمالية البسيطة التي تنطلق من هم ورؤية رومانتيكية حقيقية، فقد كان العابد، المولود بالجوف، والذي عاش ردحاً من الزمن بالرياض وشهد تحولاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يحلم. كان يحلم بتواصل حقيقي مع الواقع الأدبي، مع المثقفين والأدباء والكتاب، كان يحلم أن يلتفت أحد لتجربته أن يقدمها أن يقيمها ويقومها، لكن المدينة لا ترحم.. إنه القناع الذي خشي أن يرتديه العابد، قناع التلون، أو الشللية، فآثر الابتعاد، منسحباً إلى ذاته، يقرأ ويكتب، ويؤلف حتى ترك مجموعة من الدواوين، والقصص، والكتب، لكنه لم يتمكن من طبعها في حياته لظروف اجتماعية ومادية، كما أنه ابتعد إلى القاهرة مدة تزيد على الخمس سنوات، ثم عاد إلى الرياض حيث قضى بها سنواته الأخيرة مشتغلا في بعض الأعمال الخاصة التي كانت تعينه على مواصلة الحياة.
لقد كان حلم العابد أن تطبع أعماله في حياته، وأن يراها مقروءة بين أيدي الناس، لكنه لأسباب مادية لم يتمكن من ذلك، فعاش فحسب على صدى ديوانه الأول: (همس الشوق) الذي أصدره بالرياض أواخر الستينيات من القرن العشرين، وقد ضم الديوان: 68 قصيدة من الشعر العمودي وبعض القصائد الغنائية الشعبية. وقدم للديوان الشاعر حسن عبدالله القرشي حيث جاء في التقديم: (لقد سعدت حقاً بقراءة الإضمامة الشعرية النفيسة) (همس الشوق) التي تلطف فأسعدني باتاحة فرصة قراءتها بادعها الشاعر الأديب الأستاذ عابد إبراهيم الجوفي.. وقد بدا لي أن شعر هذه الإضمامة، وهي باكورة إنتاجه، يبشر بمستقبل باهر للشاعر الأديب إذا حرص على إنماء موهبته التي لا مراء في ازهارها حتى تعطي ما ينبغي لها إعطاؤه من الثمار، واعتقادي من واقع قصائده أنه مخلص كل الإخلاص في مداعبة عرائس الشعر، كما أن متذوق فنه يشعر بانسياب أشعاره وطواعية اسلوبه وبعده عنه التكلف والافتعال. ولا أشك لحظة في أنه سيكون لاسمه موضعه من اللمعان والإشراف والتوهج، في سماء الشعر السعودي الحديث، ويومها يمكن للكاتب ألا يكتفي بتحية هذا الشعر بل أن يخضعه لموازين النقد ومعايير التقويم.
ولعل رؤية القرشي لم تتحقق تماماً، فلم يصبح للعابد ولا لاسمه هذا (اللمعان والإشراق والتوهج) لأسباب متعددة، منها عدم تمكنه من نشر واصدار أعماله بشكل منتظم، وتجاهل الكتاب والمثقفين أو انشغالهم بالأصوات الزاعقة أو الحاضرة بقوة في المشهد الأدبي، فيما كان العابد منشغلاً بهموم الحياة ذاتها.
ترك العابد مجموعة من الأعمال الإبداعية والأدبية المخطوطة تتمثل في ثلاثة دواوين شعرية، وفي مجموعتين قصصيتين الأولى بعنوان: (الكرسي) والثانية بعنوان: (ناس من الجوف) تضم المجموعة الأولى وهي مفسوحة من وزارة الإعلام (والثقافة فيما بعد) تضم 22 نصاً قصصياً منها: جار السوء، حيل التمساح، قبل المحطة الأخيرة، خفقات، جهد ضائع، النملة وحبة القمح، الجدة والحفيد، وابتسم الحظ أخيراً، والكرسي، وتضم المجموعة الثانية 12 نصاً منها: الحلم، الأرواح المنفية، أحباب الغربة، يا رب ضيف، والانفجار.
ابن الجوف:
قدم عابد العابد الجوفي لمجموعته: (ناس من الجوف) التي كتبها مستدعياً شخوص قريته، بمقدمة يبين فيها عادات أهل الجوف وكيف يقومون بإكرام الضيف، وكيف يطلقون الألقاب على بعضهم البعض وأشهر هذه الألقاب ومنها: (طنقرها، وعبادي، والزعيمة، ومعيعان، وصفرة) وغيرها من الألقاب التي يرى البعض أنها ألقاب سيئة، والبعض الآخر يعتاد عليها، كما تناول الأكلات الشعبية في الجوف، أما القصص فتدور كلها في الجوف كفضاء مكاني لشخوص قصصه.
وفي هذه المقدمة يقول العابد: (لا أعمم أي شيء فكما يوجد الشر في ديارنا يوجد الخير، وكما يوجد القبح يوجد الجمال، لذا يجدر بي أن أدعوكم لزيارة الجوف، ففيها الكثير من الجمال والكثير من الخير، فمن العادات التي لم يستطع الزمن التأثير عليها إكرام الضيف بل والسعي إلى الضيوف والبحث عن الغريب لاستضافته وسنرى في حكايات هذه المجموعة نماذج طيبة، ومن الأشياء المحببة إليهم الغناء الجماعي فلا يتركون مناسبة تمر بلا غناء).
وتضم مخطوطات إبراهيم العابد أيضاً مسرحية بعنوان : (أنا حرة) تتكون من ثلاثة فصول وعشرة مشاهد. ومن كتبه التي أعدها للنشر ولم تنشر كتاب بعنوان: (ينبوع الحنان) ويضم 110 مرثية اختارها من الشعر العربي القديم والمعاصر، وقد انتهى من إعداد هذه المختارات الشعرية في 8 5 1413هـ (3 11 1992م) بالقاهرة.
كما أعد الجزء الأول من كتاب بعنوان : (الشعراء الأحمدون) عرف فيه بالشعراء الذين تبدأ اسماؤهم باسم (أحمد) مع نماذج من أشعارهم، وقد ترجم في هذا الكتاب لـ16 شاعراً هم: أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، وأحمد الكاشف، وأبو عامر أحمد بن شهيد الأندلسي، وأحمد مخيمر، وأبو العلاء أحمد المعرين وأحمد مطر، وأبو الوليد أحمد بن زيدون، وأحمد فؤاد نجم وأحمد الصافي النجفي، وأحمد غراب، وأحمد لطفي، وأحمد حسان الصغير، وأحمد أبو نصر المنازي، وأحمد بن محمد الأرجاني، وأحمد بن يوسف. وقد كان رحمه الله يعد للجزء الثاني الذي كان سيضم بقية الشعراء مثل: أحمد شوقي، وأحمد فتحي، وأحمد دحبور وغيرهم لكن وافته المنية دون أن يتم هذا الجزء.
عرفت في لحظات متأخرة قبيل وفاته أنه كان عسكرياً، ووصل إلى رتبة متقدمة ثم تقاعد وتفرغ لشؤونه الشخصية وللكتابة، وعاش في القاهرة أواخر الثمانينيات الميلادية وأوائل التسعينيات في ظروف قهرية، وتعرف على بعض الأدباء بالقاهرة ومنهم الشاعر: أحمد فؤاد نجم. وقد تواصلت معه قدر المتاح في سنواته الأخيرة، وحصلت منه على قسم كبير من كتبه المخطوطة، لكن ظروف الطبع والنشر لم تكن مواتية لنشر أعماله التي وبغض النظر عن قيمتها الفنية تعد تاريخاً وشاهداً جمالياً على مراحل زمنية مختلفة في الجوف والرياض والقاهرة أيضاً.
إنني أرجو من المهتمين بالإبداع والثقافة بالمملكة أن يبادروا لنشر أعمال هذا الأديب الرائد، كما إنني أتقدم لصاحب السمو الملكي أمير منطقة الجوف أن يتبنى طبع أعمال هذا الأديب ابن الجوف الذي كتب وعبر كثيراً عن هذه المنطقة العامرة بالخير والجمال كما يصفها الأديب الراحل.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved