الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 22nd May,2006 العدد : 154

الأثنين 24 ,ربيع الثاني 1427

صدى الإبداع
حمزة شحاتة (1909-1972م) (1 - 8)
د.سلطان سعد القحطاني

مقدمة
ولد حمزة شحاتة في مكة المكرمة، سنة 1328هـ - 1909م، وكانت البلاد تمر بأزمة ثقافية بين التجديد والتقليد، والرفض في أحيان كثيرة، ومن جانب آخر، كان هناك تطلع لظهور ثقافة جديدة، على أنقاض الثقافة التقليدية، تستقي منها بعض الأفكار وتجدد في أخرى وترفض البقية، ولم يجد الشباب الحجازي - على وجه التحديد - صياغات جديدة تفي بالغرض أحسن من العكوف على منتج البلاد العربية المجاورة، في مصر وبلاد الشام، هاتان البلدان، هما اللتان تمركزت فيهما الثقافة العربية على أيدي التنويريين العرب، الذين استقوا الثقافة الحديثة من الغرب، وأدبوها على الأسلوب العربي، ولن أتحدث في هذه المقدمة عن نشأة حمزة شحاتة على الطريقة التقليدية، التي درج عليها كثير من الباحثين، فقد درس كغيره، وتعلم وقرأ، لكن ليس كل من قرأ وتعلم يعد في عداد المبدعين، فالتلقي شيء والإبداع شيء آخر، فشحاتة خلق وخلق الفن في دمه، قرأ فاستوعب، وأعاد الإنتاج من جديد، وقلد في بعض شعره، كما يرى بعض الباحثين، وأبدع في الكثير منه، وكانت له رؤية خاصة في الكون وفي الحياة، فلسف المواقف المختلفة في شعره ونثره، وحاور الأدباء المبدعين والنقاد المحترفين، والعلماء المتفقهين، فكان حواره منطقيا، ودارت بينه وبين الكثير منهم مواقف نقدية، فكان معتدلا في دفاعه، وتغزل فباح بمشاعره في أدب نابع من وجدانيات مكنونة، وتأمل في الخلق وفي الكون، فكان فيلسوفا محللا، ومتأملا مدركا لأسرار الكون حينا، ومتسائلا في أحيان كثيرة، شكا حالته الاجتماعية بصدق، ونقد السائد من العادات بموضوعية، وبث كل أشجانه في شعره، وصور الحرمان الذي عاشه في صورة المجتمع المحروم.
وظلم في حياته وبعد موته، ولا أدعي أن هذه الصفحات التي حددها نادي جدة الأدبي - مشكوراً - ستفي بالغرض لإنصاف هذه القمة التي قال عنها الأديب العريق، والمثقف الذي عاش في زمن شحاتة، بل رافقه في الكثير من أطوار حياته (عزيز ضياء) إنها لم تكتشف، وفعلا لم يكتشف، وقد توجه الدارسون في الجامعات - وفي البحوث العلمية في غيرها - إلى أناس لم يبلغوا شأوه بالدراسة والتحليل، وجمع شعرهم ونثرهم في رسائل تبلغ من الطول ما يزيد على حاجة المدروس، بل إن التكرار والتقليد قد ملأ الصفحات، وكأن البحث العلمي يقدر بالوزن وليس بالكيفية التي يجب أن يكون عليها، لكن بعض الجهات الثقافية السعودية أسهمت بجهد تشكر عليه، وسيبقى في سجلها إلى الأبد، ومنها (شركة تهامة للنشر والتوزيع) التي نشرت نص محاضرته القيمة (الرجولة عماد الخلق الفاضل، في زمن لم يعرف فيه نص في محاضرة عامة بهذا النمط الجديد من التفكير والطرح، لذلك أثارت الكثير من الجدل ودارت حولها المناقشات على صفحات الجرائد وفي منتديات المثقفين، ونشرت ديوانه - وإن لم يكن كل ما جمع في الديوان يمثل شعره كله - كما أصدرت كتابا يتضمن رسائله بعنوان (رسائل إلى ابنتي شيرين) وكتابه (رفات عقل) كما أشار إليه الدكتور محمد عبدالرحمن الشامخ في دراسته للنثر في السعودية على أنه من أوائل من تركوا أثرا في النثر الفني، كما تحدث عنه الباحثون في الشعر السعودي ضمن دراسات شاملة، وأثنوا على موهبته ومحافظته على عمود الشعر وتجديده في الشكل والمضمون، وعبقريته الفذة، وما ذلك إلا نتيجة ثقافة أسسها على حب وشوق للثقافة، تدعمها موهبة فذة، فقد تعلم مثل غيره، لكنه اختلف في قوة الموهبة، كل ما ذكرته في هذه المقدمة لم يفِ حق هذا المبدع المفكر، وقد أحس بهضم حقه في حياته، فهاجر إلى مصر، وقضى بقية حياته فيها، ولم يكن الحال بأحسن مما كان عليه في المملكة، حتى عاد إليها محمولاً على آلة حدباء، ليوارى الثرى في مثواه الأخير بمكة المكرمة سنة 1392هـ - 1972م.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved