الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 22nd May,2006 العدد : 154

الأثنين 24 ,ربيع الثاني 1427

استراحة داخل صومعة الفكر
جرح الليل
سعد البواردي

د. إبراهيم محمد الزيد
96 صفحة من القطع المتوسط
ليس الليل وحده الذي ينكأ ضحاياه بالجرح.. النهار أيضاً له جراحاته.. الإحساس بالوجع لا وقت له.. ولا هوية له.. ولا مكان له.. أن يواكبنا. ويناكبنا ونحن قيام. ونحن نيام. ونحن جلوس.. تارة بمقدمات محسوسة.. وأخرى بمفاجآت ومواجهات غير متوقعة.. وجرح شاعرنا الليلي الزيد ربطه بالليل لعله الأدرى بجرحه وتوقيته..
بدأه بعزيمة المواجهة والمجابهة كي يهزم الهزيمة لا أن يطأطئ لها رأسه ويستسلم لتداعياتها
ولقد هزمتك يا هزيمة
فعبرت أفكارا جميلة
ووقفت موقف صامد
صلب القناة. ولي عزيمة
ولقد كبوت بعثرة..
فتقوَّلوا.. من ذا يقيمه؟!
حسناً جاءت ارادة شاعرنا صلبة العود تتحدى الخطر.. وتتصدى له دون أن تهون أو تلين.. لأنه حر..
كانت جراحاتي عظيمه
والحر تجرحه الجريمه
كانت مشاعر يعرب
حرى تقطعها النميمه
والشامتون تجمعوا
يحكون عن فِكر ذميمه
وهنا بيت القصيد:
الجرح وحَّد أمة
قامت بملحمة عظيمة
فإذا العروبة قوة
تخشى وليست بالغنيمة
لعله أراد بهذا الاعتزاز حرب شهر رمضان المبارك يوم أن جندت أمتنا العربية كل إمكانياتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية وفرضت واقعها كقوة سادسة حينها.. ولكن ماذا بعد؟ الشامتون عادوا إلى مواقعهم.. والجرح النازف في جسدنا العربي المنحول أفضى بنا إلى الفرقة.. والقوة التي لم نحسن توظيفها بعد أدت بنا إلى الضعف.. تحسبنا جميعاً وقلوبنا شتى.. ومع صخرة شاعرنا الزيد:
لا تغضبي يا صخرتي
لا تؤخذي من فعلتي
اذ جئت نحوك هاربا
هل تحسنين تحيتي؟!
حتى الصخر يا صديقي وهو الصلب القوي يرفض تحية الهاربين.. ولكن لماذا الهرب. أسبابه ودوافعه.. إنه إحساس باطني مغلق بستار الخوف الذاتي.. شاعرنا طارده شبح الظلام الذي يخيم على السفح.. لجأ إلى القمة عله يلقى بعيدها من نهار
صونيه عن همس الريا
ح على سفوح القمة
وليته ترك السفوح واختار بدلاً منها الروابي الأكثر اقتراباً من القمة.. (فلربما) مقطوعة ذات دلالة إرشادية اجتماعية تحكي واقع تجربة مرة نعايشها تلخصها الحكمة القائلة: (عدو عاقل أفضل من صديق جاهل).. الأول يبنيك.. والثاني يهدمك ويؤذيك..
فلربما كان الصديق
من العدو أشد غشا
يلقاك يبسم ثغره
وبقلبه حقد تفشى
يلقاك بالوجه الكذوب
إذا أتيت إليه هش!
وإذا ابتعدت هنيهة
نبذ القناع وهام نهشا
عظة أخلاقية ملؤها الصدق.. نبذ القناع جملة صائبة.. وإن كنت أحسب (خلع القناع) أقرب إلى الصواب
(جراح الليل) حيث العنوان للديوان.. وحيث كره الليل الشديد لشاعرنا:
إذا جَّن الظلام يضيق صدري
وأفرح عندما يأتي الصباح
بعض أسباب كرهه:
وينعم غيرنا بلذيذ نوم
ويمضي الليل تعصف بي الرياح
إنه هنا أشبه بالمشرد الذي أرض له وطاء. ولا سماء له غطاء..
خيال شاعرنا مرعوب من أهوال الظلمة ما إن يحاول مَدَّهُ حتى يرتد إليه خاسئاً وهو حسير.. لأنه موثق بقيد الليل وجراحاته..
أراني في المسير بدون قصد
ضياع قد يظن به طماح!
أمرُّ بغربة. وعذاب وجد
حبيس ليس يقربني انشراح
يكفيه من آله أنه وحيد يشعر بالغربة المتوحشة لا دار له. ولا خيار لديه.. يرقب الشمس حين بزوغها كي يقلب فيها طرفه لعله يلقى في وميضها روح وراح له.. ويتساءل في النهاية:
أَإنْ ضاقت بنا سبل. وغاصت
لنا سبل إذا اختلطت فساح
وهل تبدو الشموس وقد تلوت
بآفاقي.. فيغمرها انفتاح؟
وهل يأتي بعيد العسر يسر؟
وبعد الصمت هل يحلو الصداح؟
أسئلة يطرحها.. دون إجابة.. مشكلة الإنسان إنه يطرح أسئلة يدرك إجابتها لو أنه وضع الأصبع على الجرح.. شاعرنا مفتون بحب وطنه. وكلنا كذلك نموت حباً وتعلقاً بأوطاننا..
صافي التغني بحب الدار من باس
اذا أتى الحب عن صدق وإحساس
فحبك الدار. حبك منك ساكنها
وحبك الأرض إيماء إلى الناس..
بيته الثاني أعاد إلى ذاكرتي مقولة مجنون سلمى. أو ليلى. لا يهم
أحن إلى الديار ديار سلمى
أقبل ذا الجدار وذا الجدار!
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
شاعرنا بكل تأكيد يحب وطنه أناسه. وديارا. وخيارا..
أفدي ثراكِ بلادي أينما وُجدت
يدافق من دماء القلب والراس
إنه لا يبالي في سبيل حبه ما يلقاه من عنت.. وجهد:
فموطن المجد لا أرضاه ممتهناً
ولو فقدت به ترداد أنفاسي
فجدة الرحل في أرض ولو ظمئت
أغلى من التبر بل أبهى من الماس
هذا هو الحب الكبير الذي يتعالى على الجراح لأنه حب إيمان.. وحب الأوطان من الإيمان.. ومن الوطن الأم.. إلى الحب الذي يستوطنه قلباً وعاطفةً مشبوبةً.. (كيف نلقاك؟!)
تبسمت ثم قالت: كيف نلقاك؟ يا هائماً من بهذا الدرب أغراك؟ إنه فتى أحلامها.. هي التي تدخر حيلة في البحث عنه إلا أنها ضلت السبل ولم تظفر بمرآه.. ترى هل رد عليها؟! يبدو أنه ظل صامتاً يستمع.. ويستمع.. ربما ليزيد من ضرام شوقها إليه وتعلقها به.. إنها تقول في النهاية..
رفقا بنا إن أطلنا في تشوقنا
الحب أنطقنا.. إنا عشقناك..
من منطق الحب أن نحمي توددنا
من أن يضيع. ولا يحميه إلاك..
لقد استخدمت في خطابها الشعري له لغة التعظيم.. لغة الجمع وهي مفردة.. كأن تقول (بنا) و(تشوقنا) و(أنطقنا) و(عشقناك) وهي لغة جائزة إلا أنها غير مستحبة..
أوصلنا شاعرنا الزيد إلى نهر الحب كي نغترف معه بعضاً من قطراته العذبة.. حب كان وطنا.. ووطنه الصغير كان (أبها) حيث الجمال.. والطبيعة الأخاذة الآسرة..
كنتِ أبهى من الاقاح وأحلى
صمتك الحر لم يكن بالغريب
هاكِ قلبي فتحته فاغرقيه
أبيض اللون كالسحاب المهيب
وددت من شاعرنا المجيد لو أنه تخلى عن حرف الفاء في كلمة فاغرقيه.. ولو أن شطره الثاني جاء على النحو التالي (أبيض اللون مثل مزن مهيب) البياض مصاحب للمزن حين تواجهه أشعة الشمس..
فيك معنى الوفاء إن جئت يوما
حائر هائما بعصر رهيب
قلت اهلا. ومرحبا. ثم سهلا
عش بقلبي. وفي مجال رحيب
لن يضام الشعور (واديك ابها)
نهر حب.. وفوقه كل طيب
لماذا فوقه وحده.. الطيب من فوقه ومن حواليه.. حسناً لو أبدل مفردة فوقه بمفردة حوله إنها الأكثر اتساعاً..
(ما بال قلبك) أغنية مواساة لمن تأسى ومن حوله ما ينسيه مأساته..
ما بال قلبك في هم وتسهيد
حديثك الآه كالحيران في البيد
وجنة الله في عينيك ماثلة
عذراء باسمة.. في بهجة العيد
يطرح أمامه كل الصور الجميلة التي قد تأخذه إلى رحاب الفرحة والأمل.. الشمس الساطعة.. الورد في كمائمه.. الفجر ببشائره.. الأغصان في تراقصها.. الطير في تغريده.. إنه يستحثه الخروج من سوداوية نظرته المتشائمة..
فطلق الآه.. ما الآهات موصلة
إلى فهمه الأوهام. والدود
من يطلب المجد والعليا بلا سبب
رمى به الوهم في ذلة وتشريد.
لا أحد يا صديقي يطلب المجد دون سبب.. حري أن يأتي بلا تعب.. المجد الوصول إليه شاق ومضنٍ.. ولن يكون أبداً بلا سبب. ومن (وادي أبها عسير) إلى (شهار الطائف) يأخذنا شاعرنا معه في رحلة ممتعة تتقاطع فيها الصور بين جماليات السرد الشعري. وجماليات الصورة.. والمزج بين الحبين.. العاطفة والعقل.. الجسد والروح..
ووجدت نفسي في شهار
ما بين منتزه. ودار
وعلى الضفاف فريدة
ريَّا يحار بها النهار
ربطت (لوُح) طرفها
حور. وفي الخد احمرار
حوراء شاعريته يتدفق أمل الحياة في قلبها.. قوامها يتثنى وهي تشخصه بعيون والهة. هكذا صورها
وقفت تطل كشاعر
فقد التأمل في الحوار
وعلى الجبين غلالة
شفت بقايا من خمار
كل هذا الرسم الشعري الوجداني حفظناه كمتلقين.. أو متفرجين.. ماذا بعد هذا التوصيف الكثيف في جمالياتها؟ لقد رسمها شاعرنا قمراً أضاء جوانحه. أبحر في بحر نظراتها عَبَر آلاف الديار.. وفي النهاية عاد إلى (وُجِّه) و(شهاره)..
ألفيت قلبي واجما
ما بين (وُجّ) و(شهار)
قلبي يرف على يدي
قد عاد مبتهجا.. وطار
إلى أين طار لا أدري.. وإلى أين اختفت عروس شعره لا أدري.. ربما السر في بطن الشاعر..
شاعرنا الزيد امتطى بساطه السحري وحلق طليقاً يرتاد جماليات وطنه هذه المرة إلى (نجران)
نجران يا فجراً أطل على النيام
يا قمة شماء طاولت الغمام
إلى أن يقول:
نجران ملحمة تموج بها البطوله
ريانة بالمجد.. ترويها الرجوله
نديانة معطاء تعمرها الفضيله
نجران الأمنية. ونجران الأغنية. ونجران الملحمة.. ونجران النماء.. والفداء.. والإباء صفات ومواصفات لجزء من وطننا الغالي أسبلها عليه استحقاقاً.. وعناقاً.. ووفاقاً.. كان وفياً لنجران الذي يستحق منا جميعاً ألا ننساه قولاً. وعملاً..
الحس القومي في وجدان شاعرنا متوهج.. تحدث عن زنجبار وعن جوليوس الذي أودى بأرواح عشرين ألف من سكانه..
عشرون ألفاً قد قتلتَ وما رديتَ من الدماء
وطردت آلافا لجهلك قد حسبتَ بهم غباء..
ليست زنجبار وحدها التي تعتمل أوجاعها في صدره الدروب جميعها تشكل له ضيقاً وفزعاً ورفضاً إنه يتحدث عن الدروب المظلمة الظالمة..
تهت ما بين الدروب المظلمات
واعتراني الشك في أزهى حياتي
كلما أغمضت عيني هاربا
من رؤاه لجَّ في تلك الشكاة
إنه اليأس الذي ضاق ذرعاً به.. والذي لاحقه كظله وطارده كشبح مخيف.. الظلام بكل أشباحه وخفافيشه مرعب يحتاج إلى شموع تبدد وحشته.. كما قال كونفشيوس حكيم الصين العظيم (لا تلعنوا الظلام ولكن أوقدوا الشموع)
شاعرنا يتحدث عن الغناء بأية صورة رسم لنا لونه ومذاقه ورائحته إن كان للغباء لون وطعم ورائحة
ألاقي في محبتها عناء
وتلقى في مودتنا وفاء
وتطعمني اللقاء بها صباحا
فتخلفني وارتقب المساء
وامنحها الوداد بكل قلبي
فتجهبني. وتحترم الرجاء
أراها في الدنو كبعض نفسي
ونفسي يا أخيَّ بدت سماء
على هذا النحو من سرد العناد من جانبها.. نكران الأمس.. واحتساب الوفاء رياء. العناد والجرح في مقابل البراءة والوصل.. الشوك بدلاً من الشوق.. مع هذا الشيء ونقيضه ترتسم علامة تعجب عريضة لديه..
وأعجب أنني أتعبت نفسي
فلا حقاً أصبت ولا رداء
وصلت بها الغرور وقد تمادى
وأُبْتُ وفي مزادتنا خواء
وبعد متاعب من طول سعيي
عرفت مسيرتي. كانت غباء
يا صديقي الوفاء أبداً لا يكون غباء.. وفيتَ لها فتنكرت لك.. لا أنت بالغبي بحبك.. ولا هي الغبية بنكرانها.. إنها لعوب ماكرة تريد إشعال نار دون إطفائية.. دعها للزمن لسوف يؤدبها.. اسمعها صوت كوكب الشرق وهي تغني
حسيبك للزمن
لا عذاب. لا عتاب. ولا شجن
تشكي مش حاسأل عليك
تبكي مش حرحم عينيك
ياللي ما رحمت قلبي
دارت الأيام عليك..
ونحن جميعاً معك في دورة شعرية.. من محطة إلى أخرى كلها تشويق (كيف عادت) و(ليل وقمر) و(لم لا أعود) و(يا قمر) و(تباريح الشجن) محطات لم يسمح بنا زمن المسيرة اللاهث التوقف عندها لكثرة المحطات المنتظرة.. (هيا نعود) موقف متمرد تستحقه تلك اللعوب الماكرة.. لعله يعنيها أو يقصد ماكرة أخرى لعبت بخياله إلى درجة الخبال..
فكرت أن أنساك
وأن أزيل من خواطري هواك
وأن أمر راحلاً هناك
هناك للبعيد.. لا أراك
إلا أنه احتار في مسيرته. وأخذ ينسج خيوط فرقته راسماً لوحدته طريقاً آخر منافياً لمودته.. كان عليه أن يرحل
ورحت في مسيرتي
مهاجراً من بلدتي
مجاهراً بسلوتي
يخاطبها.. أو يخاطب مخيلتها. لا أدري
قولي بأنني جحود
قولي.. نسيت أنني جمود
قولي.. كما تبغين. أني لن أعود
من بلدته التي ذاق فيها مرارة الجفاء والصد رحل إلى المدينة لعل وعسى.. قد يحالفه الحظ ويلقى العوض..
قصدت جانب المدينة
ألوذ من عيونها الفطينه
محاذرا دروبها الأمينه
تحار بي وساوس سجينه..
لعل الهروب الذي لا يعني طلاق الحب.. وإنما انطلاق القلب نحو رحلة لقاء جديد ينسيه لوعة الماضي..
(كنف النجوم) محطة جديدة شغلت بال شاعرنا الزيد وشاغلته فلا هو استوطنها حباً. ولا هو استبطنها هزيمة..
مازلتُ أشرب للقماص راح
والناس في طرب وفي أفراح
يتبادلون من الوداد عواطفا
وعواطفي مشبوبة بنواح
أناس في واد وهو في واد آخر.. هم لبسوا ثياب السعد أما هو فق اتشح سواد الليل رداء له.. لماذا كل هذا؟
لكل هذا الانفراد والانطوائية المحببة لديه هروباً من واقع لا يحس به. ولا يستأنس لحاله وجد نفسه يمتطي بساط سحره الشعري نحو الخيال محلقاً فوق الضباب بعيداً عن ساحه التي ضاق ذرعا بها..
أبني من الأفكار جسراً ناعماً
تحيا به الآمال بعد جماح
أجتازُ فيه من الوجود عوالما
بَعُدت.. وكنت طويتها بجناح
فتراح نفسي بعد طول وساوس
وتقر عيني بالفضا اللماح
مفردة (فتراح) إخالها محتاجة إلى إصلاح.. الصحيح (ترتاح).. همسة لصديقي الزيد خذني معك إن كان بساطك السحري يتسع لأكثر من راكب في فضاء الخيال العلوي.. جميعنا في حاجة إلى نزهة عقل.. ورحلة حكمة.. للهجوم نظرته في مذكرة الشاعر.. هجوم إرادة لا تنثني.. وكرامة لا تهون.. وحياة لا تقبل الوهن..
لا تسألن عن الصديق
وخذ الحياة من الرفيق
من عاش ينتظر الرفاق
فقد تمدد كالغريق
على هذا المنحى جاءت أبياته حازمة جازفة تعمق مفهوم العمل من أجل تحقيق الأمل دون انتظار ولا كسل..
فافتح طريقك بالكفاح
المر. إن جثمت صخور
عليك اجتيازها تسلقا.. أو حفرا.. كي لا ترتد لك خطوات..
اعمل سواعدك الجريئة
في الأصائل. والبكور
وخض الحياة بعزمك ال
جبار. بالحزم الكبير
وإذا تزاحمت المناكب
فانهض إلى المسير..
ما عاش من ترك الصراع
لكي يسائل عن نصير
بهذه الرؤية تحرك قلمه.. إنه يقول ما قاله شاعر قبله..
ما حك شفرك مثل ظفرك
فتول أنت جميع أمرك
ويمضي في مقطوعته (حين الهجوم) المحطة قبل الأخيرة لهذه الرحلة معه:
ومتى تكاثفت العواصف أو تلبدت الغيوم
وتجهم الأفق الكبير من الرياح. من السموم
ورمتك بالرعد الغضوب وزمجرت حين الهجوم
ونفت عليك قداءها وقد استبد بك الوجوم
إياك أن تحني الجبين. وتستكين إلى الهموم
مفردة (ونفت) أجهلُ المقصود بها.. قد تكون. وقد لا تكون.. أحسب أن مفردة (رمت) أكثر وضوحاً للمعنى..
وأخيراً مع آخر محطة.. عنوانها غير مشجع فهو يعني الويح.. ولكن هذا قدرنا مع شاعرنا الذي آثر نهاية الويح على نهاية المسك:
لست أشكو من الحياة لبؤس
أو مشوق أضر بي يوم نحس
لست أشكو مرارة العيش لكن
كل شكواي من جريرة جنسي
يمقتون المقل من غير ذنب
وهو فيهم محقر حين يمسي
كاد يقول لنا من يعني:
طيروا للفضاء بضع رجال
وعلى الأرض من يئن لبؤس!!
أسسوا للدمار صرحا قويا
والسلام المهيض من غير أس
عرفناهم يا شاعرنا.. إنهم أولئك الذين أذاقوا الشعوب المستضعفة ويلات الحرور طمعاً في احتلالها وإذلالها والتحكم في خيراتها.. إنهم الأغنياء مادة.. وإنجازاً علمياً.. الأغبياء سياسةً.. وتنكراً لحقوق غيرهم.. إنهم الطامحون إلى الفضاء الطامعون في الأرض..
ينبذون الزنوج في كل أرض
عقدة اللون أتعبت كل حس
وإذا قلت يرعوي القوم قالوا
إنما أنت مَنْ أُصيب بمس
مفردات تهمة المس والجنون لم تعد كافية.. الإرهاب تهمة جديدة تنتظر كُلَّ مَنْ قال كلمة حق.. كُلَّ مَنْ ناضل من أجل تحرير وطنه.. كُلَّ مَنْ قال للمحتل عن أرضه ارحل لا مكان لك هنا.. حق قوة الأقوياء سبقت قوة حق الضعفاء يا صديقي
وبعد.. بعد رحلة ممتعة مع شاعرنا المجيد د. إبراهيم محمد الزيد. عشنا معه. وعايشنا إرهاصات فكره.. المزيج من الشكوى. والوجع. والتمرد.. وأحياناً الحيرة التي لا تعني الغباء وإنما المساءلة وطرح الكثير من علامات الاستفهام والتعجب..
بعد هذه الرحلة أودعكم إلى لقاء متجدد بإذن الله.


الرياض ص.ب 231185
الرمز 11321 فاكس 2053338

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved