الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 22nd May,2006 العدد : 154

الأثنين 24 ,ربيع الثاني 1427

أنت مرشح: ابعث نأسف!
الجوائز في دار المسنين
*الثقافية - عبدالله السمطي:
تبلغ قيمة جائزة الكاتب الكبير نجيب محفوظ للرواية العربية (1000) ألف دولار، ومع أن هذه القيمة المادية متواضعة بالقياس إلى جوائز فردية عربية مثل سلطان العويس، والبابطين وسعاد الصباح ومحمد حسن فقي وباشراحيل إلا أنها تحظى بمتابعة إعلامية ضخمة، وتنشر متابعات صحفية وحوارات ولقاءات مع الفائزين بها، ولعل أهميتها تنبع من أمرين : الأول : قيمة الاسم، حيث إنها تحمل اسم نجيب محفوظ الروائي الكبير، والعربي الوحيد الفائز بنوبل للآداب، والثاني: أنها صادرة عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة التي تقوم بترجمة العمل الفائز إلى الإنجليزية، وأية جائزة تدخل فيها الصفة الغربية تأخذ بعدا إعلاميا كبيرا، مهما كانت القيمة، ولننظر مثلا لجوائز مثل: البوليتزر، والجونكور، وبوكر وهي تمنحها مؤسسات أحيانا لنجد أن قيمتها المادية قليلة بالقياس لجائزة الملك فيصل العالمية مثلا، مع ذلك فإن هذه الجوائز لأنها غربية تأخذ حيزا إعلاميا ضخما، ويحتفى بالفائزين بها احتفاء كبيرا.
ولدينا في العالم العربي لا نشعر بكبير اهتمام بالأسماء الفائزة بالجوائز العربية، ولعل ذلك يعود لعدة أسباب: أولها أن الفائزين مع التقدير الكبير لإبداعاتهم هم أدباء معروفون تماما فحين يفوز سعدي يوسف أو محمود درويش أو عفيفي مطر أو إدوار الخراط أو جمال الغيطاني أو الراحل محمد الماغوط بجائزة العويس، فهذا لا يمثل جديدا أو أمرا مفاجئا للقارئ العربي الذي قرأ أعمال هؤلاء وتشبع بها تماما، فضلا عن أن هذه الأسماء ومن في مستواها موجودون آناء الليل وأطراف النهار في كل المنابر الثقافية العربية، صحفا، وإذاعات، وفضائيات، ومجلات، ودوريات أدبية وثقافية، وقرأت أعمالهم على نطاق واسع، ثانيها: غياب عنصر المفاجأة التي تقدم مبدعا فذا جديدا للساحة، فهذا أمر شبه مفقود في الجوائز العربية، كذلك فإن هذه الأسماء الكبيرة نفسها فازت من قبل بعدة جوائز تشجيعية وتقديرية محلية ودولية. وثالثها : أن هذه الجوائز قد ينظر إليها على أنها نوع من الدعاية لصاحبها، وهذا قد يكون أمرا صحيحا في تأويله الأولي، لكنه في بعده العميق يحمل رؤية مثالية جمالية تهدف إلى رعاية الأدباء والمبدعين في هذا الزمان الذي اتسع فيه الخرق على الراقع، وتوجهت فيه حركة الأموال العربية إلى السفسفي والسطحي واللاهي والمسلي والفصفصي و الصابوني و الزبدي إذا صحت الاشتقاقات والنسبة.
ورابعها: أن المبدعين العرب والمثقفين بوجه عام، كبارا أو صغارا، غير مرغوب بهم رسميا أو إعلاميا، وإذا كان ثمة من رغبة فهي رغبة ديكورية إكسسوارية في أغلب الأحيان.. ولهذا لا يعني الناس من فاز أو من لم يفز بهذه الجائزة أو تلك.
خامسها: لا يوجد زخم إعلامي تشويقي من قبل القائمين على هذه الجوائز، عبر : التخمين ببعض الأسماء الفائزة، أو تسريب بعض المعلومات بقائمة معينة من الأسماء، أو باكتشاف أسماء جديدة فائزة، كما تفعل الأكاديمية السويدية في جائزة نوبل العالمية، فيجيء إعلان النتائج في الجوائز العربية باهتا وباردا، ومتوقعا أحيانا.
ثمة أمر خامس، وهو الإحساس الكبير بالإحباط لدى الأجيال الأدبية التالية للرواد من بعض الجوائز العربية الكبرى مما قد يصرف مبدعين متميزين من أجيال مختلفة عن التقدم لهذه الجوائز.
إن جائزة سلطان العويس مثلا تضم اليوم أكبر مكتبة أدبية في العالم العربي، لأنها تقوم بترشيح كل من يتقدم لها من الأدباء الذين قد يصل عددهم لأكثر من 250 أديباعربيا، تتصل بكل أديب، وتقول له:
أنت مرشح للفوز بجائزة هذا العام فأرسل لنا بجميع مؤلفاتك حدث هذا مثلا - مع الشاعر شوقي بزيع، والشاعر حسن فتح الباب، والشاعر عبدالله الزيد، والروائي إبراهيم الناصر الحميدان، وهؤلاء لم يفوزوا بها أبدا ولن يفوزوا؛ لأن هناك أسماء معينة مسبقة سيتم منحها الجائزة من كبار الأدباء للدعاية والشهرة، وبالتالي فإن إدارة الجائزة تقتل الطموح الأدبي للفوز لدى الأدباء الذين لم يحوزوا شهرة أدبية كبيرة بعد. أمر أخير، وهو أن الجوائز الكبرى في معظم الأحيان يفوز بها كبار السن أمد الله في أعمارهم فهم آباؤنا وأجدادنا وهذا أمر جميل، لكن قيمة الجائزة، غبطتها وفرحتها حين تمنح لأديب في سن متوسطة يستطيع عبرها متابعة مشروعه الأدبي الإبداعي، فيخدم بذلك أمته وأدب بلاده وثقافتها، فهو سيكون منتجا حين يكون في عمر يسمح له بالحركة والتنقل والجهد الكبير، ويشعر بالفرحة والحافز المادي والمعنوي قبل أن يذهب لدار رعاية المسنين.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved